-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اجعل رضا الله غايتك ورأس مالك

سلطان بركاني
  • 819
  • 0
اجعل رضا الله غايتك ورأس مالك

لعلّ من أهمّ الدّروس التي يحملها رمضان لأمّة الإسلام، كلّ عام: أنّ رضا الله -جلّ وعلا- ينبغي أن يكون غايةَ كلّ عبد مؤمن في هذه الحياة، ورأس ماله الذي يهتمّ به أكثر من أيّ شيء آخر.. في أيام وليالي رمضان يحرص الصّائم على ألا يقرب مفطرا من المفطرات التي تفسد صيامه، وعلى ألا يتلطّخ بمعصية تذهب أجره، وتحرمه العتق من النّار والفوز برضا العزيز الغفّار، وهكذا العبد المؤمن في حياته كلّها؛ هدفه الأسمى هو أن يرضى الله عنه.

إذا رضي الله عن عبده كتب له السعادة في الدّنيا والفوز في الآخرة، وأحبّه وقذف حبّه في قلوب العباد، يقول نبيّ الهدى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: “إنّ الله إذا أحب عبداً نادى جبريل: إنّي أحب فلانَ فأحبّه، فيحبّه جبريل، ثمّ ينادي جبريل في أهل السماء: إنّ الله يحب فلانَ فأحبّوه، فيحبّه أهل السّماء، ثمّ يوضع له القبول في الأرض”؛ يحبّه الله ويحبّه جبريل، وتحبّه الملائكة. يصبح معروفا بين أهل السّماء، فإذا رفع يديه بالدّعاء، قالت الملائكة: “صوت معروف من عبد معروف”، فيشفعون له عند الله.. فيا لها من حياة! يوم يصبح العبد المؤمن معروفا عند أهل السّماء، ما أن يقول: يا الله، حتى تفتّح أبواب السّماء ويشعر بقرب الإجابة وهو لا يزال يدعو خالقه ومولاه.

السّعادة كلّ السّعادة في طلب رضا الله والقرب منه، وليست في إرضاء المخلوقين بمعصية الخالق كما يتوهّم بعض المحرومين، ممّن تجد الواحد منهم لا همّ له إلاّ أن يرضى عنه النّاس، ويمدحوه ويعجبوا به ويطروه، وبينه وبين الله من الوحشة ما الله به عليم، وتجد المرأة لا همّ لها إلا أن ترضى زميلاتها وجاراتها عن لباسها، أن يعجب مَن حولها بمظهرها وذوقها، والله ساخط عليها، وقلوب العباد نافرة منها. لأنّها نسيت أنّ القلوب بيد الله يقلّبها كيف يشاء، فمن أرضى الله بسخط النّاس رضي عنه الله وأرضى عنه النّاس، ومن أرضى النّاس بسخط الله سخط عليه الله وأسخط عليه النّاس.

حينما أنزل الله قوله: ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)) في السنة السادسة من الهجرة، كان الصّحابة قد خاضوا امتحانات كثيرة قبلها، زلزلوا فيها زلزالا شديدا، في بدر وأحد والأحزاب، وغيرها من المواقف، وكانوا قد امتحنوا ببذل أنفسهم وأموالهم في سبيل الله، فنجحوا في الامتحان.. وقبلها تعلّموا أنّ الصّدق مع الله هو بداية الطّريق المؤدية إلى رضوانه سبحانه، لذلك كان تمام الآية: ((فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)).. وهكذا كلّ عبد مؤمن يطلب هذه الغاية العظيمة، رضا الله، ينبغي له أن يصدق مع الله في محبّته ومحبّة دينه والاستعداد لبذل الروح والدم والمال نصرة له، وهذه مرتبة لا يصل إليها العبد إلا إذا استقام على فرائض الله ولزم حدوده، وكان أوابا كلما أخطأ سارع إلى التوبة والاستغفار.. الصحابة الذين كتب الله لهم رضوانه، لم يكونوا ملائكة، إنّما كانوا بشرا يخطئون ويذنبون، لكنّهم كانوا توّابين رجّاعين، والواحد منهم إذا أذنب ذنبا، مكث بعده أياما يعمل الصّالحات ليكون ممّن قال الله فيهم: ((وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!