-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إنه علي.. وأي فتى كعلي!؟

صالح عوض
  • 784
  • 0
إنه علي.. وأي فتى كعلي!؟
ح.م

من يقرأ صفحاتٍ من تاريخ الجزائر يدرك أنه إزاء استثناء تتجلى فيه المعجزات والخروج عن المُعَد مسبقا.. وهذا ما جعلها كما الفارس الذي لا يغادر صهوة جواده، يده على مقبض سيفه وعيناه تبرقان ذكاءً ونباهة، ومن حين إلى آخر وفي سرعة البرق يقفز بفرسه في وثبة مستحيلة أو يستلُّ سيفه ويغرسه في عين المستحيل.

إنها الجزائر العملاقة.. تتجلى في رجال في كل المجالات، وها هي تشرئبُّ بعنقها إلى السماء بواحد من أخلص أبنائها وأكثرهم غيرة عليها؛ إنه الأستاذ الرئيس علي فضيل.. إنها عبقرية المكان التي تدفعهم إلى أخذ أدوار استثنائية في مرحلة غاية في الصعوبة والضنك.

صحيح أن هذا الرجل كان لمّاحا نابها يعرف تماما كيف يسير إلى هدفه غير مكترث بما يثيره السطحيون حوله ولا بما يلقيه الخصوم أعداء النجاح أمامه من أشواك وألغام.. لكنه مع ذلك -وهذه هي الصعوبة – يمتلك منظومة فكرية تواجه حربا ضروسا رغم انتصار الجزائر العظيم في ثورتها، إذ يحاول رهط العلمانيين الفرانكفون حرف المسيرة وتشويه وجه الجزائر وإثارة الفوضى في هويتها.. هنا تتعقد العملية؛ فالرجل ليس صحفيا فحسب ولا مسئول مؤسسة إعلامية فحسب، إنه صاحب رسالة.. وكان السؤال الصعب: كيف نخترق هذه الفوضى وهذا الضباب؟

أدرك علي فضيل الموجوع بآلام المسلمين مشرقا ومغربا والمثقف بالفكر الإسلامي والمتشبِّع بروح الوطنية الحرة.. حجمَ الفراغ المذهل في الساحة، وأدرك أن الأحزاب والتكتلات الإسلامية رغم جهودها الكبيرة في مجال الصحوة والدفاع عن الثوابت، إلا أنها تغرق في كمائن ينصبها الخصوم ويحرفونها عن مسارها وتغدو تتخبط في إجاباتها.. هنا انبرى للرهط عليٌّ وأيُّ فتى كعليٍّ؟

كالصاروخ انطلق هذا الشاب الذي تجاوز الثلاثين بقليل نحو أهدافه، يفتح بابه للجميع وبعبقريةٍ تعكس سعة أفق وسعة صدر.. كانت مؤسسته “الشروق العربي” تحمل في اسمها دلالة لا تُخفى عن كل من عاش الأوضاع في الجزائر حينذاك.. ورافق حَراكا ملغما في النصف الأول من التسعينيات، منحازا بكل يقين إلى حركة الشعب وخياراته، ولم يُفاجَأ أن يقوده ذلك إلى تحديات من نوع خاص..

وسحب الناسَ إليه من شرق البلاد إلى غربها وشمالها وجنوبها، فكان بروحه الرائعة يحطم الأسوار واحدا وراء الآخر، وكانت الشروق تشمل كل أهل الجنوب وصحرائه البديعة كما تشمل تيزي وزو والبويرة وبجاية وجبالَها الشماء كمنشورٍ يومي يلتقي حوله الشعبُ بفرح وحب.

وانتقل من الجزائر وبها إلى أن يقتحم بلا تهيُّب المنافسات العربية ليكون بالشروق متربِّعا على عرش النجومية متجاوزا مؤسساتٍ إعلامية عربية عريقة تقف خلفها دولٌ ومؤسسات.. وهتفت الدنيا للجزائريين المبدعين إعلاميا فوصل حاضرا متألقا بماض عزيز يليق بالجزائر.

.. صحيح قد لا يجود الزمان كثيرا بمثل هذه النوابغ، لكن الجزائر المبارَكة التي تفتخر برجالها الكبار ستضعه بجوار الكبار الذين كانوا في مستواها قوة واقتدارا.. رحمك اللهُ يا حبيب الشعب والأمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!