-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إيران تُحسِن إدارة اللعبة الدولية مع الغرب..

إيران تُحسِن إدارة اللعبة الدولية مع الغرب..

قبلت إيران سنة 2015 بجميع شروط مجموعة الخمس: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين وروسيا المُتعلقة ببرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات التي قُدِّرت تكلفتها ما بين 2012 و2016 فقط بـ160 مليار دولار. قبلت إيران بأن لا تُشغِّل أزيد من 5060 من أجهزة الطرد المركزي التي كانت تملكها (نحو 20 ألفا) وذلك إلى غاية 2026، وأن تُخفِّض مخزونها من اليورانيوم المشبع بـ3.6 بالمائة فقط، إلى 300 كلغ وهذا إلى غاية 2031، وأن لا تَستخدم بعد هذا الاتفاق أي أجهزة طرد مركزي متطورة.

وأن يقتصر نشاط التخصيب المحدود لديها على منشأة “ننطز” دون منشأة “فوردو” التي يجب أن يقتصر العمل بها إلى غاية 2031 على 1044 فقط من أجهزة الطرد المركزي تُخَصَّص للاستخدام في مجالات الفلاحة والصناعة والعلوم. أما بالنسبة لمفاعل “آراك” الذي يشتغل بالماء الثقيل فينبغي أن يخضع للرقابة نظرا للتخوف من قدرته على إنتاج البلوتنيوم، وأن تلتزم إيران بعدم إقامة أي مفاعل آخر مثله إلى غاية 2031.. وغيرها من الشروط المُجحفة التي قبلت بها جميعا لعلها تسترجع جزءا من أموالها المنهوبة في البنوك الأمريكة ولترفع عنها العقوبات الظالمة.

ووقعت الاتفاق بشهادة الخمسة الكبار. ومع ذلك جاء “ترامب” ونكث عهده، وألغى الاتفاق في ماي 2018، فاضطرت إيران إلى العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة مُنادية في نفس الوقت الولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها. وبدأت مساعيها لذلك مع الصين وروسيا وبعض الأوروبيين، إلا أن ذلك لم يُثمر بل كان الاستفزاز هو الرد بتدبير هجوم إرهابي على منشأة “ننطز” ضرب قلب تجهيزاتها الكهربائية، ووجهت فيه أصابع الاتهام للكيان الصهيوني الأكثر عدوانيا تجاه الاتفاق النووي الإيراني.

وكان الجواب الإيراني علميا بتشغيل أجهزة طرد مركزية عالية التطور ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم مؤقتا إلى 60 بالمائة كتعبير عن قدرتها على الوصول إلى نسبة 90 بالمائة التي يحتاجها السلاح النووي. واضطر هذا التصعيد المجتمع الدولي إلى العودة إلى طاولة المفاوضات الجارية اليوم في إحدى جولاتها بفينا.

ولعل الحسابات الأمريكية هذه المرة ستكون مختلفة، ذلك أن إيران لم تبحث يوما عن صناعة السلاح النووي بل إن المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي أفتى في سنة 2003 بتحريم استخدام هذا السلاح، وأكدته القيادة الإيرانية في بيان رسمي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كل ما تريده إيران أن تمتلك القدرة العلمية والتكنولوجية التي تجعل منها قادرة على ردع الأعداء، وهو ما ترفضه القوى الغربية المهيمنة على المنطقة وعلى العالم. إنها تريد أن تبقى وحدها سيدة العالم دون منازع وأن يخضع لها الجميع وأن تفرض قوانينها كما شاءت. وهذا لن يستمر طويلا، مادامت الكثير من الدول الصاعدة اليوم قد عرفت أن فرض وجودها إنما يتم بالمعرفة والتكنولوجيات والتقدم في هذا المجال. وهي الرسالة التي ينبغي أن ندركها نحن: بدون القوة العلمية والتكنولوجية لن تعترف بنا القوى المهيمنة ولن تتفاوض معنا. أما عند التحكم في ناصية العلم والتكنولوجيا فإن الجميع سيهابك. لن يقبلوا بذلك بسهولة، ولكنهم سيقبلون في آخر المطاف إذا ما كان الإصرار على العمل والعلم، وسيعترفون بالتبدل التدريجي في موازين القوى إذا ما أحسنت إدارة اللعبة الدولية كما تحسنها اليوم إيران. ألم تكن الصين الشعبية مرفوضة قبل سنة 1970 حتى لتكون عضوا في الأمم المتحدة عبر الفيتو الأمريكي؟ لنقرأ الدرس الإيراني جيدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!