إنسانية زائفة!
“إنّ الله هو من وهب الحياة ولا يمكن للإنسان أن ينهيها” عبارة تنضح بكل معاني الإنسانية، والتحضّر حوّلها الرافضون لحكم الإعدام إلى شعار يرفعونه كلما لاحت في الأفق مطالب بتطبيق أحكام الإعدام أو مطالب وضغوط لإلغاء الإعدام من التشريع الجزائري.
المشكلة الكبيرة التي يقع فيها هؤلاء المطالبون بإلغاء الإعدام أنهم يستميتون في الدّفاع عن الجاني ويقفزون على حقوق الضّحايا وأوليائهم، ثم إنّ الله الذي وهب الحياة هو الذي أمر بتطبيق القصاص في محكم التنزيل بقوله: ((ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب…)).
من يستطيع أن يُقنع عائلة الطفل ياسر أو عائلة الطفلين هارون وإبراهيم بأن الجناة الذين قتلوا أبناءهم لا يستحقون الإعدام، وكذلك الشأن بالنسبة إلى كل الذين فُجعوا في أبنائهم أو أقاربهم تحت عنوان جريمة قتل عن سبق إصرار وترصد.
صحيح، إن بعض الدول انحرفت بهذا الحكم وأصبحت تصدر أحكاما بإعدام المئات من المعارضين السياسيين، ومثال على ذلك ما يحدث هذه الأيام بمصر، لكن هذه الانحرافات الخطيرة لا يمكن أن تدفع نحو تعطيل حكم الإعدام الذي لو لم يكن مبنيا على معاني العدل وحقوق إنسانية لما تمسك به الغرب نفسه.
لا يمكن للدّاعين إلى إلغاء عقوبة الإعدام أن يكونوا أكثر تحرّرا من المتمسكين به في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أكثر إنسانية منهم لأنّ الالتزام به هو الذي يحفظ حياة النّاس ويقيم العدل في الأرض بدليل أن الدول التي ينفذ فيها حكم الإعدام تسجل معدلات أقل في جرائم القتل.
إنّ الدّاعين إلى إلغاء عقوبة الإعدام إنما يفعلون ذلك إرضاء للمنظمات الدولية التي تمارس ضغوطا مستمرة على الجزائر، وينبغي عدم الانسياق وراء تلك الضغوط، خصوصا في ظل الانتشار الكبير لجرائم القتل في الجزائر وبالأخص تلك التي تطال أطفالا صغارا، وأي قرار في هذا الإطار ينبغى أن يأخذ الواقع الجزائري بعين الاعتبار، لأن هذه المطالبات تعطي نوعا من الحصانة للمنحرفين الذين يقتلون بدم بارد، وما يشجعهم أكثر هو كثرة الحديث عن أنسنة السّجون وتزويدها بكافة المرافق، بما يضمن إقامة مريحة لعتاة المجرمين توفر لهم المأكل والملبس والمبيت رغم ارتكابهم لجريمة القتل واعترافهم بها… أي إنسانية هي التي يدعو إليها المطالبون بعدم معاقبة عتاة المجرمين والمغتصبين والمتورطين في اختطاف الأطفال وترويعهم وقتلهم بأبشع الطرق!!