-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إفلاس المخزن.. الأسوأ في تاريخ المملكة

إفلاس المخزن.. الأسوأ في تاريخ المملكة

تمرّ المملكة المغربية مؤخرا بأسوإ فترة في تاريخها الوطني المعاصر على كافة الصُّعد السياسية والسوسيو – اقتصادية والأخلاقية، ما يرشِّح نظام المخزن الذي يعاني الإفلاس للانفجار عاجلاً أو آجلا، وفق استشرافات الخبراء، وهو ما تنذر به موجة الاحتجاجات المتنامية عبر ربوع المملكة، وآخرها انتفاضة 30 هيأة نقابية وجمعوية وحقوقية وشبابية ونسائية، عبر 24 مدينة مغربيّة السبت الماضي، ضدّ تدهور المعيشة القاسية وانحراف سياسة المخزن وطنيا وقوميّا.

يحدث ذلك، في وقت لا يبالي نظام المخزن برهنِ مستقبل الأجيال القادمة لأجل إسعاف عرشه واستمرار مصالحه الماديّة، باعتماده على استدانة خارجية مفرطة تجاوزت 40 مليار دولار (ما يمثل 45 بالمائة من الناتج الداخلي الخام)، ما يعني هدر نصف الإيرادات الجبائية للمملكة في دفع أعباء الديون التي أصبحت جدّ مكلفة في السوق الدوليّة، حسب المختصين.

وتشير الأرقام إلى ارتفاع العجز التجاري للمغرب خلال الشهرين الأولين من السنة الجارية بنسبة 57 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من 2021، كما نددت أحزابٌ سياسية بجرّ القطاع الفلاحي لخدمة السوق العالمية ومصالح الكتلة الطبقية السائدة في المغرب تحت غطاء التصدير، وفق املاءات الدوائر المالية العالمية، على حساب الفلاحين الكادحين الذين يكابدون الفقر وغلاء المعيشة، وفق تعبير المحتجِّين.

وليس خافيًا أنّ قطاع الفلاحة في المغرب تحت السيطرة المطلقة للملك، حيث يملك المؤسسة الأولى المختصّة في الزراعة وتربية الحيوانات، وشركات الألبان ومشتقاتها، والحمضيات وأنواعها، وشركة الحبوب التي تهيمن على 12 ألف هكتار.

وتؤكِّد تقارير دولية أنّ العرش العلوي المغربي مساهمٌ بنسبة 60 بالمائة في مجموعة الشركات الخاصة، تحت اسم الشركة الوطنية للاستثمارات، بالإضافة إلى الاستثمار في مجالات البنوك، والائتمان، والبناء، والنقل، والطاقة، والبلاستيك.

هذه “الأوليغارشية” الملكية التي تبسط سيطرتها التامة على وسائل الإنتاج، رفعت محمد السادس إلى المرتبة الخامسة من حيث الثراء على مستوى القارة الإفريقية، بثروة شخصية فوق 6 ملايير دولار، حسب تقديرات مجلة Forbes، ناهيك عن القصور والسيارات الفخمة والتجهيزات الفارهة، في وقت تقبع غالبية الشعب المغربي تحت خط الفقر، الأمر الذي تسبّب داخليّا في انتقاداتٍ حادة ومتوالية ضدّ تفشي الفساد وهدر المال والرشوة.

لا شكّ أن هذا الواقع المأزوم يدفع نظام المخزن مكرها إلى المناورة خارجيّا بأوراق مفضوحة لإلهاء الرأي العام وطلبًا للحماية الأجنبية ولو من عدوّ الأمة، سواء بافتعال الأزمات مع دول الجوار، وعلى رأسها الجارة الكبرى شرقًا، أو الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني.

ويعكس، برأي المراقبين، استهدافُ المدنيين العزل الممارسين للتجارة في المنطقة، درجةَ القلق التي بلغها نظام المخزن بسبب الارتباط الديناميكي الاقتصادي الجديد بين الجزائر وموريتانيا، بينما يجزم المحللون أنّ جرائم الاغتيال المغربي خارج حدوده في المنطقة دليلٌ قاطع على أنّه لم يعد يرسم سياسته الخارجية بنفسه، بل صارت بشكل واضح بيد الكيان الإسرائيلي، وهو مجرد عنصر منفذ لخطط الصهيونية العالمية.

بل وصل جنون الخيانة بالمخزن، من خلال ممثله الدائم في نيويورك، إلى معارضته داخل مجموعات منظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز، لعقد اجتماع لجنة القدس التي يرأسها محمد السادس، على إثر الاقتراح الذي صاغته البعثة الجزائرية، للتفاعل مع الانتهاكات الجسيمة لقوات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى الشريف.

ومن المهمّ بهذا الصدد التأمل في تعليق الدبلوماسي الجزائري، عمار بلاني، حينما يؤكد أنّ الرئاسة المغربيّة الجوفاء للُجنة القدس (عقدت لقاءين في 20 عاما)، قد خنقتها بشكل كامل وإرادي، مثلما وظَّف المخزن تعطيلها من أجل الحفاظ على علاقات جيدة مع الكيان الصهيوني، عوض العمل على الحماية المفترضة للأماكن المقدسة للمسلمين، ناهيك عن استغلالها في إضفاء الشرعية الدينية الزائفة على نظام ملكي احتكاري للسلطة وبعيد كل البعد عن مُثل الإسلام، وبذلك فقد ضمن المخزن “ريعًا دائما من القضية الفلسطينية، وجنى منها فوائدَ غير مستحقة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي”.

لكن من المستحيل، برأي المتابعين، الاستمرار إلى ما لا نهاية في فرض هذا الأمر الواقع على الشعب المغربي المناهض للتطبيع، وسيظلّ مقاومًا له بكل حزم وعزم حتى إسقاطه كليّة، رغم إصرار المخزن على المضيِّ قدمًا فيه وتوسيعه، متجاهلا حالة الغضب النخبويّة والشعبية العارمة، وهو مؤشرٌ آخر منذِر بانفجار وشيك بالمملكة.

ويُضاف إلى تلك التحديات التفكيكية وجودُ نظام الحكم المغربي في وضع غير سليم، وفق تأكيدات المراقبين، بسبب الغياب القسري غالبا للملك محمد السادس في فرنسا ومعاناته مع المرض منذ سنوات، ناهيك عن مشكلاته العائلية المعروفة، ما يجعل وليَّ العهد، وهو في سن المراهقة، خاضعًا بصفة مباشرة لأوامر اللوبي الصهيوني القويّ داخل نظام المخزن.

هذا الوضع يجعل السلطة في المغرب غير موحَّدة، حيث لا أحد يحكم، ويُنتج أزمة أخرى في تعامل المجموعة الدوليّة مع النظام المغربي الفاقد لقراره الوطني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • الهادي

    إنها بركة التطبيع (الأعمى) و مازال الخير للقدام