-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اختطاف‭ ‬الحقيقة‮!‬

قادة بن عمار
  • 4393
  • 0
اختطاف‭ ‬الحقيقة‮!‬

السلطة تريد البحث عن مخرج أمني لائق من أزمة أو فضيحة اختطاف والي اليزي مؤخرا، بمحاولة إلصاقها في تنظيم القاعدة عنوة، وجماعة أبو زيد، رغم أن وزير الداخلية نفى ذلك في بداية الأمر، إلا أن جهات تتحدث باسم السلطة، حزبيا وإعلاميا، أو باسم تيار نافذ فيها على الأقل،‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬توريط‭ ‬القاعدة‭ ‬كأفضل‭ ‬المخارجو‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الغاضبين‭ ‬من‭ ‬الوالي‭ ‬والسلطات‭ ‬المحلية،‭ ‬اختطفوا‭ ‬الرأس‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬كطريقة‭ ‬جديدة‭ ‬ومتطرفة‭ ‬في‭ ‬الاحتجاج‭.‬

كثير من الولايات تشهد في الوقت الحالي احتجاجا وغضبا شعبيا متصاعدا، كما أنّ سيولا جارفة من المواطنين، تحتل الشارع وتقطع الطرق وتحرق العجلات، وتحاصر المقرات المحلية في أكثر من منطقة، سواء بسبب السكن أو البطالة، ومن دون سبب أحيانا، ما عدا الشعور بحالة الإحباط‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬البلاد،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬تقليدا‭ ‬لبلدان‭ ‬مجاورة،‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تعلّم‭ ‬غيرها‭ ‬أن‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬مطلبان‭ ‬يستحقان‭ ‬أيضا‭ ‬النزول‭ ‬للشارع،‭ ‬وليس‭ ‬الحليب‭ ‬والخبز‮ ‬فقط‮ ‬من‮ ‬يستحقان‮ ‬ذلك‭..‬

لكن لا أحد من أولئك المحتجين فكر في اختطاف الوالي أو حتى مجرد مير، بل إن مواطنين قاموا قبل فترة بتحويل حافلة، كان يتنقل فيها رئيس دائرة وأحد الأميار في منطقة بغرب البلاد، فقامت الدنيا، ولم تقعد حتى اضطر المحتجون لإطلاق سراح الحافلة ومن فيها، لكن الخطوة كانت تعبيرا قاسيا ورسالة شديدة اللهجة، تقول إن المواطنين ملّوا من بقائهم مختطفين كل هذه السنوات، وقرروا تغيير موقعهم إلى خاطفين، بحثا عن أساليب جديدة للضغط على السلطة، التي تكتفي غالبا بالحلول الترقيعية.

وفي هذا الصدد، فإن اختطاف والي إليزي، يشهد الآن، جريمة ثانية، أشد وأمرّ، وهي اختطاف الحقيقة، فبعدما اعتقدنا في البداية أن من قاموا به شباب عاديون من سكان المنطقة، أرادوا لفت الانتباه لمعاناتهم، بحسب رواية رئيس المجلس الشعبي الولائي، الذي قال إنه شاهد أحد الخاطفين في لقاء الوالي بالمواطنين، عاد المسؤول ذاته ليروي قصة جديدة، تحاول بكل الطرق توريط الوالي في القضية من خلال تهاونه أمنيا، وعدم استعانته بالحرس الخاص وخروجه دون حماية، والحديث عن انتماء الخاطفين الثلاثة لجماعة القاعدة!؟

هكذا تحول الوالي من ضحية إلى متهم، في ظل الحديث عن إبعاده من موقع المسؤولية، بطريقة لا تُحدث صخبا إعلاميا في المدى القريب، أو بحجّة مرضه وعلاجه من آثار الاختطاف، والتي يبدو أنها ليست آثارا جسمانية فحسب، وإنما هي آثار سياسية وأمنية في المقام الأول، تستمد مبرراتها من سهولة الاختطاف، منح الليبيين الجدد فرصة الشماتة بعرض الموقف على أنه اختطاف مقابل احتضان عائلة العقيد القذافي، ناهيك عن تعامل السلطة مع مسؤوليها بمنطق واحد، وهو أنه لا يجوز التساهل مع شارع غاضب لدرجة الارتماء في أحضانه دون أمن، ولو بحجّة التحاور، ما‮ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬عبارة‭ ‬‮”‬استدعي‭ ‬لمهام‭ ‬أخرى‮”‬،‭ ‬أقرب‭ ‬للتجسيد‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬والي‭ ‬إليزي‮ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬المنظور‭.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!