الرأي

إِنْ جاءكم “فيسبوك” بنبأ فتبيَّنوا

محمد سليم قلالة
  • 1362
  • 4
ح.م

تجاوز عدد مشاهدات الأخبار الكاذبة عبر “فيسبوك” خلال الـ12 شهرا الماضية حسب بعض الدراسات قرابة الـ04 مليار مشاهدة، كما أن متابعة الصفحات المروِّجة للأخبار المغلوطة ازدادت أكثر من أي وقت مضى بما في ذلك تلك المتعلقة بالصحة في زمن كورنا.

وأشار موقع “فيسبوك” الرسمي في تقريره الصادر في أوت الماضي، أنه تم خلال الربع الثاني من سنة 2020 حذف 1.5 مليار حساب مزيف، كما تم حذف 1.7 مليون محتوى يشجع على الانتحار والضرر بالنفس، و5.8 مليون محتوى له علاقة بالمتاجرة بالمخدرات، و9.5 مليون محتوى متعلق بممارسة الرذيلة مع الأطفال، و35.7 مليون محتوى إباحي للكبار… مما يؤكد المخاطر الكبيرة التي باتت تحملها هذه المنصة، حتى أصبح من الممكن القول إن ضررها تجاوز بكثير منفعتها. وهكذا بدل أن تبقى مِنصةً للتواصل الاجتماعي، تحولت إلى منصة لتغليط الرأي العام عبر نشر خليط من الأخبار الكاذبة والصحيحة، ومنصة تحمل الكثير من الأضرار ينبغي الانتباه إلى تداعياتها.

ولهذا أصبح لزاما علينا اليوم تعليم أبنائنا، ابتداءً من سن مبكرة، كيفية التعامل مع “انترنت” بشكل عام، ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص، و”فيسبوك” على رأسها.

وقد أعجبتني في مجال محاربة الأخبار الزائفة، الاقتراحاتُ العملية التي قدمها الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (IFLA) تحت عنوان: “كيف نكتشف الأخبار الزائفة؟”، وكانت بـ36 لغة من بينها العربية. وركَّزت الاقتراحات على 08 خطوات للقيام بذلك هي: أولا، التأكد من مصدر الخبر وبياناته وامكانية التواصل معه باعتبار أننا كثيرا ما نُهمِل ذلك، منشغلين بمحتوى الرسالة المغلوطة. وثانيا ضرورة قراءة كل المحتوى وعدم الاكتفاء بالعناوين البارزة التي يعرف مروِّجو الأخبار الكاذبة أن الغالبية ستتوقف عندها، وثالثا ضرورة التعرُّف على المؤلِّف وما إذا كان محل ثقة، رابعا ينبغي البحث في مراجع إضافية ذات صلة بالموضوع المذكور للتأكُّد من المعلومة المنشورة، خامسا ينبغي التأكد من تاريخ نشر الخبر لاستبعاد إعادة نشره في غير وقته لأغراض تدليسية، سادسا هناك أهمية للتمييز بين ما إذا كان ليس مجرد دعابة لأحد الناشرين، سابعا ينبغي التأكد من عدم الانحياز الشخصي ضد فرد أو فكرة أو موقف لما في ذلك من دفع نحو تصديق خبر حتى ولو كان مغلوطا، وأخيرا هناك أهمية كبيرة لسؤال خبراء في الموضوع أو القيام بتقصٍّ للحقائق للتأكد من مدى صدقية الخبر أو صحة المعلومة.

يبدو لي أننا لو درَّبنا أنفسنا وأبناءنا، في مجال الأخبار المغلوطة، وفق هذه المنهجية لكنا بالفعل قد مكّناهم من أدوات عملية ليلتزموا بقوله تعالي “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ…” (الحجرات 06)، ولأعدنا تشكيل عقولهم وفق منهجية الفكر النقدي الموضوعي الذي لا يتسرَّع في الأحكام ولا تتيه به السبل… أما التصدي لكل ما حملت هذه المنصة من مخاطر فيحتاج إلى وعي جماعي أكبر علينا التحلي به إذا أردنا بناء أمة قوية وسليمة في المستقبل.

مقالات ذات صلة