الرأي

اخفضوا صوت القرآن والأذان!

سلطان بركاني
  • 2270
  • 0
ح. م

كثيرة هي القصص التي سمعناها وقرأناها لغربيين، كان السّببَ الأوّل في اعتناقهم الإسلام، سماعُهم تلاوات عطرة للقرآن الكريم، بأصوات نديّة مؤثّرة، فعلت فعلها في قلوبهم وأرواحهم، وحَدَتهم للبحث عن ترجماتٍ لهذا الكلام الذي أثّر فيهم وهم الذين لم يفهموا معناه، ليجدوا أنفسهم أمام كلام بليغ محكم لا يمكن أبدا أن يكون كلامَ بشر.

وكثيرة أيضا هي القصص التي قرأناها وسمعناها لتائبين عادوا إلى الله، واستقاموا على طاعته جلّ في علاه، بعد سماعهم قراءات مؤثّرة لآيات تحمل مواعظ بالغة تقرع القلوب وتهزّ الأرواح، هذا فضلا عن استئناس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وفرحهم بتخصيص قناتين فضائيتين تنقلان الصّلوات الخمس من المسجد الحرام والمسجد النّبويّ، إضافة إلى صلاة التّراويح في شهر رمضان.. وفي بلدنا المسلم هذا، استحسن غالبية الجزائريين ما دأبت عليه المساجد خلال السّنوات الماضية من استعمالِ مكبّراتِ الصّوت الخارجيّة أثناء صلاة التراويح في هذا الشّهر، ليتسنّى للنّساء في البيوت، ولأصحاب الأعذار والشّواغل، سماع تلاوات تضفي على ليالي الشّهر الفضيل طعما خاصا، وروحانية ألفتها النّفوس وارتاحت لها الأرواح.

لكنّ الجهات الوصيّة في هذا البلد، أبت هذا العام إلا أن تضع حدا لهذه العادة الحسنة، وأصدرت تعليمة بمنع استعمال مكبّرات الصّوت الخارجيّة، غير مكترثة بالاستهجان الشّعبيّ الذي تلقاه مثل هذه التّعليمات، ولا آبهة بالشّعور الذي تولّد لدى الجزائريين، بأنّ هذه الجهات رضخت لنزوات أقلية مستغربة، تضيق ذرعا بشعائر الدّين الظّاهرة، ولا تعجبها كثرة التّائبين في رمضان، ولا يروقها أن تمتلئ المساجد، ويعلو صوتها فوق كلّ صوت آخر!.

الغريب في الأمر أنّ هذه الأقلية التي لا تفوّت فرصة في إبداء امتعاضها من ارتفاع صوت الأذان وخطبة الجمعة وقراءة التراويح، لا تتحدّث عن الأصوات المنكرة المنبعثة من سهرات الأعراس، والتي تستمرّ من بعد صلاة العشاء إلى فروع الفجر!.

هذا الإجراء الذي اتّخذته الجهات الوصية، بذرائع تعلم سلفا أنّها لا يمكن أن تستساغ، سيفهمه كثير من الجزائريين في سياق إجراءات سابقة، كان الهدف من ورائها تحجيم دور المسجد في العمل الدّعويّ والخيريّ، جاءت بدورها تتويجا لمرحلة سابقة تمّت خلالها محاصرة النّشاط الدّعويّ والخيريّ في المجتمع، تحت يافطة “تجفيف منابع الإرهاب”!.

مقالات ذات صلة