إحياء يوم الهدنة في الجزائر
في هذا الوقت من السنة، ستلاحظون أشخاصا في المملكة المتحدة يرتدون زهور خشخاش ورقية حمراء والتي ينتجها الفيلق البريطاني الملكي لتشترى مقابل تبرع صغير من أجل دعم قدامى المحاربين في القوات المسلحة البريطانية وعائلاتهم. إلا أنها تعني أكثر من ذلك بكثير، إذ ترمز إلى مدى أهمية تذكر كل ما ندين به لأولئك الذين ضحوا بحياتهم خلال أدائهم للواجب.
إن استخدام زهرة الخشخاش مستوحى من قصيدة “في حقول فلاندرز”، التي كتبت إبان الحرب العالمية الأولى. إذ تشير أبياتها الافتتحاية إلى آلاف زهور الخشخاش التي كانت أولى الزهور التي نمت فوق قبور الجنود في فلاندرز، وهو إقليم أروبي وقعت فيه بعض أكثر المعارك دموية في الحرب العالمية الأولى. حيث إن صور حقول الخشخاش، أين أريق فيما مضى الكثير من الدم، قوية بشكل لا يصدق. وقد اقترحت زهور الخشخاش لأول مرة كرمز للذكرى في 1918 واعتمدها الفيلق البريطاني سنة 1921.
ويتم ارتداؤها عند اقتراب يوم الذكرى، وهو يوم الأحد الأقرب إلى تاريخ 11 نوفمبر يوم الهدنة، وهو الذكرى السنوية لانتهاء أعمال القتال في الحرب العالمية الأولى على الساعة 11 صباحا سنة 1918. ويتم إحياء يوم الذكرى “للاحتفال بمساهمة الجنود العسكريين والمدنيين من رجال ونساء بريطانيا والكومنولث في الحربين العالميتين والصراعات التي تلتها”. ويتم إحياء هذه الذكرى في المملكة المتحدة باحتفالات قرب النصب التذكارية للحرب في معظم المدن والبلدات والقرى، حيث توضع أكاليل زهور الخشخاش على النصب التذكارية ويتم وقوف دقيقتي صمت على الساعة 11 صباحا.
كما تحيي السفارات البريطانية في جميع أنحاء العالم هذه المناسبة بطريقتها الخاصة، وغالبا ما يكون ذلك مع الشركاء الدوليين. وقد قمنا هنا في الجزائر بدقيقتي صمت في السفارة يوم الاثنين وسنقيم أيضا قداسا على أرواح جنودنا في إحدى مقابر حرب الكومنولث في الجزائر. وسنقيم القداس هذه السنة مع نظرائنا الألمانيين والصربيين في الجزائر، الأمر الذي يعد رمزا في حد ذاته عن النجاح الاستثنائي الذي حققته المصالحة في خلق سلام دائم في أوروبا.
وينتهز العديد هذه المناسبة الكئيبة لتذكر أفراد الأسرة أو الأصدقاء الذين فقدوهم في النزاع. وأنا أعلم أن هذه المشاعر موجودة بعمق في الجزائر، وأثناء مراسم إحياء يوم الذكرى لن أتذكر الضحايا البريطانيين والأوروبيين في الحروب العالمية فقط، بل سأتذكر أيضا أولئك الجزائريين الذين حاربوا بشجاعة كبيرة وفقدوا أرواحهم. فقد قدمت القوات الجزائرية إسهاما لا يمكن إنكاره في الانتصارات التي تم تحقيقها في كلا الحربين العالميتين ويجب ألا تنسى تلك المساهمة أبدا بل تستحق المزيد من الاعتراف.