-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أَكْذَبُ دولة

أَكْذَبُ دولة

قد تضطر ظروفٌ حرجة شخصاً أو دولةً إلى الكذب فَيُعْذَران، وفي ديننا الإسلامي الحنيف الواقعي قد يكون الكذبُ “مَحْمُوداً”، كالإصلاح بين أخوين متخاصمين، أو استرضاء الصاحبة بالجنب، أو مخادعة لعدوٍّ؛ فهذه أمور يجيز ديننا للمرء أن “يكذب” فيها لما فيها من مصلحة خاصة أو عامة. ولكن أن تكذب “دولة” بِنُخَبِها ومؤسساتها وتتحرى الكذب حتى تُكتَبَ عند الإنس والجن بـ”الأكذب”، فهذه دولة شاذة في عالَمِ الدول.

من ذلك أن شاعراً عربياً “نصراني الديانة” وصف هذه الدولة بـ”الأكذب”، فقال مُوصِياً أُمَّتَهُ العربية التي تَجَرَّعت الصبر على يد هذه الدولة الأكذب:

فلا تَرْكَنُوا لِأَكْذَبِ دولة

 قامت سياستُها على البهتان

وهذا الشاعر هو رشيد سليم الخوري.

وسأكتفي اليوم بذكر كذبة واحدة لو مُزِجَت بمياه المحيطات لأَحَالَتْ زرقتَها سَوَاداً.

في سنة 1930 احتفلت فرنسا بمرور قرن على تدنيسها الجزائر بجميع أنواع القاذورات المادية والمعنوية. ومما فعلته إخراج سلسلة من الكتب الصغيرة الحجم أطلقت عليها اسم “Cahier du centenaire de l’Algérie”، والجزء الرابع من هذه السلسلة عنوانه: “Les grands soldat de l’Algérie”، وقد كتبه مجرمٌ فرنسي كذُوبٌ بلغ بفضل الإجرام والكذب إلى رتبة جنرال، هو بُول آزَانْ (1874-1951)، وكان مدير قسم التاريخ في الجيش الفرنسي، ورئيس أكاديمية العلوم الاستعمارية.

يقصد الجنرال الكذاب بـ”كبار” الجنود في الجزائر، أولئك الضباط الفرنسيين المجرمين الذين نالُوا تلك الرتب العالية بسبب ما ارتكبوه من جرائم لا بما خاضوه من معارك.. ومنهم دوبورمون، ودوبْري، وكلوزيل، ودوق أورْليون، ودوق نمُّور، وبيجو، ولامورِسْيِير، وشَانْجَارْنِيي، وكافينياك، وبيدو، وراندون…

في الفصل الرابع من كتيبه وعنوانه “les indigènes” تحدَّث عن خائن أَنْعَمَت عليه فرنسا المجرمة برتبة جنرال، إنه الخائن مصطفى بن إسماعيل، وتحدث أيضا عن يهودي اسمه يوسف…

ولكن الكذبة الكبرى هي حشره للمجاهد عبد القادر بين هؤلاء المجرمين، ومع هذا الخائن، وذلك اليهودي، فما كان المجاهد عبد القادر فرنسيا، ولا يهوديا، ولا “حركيا”، ولكنه كان رَجُلاً مجاهدا، شريفا، قاتل بمروءة وشهامة أكبرَ جيش في أوربا، وأَلْحَقَ به –وهو العديم الخبرة العسكرية- هزائم، سارت بذكرها الركبان، وتحدّث عنها الرجال والنسوان؛ بل قاتل على ثلاث جبهات؛ جبهة “الحَرْكى”، وجبهة الجيش المغربي، والجيش الفرنسي.

لقد تمنى هذا الـ”بول” –حاشاكم- أن يكون عند فرنسا رجلٌ شهم، يقاتل مقاتلين بشرف الجندي، فلما لم يجد من بني قومه من يتخلق بأخلاق الجندية –لا الإجرام- سرق منا هذا الرجل البطل الذي له همّة تعلو بأخمصها النجم.. كما كان بيجو يسرق الأطفال الجزائريين ويسلّمهم إلى لِصٍّ يرتدي لباس الرهبان اسمه بريمو، ويقول له ما معناه: يا أيها القسيس عَلِّم هؤلاء الأطفال النصرانية حتى إذا كبروا لا يطلقون علينا النار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!