-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ابتلاع الأكاذيب العالمية عبر مبدأ حرية تدفق الإعلام

ابتلاع الأكاذيب العالمية عبر مبدأ حرية تدفق الإعلام

تسعون بالمئة من الأخبار العالمية التي نتلقاها يوميا، تمر عبر واشنطن ونيويورك ولندن وباريس، تصاغ أو تعاد صياغتها وتُشبَّع بمضامين وفقا لاعتبارات صحفية وسياسية وثقافية، في ظل النقـص الكمّي والنوعي لإنتاج الأخبار في العالم العربي والعالم الثالث، الخاضع رغما عنه لمبدأ “حرية تدفق الإعلام”.
يعتقد المحتكِرون لثروات العالم، والمالكون لمؤسساته الإعلامية، أن الجمهور المتلقي للكم الهائل من الأخبار، عبارة عن قطيع بشري يسهل توجيهُه عبر التلاعب بعقله عاطفيا، وحجب الحقيقة عن أنظاره، وتجريده من قدراته المعرفية، وتجهيله حد الانبهار بكل ما يتلقاه.
تمتلك وسائل الإعلام ومؤسساته العالمية قدرة كبرى في فرض الهيمنة الثقافية، فهي التي تواكب وترسِّخ سياسة الاستغلال الاقتصادي والتبعية السياسية وإضفاء “الشرعية” عليها.
ويعدُّ روبرت موردوخ النموذج الأكثر هيمنة، على ثقافات الشعوب، والمالك لأخطر الوسائل تأثرا في توجيهها، يمتلك وكالة إعلامية ضخمة تضمُّ العديد من الصحف والمجلات والمواقع إلى جانب المحطات التليفزيونية. ولا غرو فهو يسيطر وحده على 40 % من الصحافة في دولة عظمى كبريطانيا بما معها من الرأي العام المحلي والعالمي.
لقد تمكن إعلام موردوخ من إقناع البريطانيين برفض الانضمام إلى العملة الأوروبية الموحدة “اليورو”، وعدم التخلي عن الجنيه الإسترليني، مستخدما مختلف الأساليب، وكان له الأثر البالغ في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتأثير وسائل الإعلام التي يحكمها موردوخ، لا يقف عند حدود الرأي العام، بل يتعداها إلى التأثير على صناع القرار والسياسيين، فسياسيو بريطانيا يتخذون من صحيفة “الصن”The Sun مرجعا فيما تنشره، والذي يصل إلى أكبر عدد من القراء من الشريحة العريضة في المجتمع، والتي لا تبحث عن التفاصيل الدقيقة مكتفية بما يقدِّمه كتاب الصحيفة، وهذا ما يسهِّل تشكيل الرأي العام وقت الأزمات والانتخابات.
قدم موردوخ دعمه لتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني سابقا، وخصَّص لحكومته تغطية إيجابية في شبكاته، ليضمن سماح حكومته آنذاك له بالاحتفاظ بشركاته البريطانية.
تمتلك إمبراطورية “نيوز كورب” الضخمة فريق البيسبول بنادي “أل إي دودجرز”.. وفريق “مانشستر يونايتد” لكرة القدم. إذ كان موردوخ قد تمكن من تمويل العمل الإعلامي من مصادر غير إعلامية، مثل مزرعة الأغنام التي تملكها مجموعته في أستراليا، أو المساهمة في شركة طيران أسترالية كبرى وشراء النوادي الرياضية.
هكذا يأخذ الاحتكار السمة الرئيسية للنشاط الإعلامي، وتُنشئ دوائر الإعلام جيوشا من الإعلاميين والتقنيين، ففي مجال الإذاعة والتلفزيون والفيديو تشغِّل شركة “فيليبس” الهولندية المتعـددة الجنسيات 460 ألف موظف وعامل، وجـنـرال اليكتريك الأمريكية 420 ألفا وشركة “سيمنس” الألمانية 330 ألف، وقد بلغـت أرباح شركة جـنـرال اليكتريك في سنة 2010 وحدها 340 مليون دولار .
شبكة التلفزيون الأمريكية (CBS)تشغّل وحدها 40 ألفا بين صحفيين ومحررين وفـنـيـيـن وإداريين أما هـيئة الإذاعة البريطانية(BBC) فيزيد عدد موظفيها على 35 ألفا.
وتسيطر الشركات الاحتكارية المتعـددة الجنسيات على مجمل الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، ففي ألمانيا تسيطر مؤسسة اكسيل شبرنيغـر على 64 % من المطبوعات، وفي بريطانيا يملك إمبراطور الصحافة اليهـودي الاسترالي روبرت مردوخ 170 صحيفة ومجلة، وفي فرنسا تملك أسرة هارسان 20 صحيفة يومية (منها لوفـيغارو وفرانس سوار) و17 مجلة و24 صحيفة أسبوعية ووكالة أنباء محلية، وفي هـولندا يمتلك جيبر داس 22 صحيفة يومية .
ترى، كيف تحقق الشركات الاحتكارية العالمية، احتكارها للسوق المحلية في العالم العربي خاصة والعالم الثالث عامة؟
يرتبط الاحتكار في السوق المحلية بالسيطرة على السوق العالمية إذ نجد أن 97 % من أجهزة التلفزيون و87 % من أجهزة الراديو و95 % من مصادر الأخبار في دول العالم الثالث مستوردة من “العالم الحر”، ولا تملك دول الجنوب إلا 5% فقط من إجمالي العقول الالكترونية في العالم، وبناء على هذه المعطيات نلاحظ أن الإعلام يساهم، كنشاط اقتصادي، في تراكم رؤوس الأموال الغربية ويدرّ على الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات أرباحا طائلة تساهم دول العالم الثالث بنسبة 60 % منها، وقد بلـغـت استثمارات الشركات الأمريكية في العالم الثالث 9 بلايين دولار.
وامتازت حركة هذا النشاط بالتطور من القلة إلى الكثرة، ومن البساطة إلى التعـقـيـد، ومن الاستقلالية إلى الترابط… فالصحافة المكتوبة أصبحت تعتمد على الإعلامية وأصبح بإمكان بعض الصحف أن تطبع وتوزع في الوقت نفسه في أماكن متباعدة من الكرة الأرضية، فـصحيفة “وول ستريت جورنال” التي تعبّر عن آراء رجال المال والأعمال ووسطاء البورصة في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تـُطبَع في كل من نيويورك ولندن وباريس وفرانكفورت وسيول وسنغافورة وطوكيو، وأصبح التلفزيون قادرا على أن يبث أكثر من خمسين برنامجا مختلفا حسب اختيار المشاهد، وأصبح سكان آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية يلتقطون البث التلفزيوني المباشر لبرامج التلفزيون الأمريكية أو الأوروبية بواسطة الأقمار الصناعية.
يمتدُّ الاحتكار الذي يميِّز تكنولوجيا الإعلام والاتصال إلى مؤسسات إنتاج المواد الإخبارية والثقافية، أي إلى الخطاب الإيديولوجي بصفة عامة.
يأخذ العالم العربي ودول العالم الثالث وضع المستقبل غير الفاعل لذلك المضمون؛ إذ لا بد لها أن تضمن ما استوردته من تجهيزات إذاعية أو تلفزيونية محتوى معيَّنا، وبما أنها لا تملك “الاكتفاء الذاتي” في إنتاج الفكر والثقافة لأسباب عديدة فإنها تستورد نحو 65 % من البرامج والمسلسلات التلفزيونية وغالبية ما تعرضه من أشرطة سينمائية، فـعلى سبيل المثال لا الحصر استوردت المغرب 1500 شريط واستوردت الجزائر 1000 شريط عام 2011، أما الكويت فاستوردت 600 شريط سينمائي وتلفزيوني.
ويعبر هذا الإنتاج عن مجموعة من الأفكار والمواقف، وبالتالي ينطلق من مجموعة من القـيـم يعمل على توزيعها بأساليب فـنية راقية وبإبداع على مستوى الشكل والصياغة يجعل المتفرِّج أو المستمع في حالة تقـبُّل وتجاوب.
تصنيع الإنتاج الثقافي في الدول الرأسمالية وترويجه جماهيريا يجعل تكاليفه منخفضة نوعا ما، وبالتالي فإن استيراد شريط سينمائي أو برنامج تلفزيوني غالبا ما يكلف الدولة المستوردة أقل بكثير مما لو فكرت الجهات المحلية فيها بالإنتاج.
يأخذنا هذا الواقع الإعلامي التبعي في العالم العربي، إلى الكشف عن حقيقة غياب مؤسسات إعلامية، قادرة على صناعة الحدث، والارتقاء بمستوى الرأي العام المستهدف في وسائل الإعلام العالمي القادر على اختراق العقول عبر التلاعب بالعواطف.
* يعتقد المحتكِرون لثروات العالم، والمالكون لمؤسساته الإعلامية، أن الجمهور المتلقي للكم الهائل من الأخبار، عبارة عن قطيع بشري يسهل توجيهُه عبر التلاعب بعقله عاطفيا، وحجب الحقيقة عن أنظاره، وتجريده من قدراته المعرفية، وتجهيله حد الانبهار بكل ما يتلقاه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • **عبدو**

    2//
    ، او الانتقام ...او لسبب آخر ) فقط كإحتياط ، حتى لا يندم المسلم او غيره من عواقب التسرع و الانجرار وراء العاطفة او العرق او المعتقد ، لأن ذلك يعدّ من الظلم و إثم ،قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}
    و الله اعلم

  • **عبدو**

    1//
    قال الله تعالى :{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } على المسلم (و كذلك غير المسلم لأن الأثر هو نفسه عندهم ايضا ) دائما ان يتبين و يسأل عن صحة الاخبار التي ترده من مختلف الجهات سواء من مصدر (رجل او امراة مهما كانت سنّه ) يعرفون انّه فاسق ( بمعنى كاذب ) او ممن لا يعرفون عنه ذلك (قد يكذب ذات يوم ، او نقل الخبر بطريقة خاطئة او مضخمة ، او نقله من وجهة نظره او سوء ظنه ، او الانتقام ...او لسبب آخر ) فقط كإحتياط ، حتى لا يندم المسلم او غيره من عواقب
    ...يتبع

  • جزائري - بشار

    لا غرابة حين تجد اسم امبراطور الاعلام العالمي روبرت ميردوخ الصهيوني خلف التحركات السياسية و الانتخابات , عائلة ميردوخ الصهيونية احدى العائلات الحاكمة من تخطط لاشعال الحروب حسب مصالحها بمختلف بقاع العالم
    هل قتل 60 مليون انسان بالحربين العالميتين الاولى والثانية شيء عادي ؟ لا
    كل هذا لاجل التحكم في ادارة الاقتصاد العالمي والسيطرة على حركة الاموال نهب الثروات والمعادن النفيسة الذهب الماس والاحجار الكريمة ولازالوا ينهبون
    اخطر سلاح يمتلكه هؤلاء اليوم
    سلاح الاعلام وتوجيه الرأي العام لصناعة اجيال من الاتباع والمغفلين المعطلة عقولهم عن التفكير
    استقبال المعلومة الجاهزة مثل الاكل الجاهز

  • Kader

    الصحافة الجزائرية ممن تبتلع هذه التقارير , فتستشهد بما يسمى دراسات الجامعة الأمريكية أو المركز الأوروبي وهذا راجع للكسل والخمول
    لم نرى تحقيق صحفي واحد مسند بوثائق قام به صحفي جزائر ي سواء كان في الداخل أو الخارج
    كما يفعل ماتخذتم اسيادكم في الغرب و كل الخليج العربي و الفارسي