الرأي

إصلاح الإصلاحات و”الافسادات” معا!

جمال لعلامي
  • 452
  • 5
ح.م

من الضروري الوقوف مطوّلا وبالطول والعرض، عند “التغييرات” الهادئة والصامتة التي تحدث على مستوى قطاعي التعليم العالي والتربية الوطنية، خاصة في الجانب المتعلق بإصلاح “الإصلاحات المزيفة”، وتعريب القطاعين، أو إعطاء الأولوية للانجليزية على حساب الفرنسية، كلغة ثانية للتعليم، إلى جانب اللغة الوطنية والرسمية العربية!

كلّ الشهادات وحتى بعض الاعترافات، خلال السنوات الماضية، تؤكد بأن المدرسة والجامعة، تحوّلتا للأسف إلى مخبر تجارب، وأصبح التلاميذ والطلبة “فئران تجارب”، وعمّت الفوضى والعشوائية واللامبالاة في قطاعين هما الأصل والفصل، في كلّ مسار وتغيير!

ولعلّ ما حدث في هذين القطاعين الحساسين والحيويين، من عبث وتكسير ممنهج، جعل منهما مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال، مجرّد جثة هامدة، أو هياكل بلا روح!

من الضروري “إنقاذ” المدرسة والجامعة، من قبضة اللعب والتلاعب والتسيّب، الذي جعل منهما قنبلة موقوتة، حتى وإن لم تنفجر فورا، فإنها أرعبت المجتمع وجعلت كوادره وإطاراته وكفاءاته، يعيشون على وقع الهلع والخوف من مستقبل تغيب عنه التربية والتعليم!

فعلا، لقد ضاعت التربية، وانحدر التعليم، ولم يعد المعلّم ذلك النموذج المثالي بعد ما كاد أن يكون رسولا، وكلّ هذا وغيره حصل بسبب تلاشي القيم وضرب صميم قطاعين لا يمكن لأي بلد أن يصلح من دونهما، ولذلك حلّ “الخراب والتخريب” في كلّ القطاعات والمجالات والتخصّصات، وشاع اليأس والإحباط وتنامت ظاهرة هجرة الأدمغة أو فرارها أو حتى ركوبها قوارب “الحراقة”!

لن نصلح جميعا ما لم تصلح المدرسة وشقيقتها الجامعة، وما لم يستيقظ التعليم وتعود التربية، فلقد ضيّع علينا جميعا “الهفّ” والتجارب الفاشلة الكثير من فرص النجاح والتقدّم إلى الأمام بفواتير معقولة، وبدل أن يتم بناء جيل “قادر على شقاه” تم تكسير جيل بعد جيل بالبرامج “المستوردة” أحيانا و”المشبوهة” أحيانا أخرى، وبتتفيه لغة القرآن، واستهداف الهويّة والأخلاق والتربية بمناهج دخيلة لا تصلح لمجتمعنا، بل هي في بعض أشواطها صنيعة مخابر أجنبية هدفها تقويض المجتمعات بترويض أفكارها ومبادئها!

يُجمع أهل الاختصاص، من المعلمين والأساتذة والباحثين، أن الاحتفاظ بالمنهج “الفاسد” في التربية والتعليم العالي، أفسد الأساتذة أنفسهم ومعهم الطلبة، وبعدهم النخبة ومختلف الهيئات والمؤسسات، إلى أن فسد المجتمع برمّته، فشبّ على واقع مرير إلى أن شاب عليه وأصبح حتما مقضيا، من الصعب تغييره، فإمّا تهديم “البناية” وإعادة بنائها، مع ما تقتضيه من تكلفة ووقت، وإمّا بترميم هذه البناية، وتحمّل مخاطر أيّ كارثة قد تقع في أيّة لحظة!

مقالات ذات صلة