-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إطالة اللسان!

قادة بن عمار
  • 5175
  • 4
إطالة اللسان!

الحكام يقاضون شعوبهم على طول اللسان في الوقت الذي كان فيه من المفروض على الشعوب أن تقاضي هؤلاء الحكام على شد الحزام، حتى بات الفقر كفرا صريحا ولا قاتل يتربص به، أو يخلّصنا منه!

في العالم العربي، يقبلون أن يحارب الدين باسم الفن وحرية الفكر والإبداع، لكنهم لا يقبلون بتاتا أن يتحرش هذا الفن أو ذلك الفكر أو هذا الإبداع بالحاكم أو ابنه، أو حتى السلطان وزوجه، وربما حتى بكلب الملك وحصانه، فكل هؤلاء، جزء من الذات الملكية الحاكمة، والتي يعني المساس بها أو التعرض لها، قولا لا فعلا، أنك ارتكبت إثما عظيما، أو كبيرة من الكبائر، لا تجوز معها حتى التوبة؟!

في تونس، هنالك نقاش واسع ما بعد الثورة عن قناة تلفزيونية قدمت فيلما يجسد الذات الإلهية، وبدلا من تركيز الحديث عن مخاطر هذا الفعل، ومهالك مثل هذا السلوك، راح البعض يركّز على هجوم السلفية وصعودها، وتزايد الأصولية واستقواء شوكتها، رغم أن الخارجين للشارع احتجاجا على هذا الفعل، كانوا من غير الملتحين وغير المحجبات أيضا، أو كأن الاعتراض على أي شيء مسيء للدين والأخلاق، يجعلك تصنف بسرعة في خانة السلفية المشددة، وان زدت وارتفع صوتك، جعلوك من أنصار طالبان أو الإمارة الظلامية؟!

لا أحد يدعو لتحريم التفكير أو تجريم الإبداع، ولا إلى وضع خطوط حمراء من أجل تبرير المنع لمجرد المنع، ولكن في الوقت ذاته، لا يصحّ بهدلة الواحد منا إذا اقترب من الحاكم وأهله، أو الرئيس ونظامه، رغم أنهم مجرد بشر، في الوقت الذي يمارس فيه البعض الإرهاب المضاد، ويطالب بالحرية المطلقة، والفكر المندفع إذا تعلق الأمر بالمتحرشين بديننا والهادمين لأخلاقنا، والمتربصين بمقدساتنا.. ثم لماذا نهضت الأمة واستشاطت غضبا على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي يمارس فيه بعضنا إساءات أكبر يوميا دون محاسبة ولا مراقبة، بل قد يجد لهم البعض عذرا أو مبررا، في سياق تبرير ما لا يبرر؟!

البعض يتعمد الإساءة للدين، الهاء للناس عن نقد الحاكم، ومحاسبته، والمصيبة الأكبر، أن الكثيرين يندفعون بلا عقل لممارسة التصحيح بأيديهم، وفقا لقاعدة تغيير المنكر، رغم أن العديد من تلك الحالات الدفاعية لم تجلب لنا سوى مزيد من المنكرات والمصائب والهموم، فكانوا بناة للقاعدة التي تقول أن الإسلام قضية ناجحة لكن دفاعها فاشل!

يحاكمون المواطن الفقير، أو الصحفي المزلوط، أو الكاتب المغمور، إذا أطال لسانه على الحاكم، أو من هو أدنى حتى منه في المسؤولية، فاتهمهم بما فيهم من ظلم وفساد، فلا تجد واحدا يدافع عنه خوفا من لحاقه، في الوقت الذي يستبيح فيه الجميع ما هو أسمى من الحاكم، أو أرفع منه شأنا، وأكثر منه مرتبة وعلوا، فنجد جيشا من المدافعين والمتشدقين بالحرية المطلقة، والداعين لإنقاذ الجمهورية، والحريصين على محاربة طيور الظلام لإنقاذ عصافير النور… لكن، هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • بدون اسم

    يحاكمون المواطن الفقير، أو الصحفي المزلوط، أو الكاتب المغمور، إذا أطال لسانه على الحاكم، أو من هو أدنى حتى منه في المسؤولية، فاتهمهم بما فيهم من ظلم وفساد، فلا تجد واحدا يدافع عنه خوفا من لحاقه، في الوقت الذي يستبيح فيه الجميع ما هو أسمى من الحاكم، أو أرفع منه شأنا، وأكثر منه مرتبة وعلوا،

  • اhassiba

    لا والله لا يستوون....شكرا استاذ بن قادة علي المقال فعلا ان الجهاد الحقيقي هو كلمة حق عند سلطان جائر

  • omar ashraf

    للأسف الشديد أن سب الله مباح لكن اياك ذكر الحاكم بسوء حتى بالتلميح

  • hamid22

    كلامك صحيح هذا ماتوا عليه رجال و مازالو يموتوا ...و في الصح واحد ما تلقاه!!