ابنتي” الرقّاصة”
كانت تنظر إلى ابنتها المراهقة وهي تتمايل على أنغام الموسيقى والغناء وتتلوى مثل الأفعى، وترتفع وتنخفض بطريقة توحي بأنها حاصلة على”دبلوم” الرقص منذ مدة ليست بالقصيرة، وكانت أمها تصفق وتنظر إليها باعتزاز وزهو، وتقول للنساء الجالسات حولها في العرس:” إنها إبنتي”، وكأنّ ابنتها كانت تناقش أطروحة ماجستير أودكتوراه، وجلست الفتاة في مكانها بعد وصلة من الرقص وقد بدا عليها التعب، ولكن ملامحها توشحت بالفخر وظلت تراقب الحاضرات وهن ينظرن إليها ويرسلن إليها من بعيد كلمة “يعطيك الصحة”.
وفي موقف آخر، رأيت أمّا شابة تجلس بجانب ابنتها ذات ال18 وهي تكلم رجلا متزوجا في الهاتف وتخوض معه في مسائل حسّاسة، وأمها تبتسم، وتسألها من هو هذا الرجل؟؟.
وفي مناسبة أخرى، تقوم الأم باصطحاب ابنتها الجميلة إلى حارس بأحد السجون التي يقبع فيها ابنها، ربما من أجل أن يسهّل عليهم الأمور أثناء زيارته.
وأخبرتني إحدى السيدات، أنها كانت في انتظار الحافلة عندما سمعت امرأة تقول لرجل تقدّم نحوها أنها ستحضر له ابنتها حينما يخرج أخوها من البيت.
هذه نماذج بسيطة لأمهات “حديثات” انتزعن من بناتهن روح الحياء والحشمة، بتحريضهن على سلوكات غير مقبولة اجتماعيا، وليست مجازة دينيا، معتقدات أن هذا السلوك نوع من”الشطارة”و”القفازة”ومواكبة العصر الذي لا يعترف بما يعتبرونه” عقدا”و”تخلفا”.
إذا كانت الأم”المدرسة” التي من المفترض أن تكون قدوة لابنتها، وأن تفتح عينيها على ما يضرها في دينها ودنياها ويسيء لسمعتها، فما الذي نتوقعه من مراهقة أو شابة لم يكتمل نضوج”عقلها”، ولم تتضح لها معالم الطريق التي يجب أن تسلكها، ما الذي ننتظره من فتاة تبيح لها أمها المحظورات الدينية والاجتماعية، وتصفق لها وهي ترقص رقصا خليعا؟ ترى كيف ستربي هذه “الرقّاصة” الصغيرة أبناءها في المستقبل؟ وهل ستمنع تلك الفتاة التي وعدت أمها بها رجلا ابنتها من ملاقاة رجل لاتعرفه؟.
أي مستقبل ينتظر الجيل الجديد وهو يكبر في حضن أمهات يحرضّن على الرذيلة وفساد الأخلاق؟.