اختراع جديد !
-
-
12778
-
0
منذ سنوات طويلة والجزائريون يواصلون اكتشاف أشياء غريبة وعجيبة، يصنفها البعض ضمن الاختراعات ويستشهد بها البعض الآخر قائلا إن الجزائريين ورغم ما يواجهونه من إحباط وتضييق وتهميش، إلا أنهم في ساعة الجدّ، يُدهشون العالم المتطور، بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!
آخر تلك الاختراعات ما قيل إنه نجاح أحد الجزائريين في اختراع آلة يمكنها اكتشاف تسرب الغاز عند وصوله لمستويات خطيرة، ولعل في ذلك أمل يعود بالفائدة على المواطنين بدلا من الحملات التي تذيعها اليتيمة، وتدّعي أنها للمنفعة العامة، عن تسرب الغاز وموت العشرات اختناقا، رغم أن اليتيمة في حد ذاتها مسؤولة عن قتل الملايين بالإحباط ونشر الزعاف؟!!
وبالمناسبة، نحن بلد ديمقراطي جدا، بدليل أن السلطة فيه تخيّر المواطنين بين الموت اختناقا بالغاز، أو بالبرد في حال غيابه..لكن المخترع الجزائري الذي قال إنه سيقلّل من أعداد الموتى بالغاز، جعلنا نتصور لبرهة من الزمن، أو نتجرأ في تلمّس بارقة أمل يتم بعدها التوصل إلى اختراع يمنع التزوير في الانتخابات مثلا، وآخر يقلّل من فساد الإدارة وبيروقراطيتها، وثالث، يمنع الرشوة أو يساهم في كشف المتورطين فيها…علما أن ضحايا هذه الكوارث الأخيرة، يعدّون أضعاف من يموتون اختناقا بالغاز، لأن هؤلاء لا يتعذبون عند الموت وينتقلون من عالم الدنيا إلى العالم الآخر، دون تأشيرة، في حين أن ضحايا التزوير والفساد والرشوة، والبيروقراطية، توفر لهم الإدارة جوازات سفر بيومترية نحو العالم الآخر، من خلال مساهمتها في رفع أعداد المنتحرين حرقا وشنقا وغرقا؟!!
الغريب أننا لم نشاهد في جهاز التلفزيون الحكومي حتى الآن، حملة ذات منفعة عامة، تطالب المواطنين بعدم الاقتراب من شبابيك الإدارة العمومية أو مراكز البريد المكتظة، ولا حتى المؤسسات العمومية المفخخة، رغم أن هذه الأخيرة باتت مضرة بالصحة الاجتماعية، وتدفع المواطنين للإصابة بكثير من الأمراض، تبدأ من ارتفاع نسبة السكري ولا تتوقف عند حدود إتلاف الجهاز العصبي، وقد تمتد حتى للموت السريري والعجز الجنسي؟!!
التلفزيون الحكومي لم يتجرأ حتى الآن على تقديم حملة ذات منفعة عامة، تدعو المواطنين لعدم مشاهدة هذا التلفزيون نفسه الذي بات عدد ضحاياه ينافس أعداد من يموتون في حوادث المرور على الطرقات؟!
وأمام كل هذا، هل نتوقع يوما، أن يخرج علينا نابغة جزائري باختراع يمنع التزوير في الانتخابات، ويكشف نفاق رؤساء الأحزاب، ويفضح عورات الإدارة من خلال اغتيال غول البيروقراطية فيها، وتهاون العمال وجرأة الراشين والمرتشين، أم أننا سنظل وحتى إشعار آخر لا نخترع كشعب إلا الأحلام وتواصل السلطة هوايتها في اختراع الأكاذيب؟
