-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إستراتيجية إعادة الاحتلال

سهيل الخالدي
  • 1669
  • 0
إستراتيجية إعادة الاحتلال

أين هم الذين أطلق عليهم ثوار الربيع العربي؟ لا أحد يوجد اليوم من هؤلاء، فقد تراجع الجميع.. تراجعت المعارضة بكل أشكالها وألوانها وفنادقها، وتراجع صانعوه وصانعوها من الأمريكان والسعوديين والأوروبيين والأتراك والإيرانيين.. الكل لحس كلامه وتراجع؛ فالأمريكي والأوروبي يدعمان اليوم بشار الأسد، حتى أردوغان لم يعد يذكر العثمانيين، أما السعوديون فيكتفون بدور ساعي البريد العالمي بين واشنطن وموسكو من جهة وبين هذه المعارضات بقصد الحفاظ على دورهم في الصيرفة السياسية، وسجل التاريخ أن فئة الحكام العرب هي من أردأ أنواع البشر تحكمنا بقوة الأجنبي ولحسابه. وهاهو الأجنبي بعد حوالي قرنين من بداية احتلالنا، يعيد احتلالنا من جديد.

 صحيح جدا أن هذه الاحتلالات تعني بدرجة ما أن القوى الدولية لم تتمكن طوال قرنين من تذويب المجتمع العربي كما تشتهي بالضبط، وأن الأنظمة التي فرضتها علينا لم تعد صالحة للخدمة ووجب تغييرُها، ولكنها تعني أيضا أن الاحتلالات أحدثت اختراقات واسعة في المجتمع واستعملت أرانب اندفعت كبقية سهام من أعماق التاريخ لم تحسن الأداء هي الأخرى فدفعت القوى الدولية والإقليمية للحضور بعديدها وعتادها لتحتل أراضينا.

 لم يعُد أي نظام عربي يتشدّق بأن لديه أي مشروع أمة، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى القومي، وحتى المواطن نفسه لم يعد لديه أي مشروع شخصي يتخطى تدبير كفاف يومه، وهاهو المواطن العربي يقاوم نتائج الاحتلالات بطريقين:

1- يقوم باختراق حدود الدول الكبرى التي هي سبب مأساته ويسبِّب لها مشكلة في عقر دارها غير مسبوقة في التاريخ، لا أظنها ستتمكن من حلها دون أن تتخلى أو تعدِّل هذه الدول الكثير من قوانينها ومواقفها وطموحاتها الاستعمارية وثقافتها. إن أوروبا بدأت تعاني من نتائج سياستها ضد الشعب العربي طوال مائتي سنة خلت.

2- يقوم بإنهاء قوة السلاح، فالحجر الفلسطيني ألغى السلاح النووي وسلاح الصواريخ وسلاح المدافع… وحوّل الجيش الإسرائيلي إلى شرطة مرور، ويبدو أن جيوش تونس ومصر في طريقها إلى ذلك.

 ماذا يمكن أن ينتج عن إعادة الاحتلال؟

 يمكن أن نقرأ في المشهد القادم في الوطن العربي ما يلي:

1- انتهاء الأنظمة العربية بأنواعها، وكذا إسرائيل وتركيا، لأنها لم تعد صالحة لخدمة الأسياد، حيث لم تقدر على إعادة إنتاج نفسها، وستتولى الدول الكبرى إدارة المنطقة بنفسها كما كان عليه الحال في عهد الاستعمار القديم، وستواصل الشعوب العربية نضالاتها ضد الاستعمار الأوروبي.

2- وفي العالم تحالفٌ روسي أمريكي قد يفكك أوروبا الغربية سياسيا واجتماعيا وتحل محلها دول “البركس”.

وهكذا يمكن القول إن استراتيجية إعادة الاحتلال قد تعطي لأوروبا الغربية والوطن العربي وما حوله نتائج أسوأ من استراتيجية إعادة الشرْقنة عبر الإرهاب وما سمي بالربيع العربي.

وهنا على علماء الاستشراف والدراسات المستقبلية أن يعطوا دورا جديا للغاية للتخطيط، لكن الساسة عندنا قد اتسخت عقولهم من خلال اتساخ جيوبهم.. فما العمل؟ هذا هو السؤال الخالد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • رشيد - Rachid

    الجواب هو: يجب على هؤلاء "العلماء" القيام بعملهم على أكمل وجه بدون النظر إلى ما يفعله السياسيون، والنتائج ستظهر عاجلا أو آجلا.

  • مطر

    في كتابه "حتى يغيروا ما بأنفسهم" ذكر جودت سعيد ان تغيير حال الامة بيد الخالق سبحانه وتعالى فهو القادر على تغيير الاحوال , وأطلق على هذه القدرة الربانية مصطلح التغيير الفوقي, لكن الله جل جلاله ربط هذا التغيير بشرط تغيير الانفس , وهو تغيير أفقي يقوم به أفراد الامةتجاه أنفسهم و برغبتهم و بإرادتهم , وبإعتبار ان الحاكم هو فرد في هذه الامة فإن تغييره أو إستبداله بشخص آخر لا يقدم ولا يؤخر .
    للأسف الشديد مازال أمامنا طريق طويل .