-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إلى مقاومي غزة ..من مقاوم جزائري

عثمان سعدي
  • 3159
  • 3
إلى مقاومي غزة ..من مقاوم جزائري

أنا مجاهد جزائري شغلت مسؤولية الأمين الدائم لمكتب جيش التحرير الوطني الجزائري بالقاهرة في الخمسينيات من القرن الماضي، الذي كان يشرف على تدريب الشبان الجزائريين المنخرطين في الثورة الجزائرية، أنتمي إلى أسرة قدمت الكثير من أبنائها وبناتها فداء للجزائر الثائرة، والدتي أنجبت ستة: أربع بنات وولدين، بنتين أرملتي شهيدين والدتين لاثني عشر يتيما لشهيدين، أحد الولدين استشهد وهو يحمل السلاح في جيش التحرير الوطني في سن الخامسة والعشرين من عمره، والابن الثاني مجاهد، أُسَرُ آل سعدي دُمرت منازلُها الاثنا عشر بالقرية، وأُخذت حجارتها فبني بها المركز العسكري الفرنسي في الناحية عقابا لها على تجند أبنائها في جيش التحرير.

ساهمتُ في دعم الثورة الفلسطينية منذ تحرك شبان فلسطينيين فحرروا مجلة (فلسطيننا) التي كانت تُطبع في قبرص، حيث شاركتُ في تحريرها باسم مستعار، بهدف صنع وعي وطني ثوري فلسطيني على غرار وعي جبهة التحرير الجزائرية، هذا التحرك الذي تبلور سنة 1965 لتوحيد الحركة الفلسطينية وجعلها بعيدة عن استغلال بعض الدول العربية، كنت السبب في تثبيت مكتب فلسطين بإدارة خليل الوزير أبو جهاد بالجزائر سنة 1963، كما كنت السبب في إقناع الرئيس بومدين بإلغاء مقاطعة ياسر عرفات سنة 1975 بعد أن طلب أبو جهاد مني وأنا سفير بدمشق، وأبو مازن يتذكر جيدا موقفي من النضال الفلسطيني وأنا سفير للدولة الجزائرية في دمشق في السبعينيات من القرن الماضي، عندما جرت مؤامرة على الحركة الفلسطينية.

أقدم للإخوة الفلسطينيين رأيي في مسيرة النضال الفلسطيني في مواجهة أبشع محتل في التاريخ المتمثل في الكيان الصهيوني، إن أخطر فخ نُصب للثورة الفلسطينية يتمثل في قبولهم تأسيس سلطة تحت مظلة المحتل في الأراضي المحتلة، على كتفها جهاز إداري ثقيل يتقاضى موظفوه مرتبات من المحتل ومن حلفاء المحتل، كوّن المحتل تهدئة على مدى عشرين سنة، عمّقت أقدامَه في الضفة الغربية ببناء مستوطنات بلغ حجمها ما يقرب من مليون مستوطن محميين بجدار عزل غريب في تاريخ الاستعمار بالعالم.

ومن تجربة الثورة الجزائرية رفْضُ قادتها عرضَ الجنرال ديغول تأسيس سلطة جزائرية في الأرض تحت مظلة المستعمر بشعار (سِلْم الشجعان)، وتفضيل القيادة الجزائرية أن يبقى جانبها السياسي كحكومة مؤقتة في القاهرة ثم في تونس بجهاز إداري قليل العدد يتلقى أفراده مرتبات متواضعة من ميزانية الحكومة المؤقتة المتأتية من تبرعات الجزائريين والحكومات العربية، مع استمرار المقاومة المسلحة قائمة داخل الجزائر؛ واستمر هذا الوضع قائما حتى توقيع اتفاقيات إيفيان التي وضعت حدا للاستعمار الفرنسي بالجزائر في آذار مارس 1962، فدخل الجزائرَ وزراء وإداريو الحكومة المؤقتة، مع اقتناعي بأن الظروف الجغرافية والديموغرافية التي تحيط بالقضية الفلسطينية تختلف عن الظروف التي أحاطت بالقضية الجزائرية.  

لقد وقع الخطأ، الطريق الوحيد لتصحيحه هو:

أولا : الحفاظ على عنصر مقاومة المحتل من طرف الفصائل في غزة، لأنه لا إنهاء للمحتل إلا بالمقاومة، وقد أثبتت غزة أنها تقاوم بأسلوب يكاد يقترب من المعجزة، على يد رجال عباقرة بأتم معنى الكلمة للعبقرية، ابتكروا أسلوبا لم تعرفه أساليب الثورات والمقاومات في تاريخ البشرية، مرتكزا على العلم والتّقانة المطبوعة بطابع العصر وعلى تكييف القضية وفقا للظروف الخاصة بها.

ثانيا: الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية المتمثلة في حكومة الوفاق الوطني، والعمل على تطويرها، بحيث تشمل التزاوج بين السلطة في رام الله وأساس المقاومة الذي طورته الفصائل في غزة، والعودة بحركة فتح إلى مبادئها المنبثقة في أثناء اندلاعها سنة 1965 والتركيز على جناح العاصفة بها مع الإلحاح على توحيدها مع حركة حماس في خط المقاومة، بشرط أن تبقى روح النضال سائدة بين شباب الضفة الغربية. 

ثالثا: العمل على الاستقلال المالي للسلطة وحكومة الوفاق الوطني عن المنحة المسمومة التي تتلقاها من أمريكا والغرب الحاضنين لإسرائيل، وإيجاد ميزانية لفلسطين المناضلة تقررها جامعة الدول العربية مقسمة على أعضائها على غرار ميزانية الحكومة المؤقتة الجزائرية في أثناء قيام الثورة المسلحة الجزائرية.

في هذه الأيام التي يسود فيها ظلام في سماء الأقطار العربية مشرقا ومغربا، تشرق أنوار في سماء غزة، ترفع من معنويات العرب وتجعلهم يقتنعون أن أمتهم لا زالت بخير، وأن الظلام الذي يعلو سماءها عبارة عن سحابة صيف مآلها أن تنقشع، شكرا لمجاهدي غزة، وشكرا لشهدائها الأبرار الذين فتحوا لنا الأمل في نهضة أمتنا من كبوتها، وتغلبها على المرحلة الحرجة التي تمر بها حياتها. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • وهيبة

    انا اشكرك على هذا التعليق لانه تعليق المفتشين شيء واضح بلا من ضلو نعاودو بلاك يزعفو منا .................

  • خالد

    الجزائري يتصف دائما بالانفة والعزة ولا يقبل ان يرى اخاه مظلوما ويسكت عن ذلك هكذا نحن يا سيدي المحترم كلنا نردد ونقول لاخواننا في فلسطين المغتصبة اتحدوا ولاتتفرقوا وكونوا رجلا واحدا في مواجهة الصهاينة وكما يقال مااخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة وما ضاع حق وراءه طالب نعم يا سيدي ان المقاومة بشتى انواعها لابد ان تنتصر ولو الى حين هكذا علمنا التاريخ ولا ينبغي الركزن والاستكانة والاعتماد على الغرب الصليبي فهو اكبر داعم لاسرائيل وعلى الفلسطنيين ان يكونوا حذرين وان يتغاضوا عن اخطاء بعضهم والا فستكون فتنة

  • محمد خليل

    حقا حقا اسالوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون ... وانت يل سيدى من اهل الذكر طبت وطاب ممشاك هذا هو الحديث الذى يجمع ولايفرق