-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إساءة‭ ‬للثورة‭!‬

قادة بن عمار
  • 3954
  • 4
إساءة‭ ‬للثورة‭!‬

مندوب سوريا في الأمم المتحدة، رجل مستفز من الطراز الرفيع، حيث يُشعر الجالسين أمامه، وهم يستمعون لتقاريره إزاء الوضع المتوتر في بلاده المتفجرة، أنه قادم من سويسرا أو السويد، وليس من بلدٍ يقتل النظام فيه أزيد من مائة شخص يوميا، أو حتى لا نزعم أن النظام وحده من‭ ‬يقتل،‭ ‬فلا‭ ‬ريب‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الاستبدادي‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬لمائة‭ ‬شخص‭ ‬يموتون‭ ‬يوميا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬جهات‭ ‬ما،‭ ‬لا‭ ‬نراها‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬ولا‭ ‬نسمع‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬قناتي‭ ‬الدنيا‭ ‬والتلفزيون‭ ‬السوري‭ ‬الرسمي؟‭!‬

 

هذا المندوب قال في أحد تقاريره أنه مستاء من العرب، وهو السوري الذي تربى على النشيد الوطني الجزائري وثورة المليون شهيد عندما كان صغيرا، فتعلم حب الجزائر قبل سوريا، وحفِظ قسما قبل نشيد بلاده، علما أن هذا الموقف قاله منتقدا الجزائر قبل أن تتراجع هذه الأخيرة عن موقفها وترفض الاستعانة بقوة أجنبية على الأرض.. لكن، على من يكذب هذا المندوب، ولماذا لم يتحرك أي مسؤول جزائري ليقول له أغلق فمك، ولا تستعمل اسم الثورة الجزائرية على لسانك الملوث بالكذب والنفاق دفاعا عن الأسد وشبيحته؟ لماذا ثار الجميع حين شاهدوا علم الجزائر‭ ‬يحرقه‭ ‬بعض‭ ‬الحثالة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬من‭ ‬المحسوبين‭ ‬على‭ ‬الثورة،‭ ‬ولم‭ ‬تتحرك‭ ‬شعرة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬هؤلاء‭ ‬عندما‭ ‬استعمل‭ ‬مندوب‭ ‬سوريا‭ ‬اسم‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬العظيمة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬عروبة‭ ‬نظام‭ ‬قاتل؟‭!‬

 

حمدا لله أن واحدة من بنات الشاعر الكبير نزار قباني تحركت لتتبرأ من استعمال قصيدة الشاعر الكبير ضمن الديباجة التي قدمها المسؤول السوري ذاته في الأمم المتحدة، وهو يعلم جيدا أن الأسد مثل غيره من الطغاة، كان يقصدهم نزار حين وصفهم أكثر من مرة بقتلة الياسمين؟ ألم يرهن هذا الدكتاتور البلاد والعباد والتراث والثروات والأنهار والأشجار والثمار والذكور والإناث والأمواج والبحار على طاولة القمار؟ ألم يقل نزار، أنه في كل عشرين سنة، يأتي إلينا رجل معقّد يحمل في جيوبه أصابع الألغام؟!

ولكن نزار أخطأ، حيث لم يعد الطغاة والمستبدون يكتفون بعشرين عاما فحسب، بل باتوا من أصحاب العقود الثلاثة والأربعة، وأحيانا يسرقون منا العمر كله، لولا البوعزيزي رحمه الله، وثورة الياسمين في تونس. وإن كان هنالك ميزة واحدة لهذا الربيع العربي المبارك، فيكفي أنه أجهض‭ ‬مشروع‭ ‬التوريث‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بلد،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬واليمن،‭ ‬وتونس،‭ ‬وليبيا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى،‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬الثورات‭ ‬درسا‭ ‬واحدا،‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬لا‭ ‬تموت‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ظهرت‭ ‬جامدة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • فيصل الجزائري

    بصراحة أنت كاتب حر وجريء وصاحب كلمة حق ولا تطبل ولا تزمر كبعض الكتاب ، كلامك منطقي ولا يختلف عليه اثنان واعيان ومدركان للحقيقية ، أشكرك على هذا الطرح الوجيز والمعبر عن ما يجول بخاطرنا وقولبنا، لا أدر ي يا اخي الكريم لماذا بعض الأشخاص من العامة وحتى من الكتاب والمفكرين ومنهم من عندنا في الجزائر مازالوا يطبلون لنظام بشار ، الحقيقة واضحة الشعب الشوري ثائر ويريد اسقاط النظام وفي المقابل النظام يقصف ويقنص معظم الشعب السوري وحتى من هم على الحياد ويرتكب أبشع الجرائم في العصر الحديث

  • يوسف

    نعم الشعوب لا تموت وان ظهرت جامدة مقولة تكتب بماء الذهب كالبركان يظل خامدا لسنوات ولربما لقرون خلت لكن عندما تلوح صفارته في الافق بالانذار يجرف كل ما في طريقه يقول المثل الشعبي : "مر على واد هدّار ولا تمر على واد ساكت "

  • كريم الشرقي

    ـ السلام عليكم ، أعترف لك سيدي أنك كاتب شريف و لا تخشى في الله لومة لائم ، فأنت لست مثل أولئك الذين يخدرون القراء بمقالات تحرض على الكراهية ، و تقف ضد ارادة الشعوب

  • jazeera jazeera

    نعم الشعوب لا تموت حتى و ان تجمدت في اروقة سقيع السياسة ...و السيايين ....