أيّتها الحوامل.. “باطوارات” في انتظاركن!
دق الاتحاد الوطني للقابلات والنقابة المستقلة للقابلات، ناقوس الخطر من كارثة في طريقها إلى مصالح التوليد في المستشفيات في حالة استمر الوضع المتعفن، الذي تعيشه الكثير من المستشفيات، على حاله دون تدخل مباشر من المسؤولين للوقوف أمام ما قالوا إنّه قد يصل إلى فرار جماعي من “مهنة الحياة” الملقاة على عاتق القابلات، مؤكدين أنّ حادثة صور مستشفى قسنطينة البشعة مطابقة للعديد من الحالات المشابهة في كبرى المدن الجزائرية.
كشفت السيدة عقيلة قروج، رئيسة الاتحاد الوطني للقابلات، الأمينة العامة للنقابة المستقلة للقابلات، لـ “الشروق” عن حقيقة ما يعيشه القطاع الحساس من عقبات كبيرة تكاد تعصف به، مؤكدة أنّ القانون الأساسي الخاص بالقابلات غير مطبّق مع غياب تكوين متواصل جاد للقابلات وعدم تنصيب مجلس تأديبي للوظيفة.
كما تحدّثت عن تماطل السلطات في تعيين النصاب القانوني الخاص بالمناصب العليا للقابلات في المستشفيات، البالغ عدده ثلاثة، الذي من شأن تطبيقه تحسين أداء القطاع، إلا أنّ هذا غير مطبّق وأغلب المستشفيات، بحسبها، تمّ تعيين منصب إلى اثنين فيها بعيدا عن الطرق القانونية. وطالبت المتحدثة بمراجعة سريعة للقانون الأساسي ووضع نصاب محدد لأعداد عمليات التوليد الملقاة على عاتق القابلات بما يتوافق والمعايير الدولية. ذلك أنّ المنظمة العالمية للصحة وضحت أنّ كفاءة القابلة متلازمة مع احترام معدل 175 امرأة في السنة للقابلة الواحدة. في حين إنّ العدد، بحسبها، يصل في الكثير من المستشفيات الجزائرية إلى 500 امرأة للقابلة الواحدة في الشهر، مرجعة ذلك أيضا إلى غياب الثقة بين المواطن والعديد من المصالح الجوارية ما يدفع المواطنين إلى التوافد الكبير على المستشفيات الكبرى. الأمر الذي يعوق تأدية المهمة في الظروف المناسبة ما يؤثر على القابلة والمرأة والمولود جميعا، داعية إلى إرجاع الثقة واقتصار المستشفيات الكبرى على الحالات العسيرة.
ومن بين العراقيل التي تواجهها القابلة، بحسب السيدة قروج، هو غياب الحماية القانونية لها. الأمر الذي جر العديد من القابلات إلى أروقة المحاكم، مشيرة إلى تراجع المتابعات حاليا بفضل تدخلات الوزير إلا أنّ ذلك مازال يفتقر إلى حماية قانونية متكاملة. وتوجهت إلى السلطات والمجتمع قائلة إنّه إذا صدمتكم الصور البشعة التي نشرت من قسنطينة أو غيرها، فهذه الصور تراها القابلة يوميا إضافة إلى الوفيات التي تبقى في مصلحة التوليد ساعات طويلة، متسائلة عن مكانة المرأة وتوفر شروط الحياة في هذه الظروف، مشددة على وزير الصحة، عبد المالك بوضياف، بالتدخل العاجل وإجراء مراجعة شاملة للقطاع قبل حلول الكارثة.
من جهتها، تواصلت “الشروق” بعدد من القابلات حيث أبدين العديد من الجوانب المنسية في حياتهن علاوة عن تحمّلهن أكثر من طاقتهن؛ وأشارت إلى أنّ عاملات في الريف دون حماية قانونية وتتحملن مسؤولية أي خلل لوحدهن نتيجة غياب المؤسسة والطبيب المرافق، وتساءلن كيف لقطاع بهذا الحجم والأهمية أن تبدأ العاملة فيه بأجر قاعدي لا يتجاوز 3 ملايين ونصف المليون سنتيم في حين تأخذ زميلاتهن في تونس مثلا ضعف المبلغ مع توفر الحماية. كما أنّه حسابيا لو تعمل القابلة في المستشفيات الخاصة وتأخذ بكل امرأة 5000 دج فراتبها يصل إلى 25 مليون سنتيم، وأرجعت سبب ذلك إلى عدم إلحاق السلطات لوظيفة القابلات إلى القطاع الطبي والإصرار على تصنيفه مع شبه الطبي رغم اعتراف الوصاية بأنّه طبي منذ سنة 1991 ومنحها الحق للقابلة في كتابة وصفة طبية محدودة، بل وتصل القابلة، تكمل، إلى إجراء حتى بعض العمليات الجراحية المصغرة أثناء التوليد. وتحدثت أيضا عن العمل الطبي المتنقل للقابلة حيث تصل المتحدثة مثلا إلى الحدود التونسية لمعالجة المرأة في بيتها، محذرة بدورها من أنّ القطاع يعيش نقصا فادحا وتنازلا مستمرا وصل إلى الحديث عن منع رفض إعطاء التقاعد للقابلة مع عدم الإقبال على هذه المهنة وتململ من بقي فيها من الأوضاع الكارثية.