-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اعتراف‭ ‬أم‭ ‬ذر‭ ‬للرماد؟

اعتراف‭ ‬أم‭ ‬ذر‭ ‬للرماد؟

اعتراف الرئيس الفرنسي بالجرائم المتركبة في حق الجزائريين في 17 أكتوبر سنة 1961 ورغم الضجة الإعلامية التي صاحبته سواء في فرنسا أو في الجزائر يبقى مجرد محاولة لتبييض صورة فرنسا والقفز على حقائق التاريخ عبر الاعتراف بالجرم الأصغر لتغطية الجرم الكبير.

فرنسا قتلت الملايين من الجزائريين خلال 132 سنة، وحولت شعب تشهد له كتب التاريخ بأنه كان مثقفا ومتطورا ونسبة الأمية فيه تكاد تنعدم إلى شعب فقير وأمي عبر عملية استلاب ممنهجة بدأت منذ أن وطئ الاستعمار أرض الجزائر، تصرف خلالها في ثرواته بالشكل الذي أراد، وانتزع‭ ‬الأملاك‭ ‬والأراضي‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬وحولهم‭ ‬إلى‭ ‬خدم‭ ‬عند‭ ‬المعمرين،‭ ‬وحارب‭ ‬هوية‭ ‬الشعب‭ ‬ولغته‭ ‬ودينه‭.‬

لقد‭ ‬قتلت‭ ‬فرنسا‭ ‬الملايين‭ ‬خلال‭ ‬الثورات‭ ‬الشعبية،‭ ‬ثم‭ ‬قتلت‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬ماي‭ ‬1945،‭ ‬وقتلت‭ ‬الملايين‭ ‬خلال‭ ‬الثورة‭ ‬التحريرية‭ ‬وها‮ ‬هي‭ ‬تعترف‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬بقتل‭ ‬182‭ ‬شخص‭ ‬خلال‭ ‬مظاهرات‭ ‬1961‮!!‬

إن المطلوب الآن ليس الاعتراف وإنما إعادة ما سلبته فرنسا من الجزائريين، ورد الاعتبار لكل أولئك الذين دفعوا ثمن ازدهار فرنسا وتطورها، ولأجل تحقيق هذا المطلب ينبغي أن تنضم كل القوى الوطنية من سلطة وأحزاب موالية ومعارضة ومجتمع مدني في عملية ضغط واسعة النطاق.

صحيح أن الطبقة السياسية التي عجزت عن تمرير قانون يجرّم الاستعمار في البرلمان لا يمكنها أن تفعل شيئا في هذا السياق، لكن هذا لا يجعل القوى الوطنية الحية تركن هي الأخرى إلى الانهزامية والسلبية وتتوقف عن المطالبة باسترجاع ما سلبته فرنسا من الجزائريين.

لأن حالة الخواء السياسي في الجزائر هي حالة مرضية عابرة، ويبقى التغيير سنة كونية ولا بد من أن يأتي اليوم الذي تكون فيه فرنسا مضطرة للاعتراف والاعتذار والتعويض، وستفعل ذلك فعلا إذا كانت مصالحها على المحك.

عندها‭ ‬ستفتح‭ ‬كل‭ ‬الملفات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬ملف‭ ‬ضحايا‭ ‬التفجيرات‭ ‬النووية‭ ‬بالصحراء‭ ‬الجزائرية‭ ‬وهم‭ ‬بالآلاف‭ ‬ولازالوا‭ ‬يتضاعفون‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬ولازالت‭ ‬فرنسا‭ ‬تتجاهل‭ ‬مأساتهم‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬المتسبب‭ ‬المباشر‭ ‬فيها‭.‬

إن الصّمت الرسمي في الجزائر حول مسؤولية فرنسا التاريخية عن حالة التخلف التي منيت بها الجزائر دولة وشعبا، هو الذي شجّع فرنسا الرسمية على التمادي في تجاهل مطلب الجزائريين بالتعويض والاعتذار، وهي لن تفعل ذلك تطوعا مادامت مصالحها محفوظة، فهناك من يثور نيابة عنها‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬إذا‭ ‬مست‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬المهيمنة‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭!!!!‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • snaiss farid

    لماذا لا تعترف فرنسا انها هي سبب كل مشاكل الجزائر وان les double nationaleter يلعبون دور كبير في تكسير كل المبادرات الجميلة كل احلام االشعب وتعترف انه هناك حركى مازالوا ببيننا اليس هذا جميل

  • كلمه حق

    تعترف لا تعترف هل يغير ذلك من واقعنا شيئا.
    -هل اعتراف فرنسا بجرائمها سيخرجنا من التخلف و يقضي على البطاله و ازمه السكن ؟ هل سيقضي على الفساد؟

  • ahlam

    ربما تكون خطوة في الاتجاه الصحيح ولا ننسى ان مسافة الالف ميل تبدا بخطوة .

  • moghtarib

    الجزائر لن تضغط على أحد مادامت تابعة للدول الضعيفة أو المستضعفة. القوة هي التي تمكن أي دولة من حقوقها و تجعل كلمتها مسموعة و شعبها غارقا في الذل. العالم و إن كان ظاهره حضارة و تطور و رقي فهو في الحقيقة خاضع لمنطق الغاب الكلمة فيه للأقوياء أما الضعفاء فلا بأس من استغلالهم و العيش على ظهورهم. أين نحن من فرنسا من ناحية القوة العسكرية أو العلمية أو الإقتصادية و كل من يسير عكس هذا التيار فهو إما واهم أو يكذب على نفسه