-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأحياء والأموات عندنا وعندهم !

حفيظ دراجي
  • 19398
  • 31
الأحياء والأموات عندنا وعندهم !

قد يتساءل القارئ ما لهذا الرجل يتحدث عن الأحياء والأموات في هذا الوقت، ويقارن بيننا وبينهم بهذا الشكل، ومن هؤلاء وأولائك الذين يتحدث عنهم، ولماذا ينشر الموضوع في الصفحات الرياضية للشروق في ظرف يتميز بالجدل واللغط الحاصل بشأن المدرب الوطني، وتنقلات اللاعبين بين النوادي في الداخل والخارج، والاحتراف وحرارة الصيف، وظرف يتميز بركود سياسي وثقافي مخيف ووو؟

  • إن الأمر كله مرتبط ببعضه البعض عندنا وعندهم، والرياضة صارت سياسة وثقافة واقتصاد وعلم وأخلاق عندنا وعندهم أيضا، ونتعلم منها كل شيء وفي كل يوم، وكم تعلمت الكثير من شخصية رياضية جزائرية محترمة ومرموقة التقيتها منذ يومين عند عودتي إلى أرض الوطن، كانت في عهدها مثالا في الأخلاق والأدب والاحترام والالتزام، وكانت متألقة ومتفوقة تصنع المتعة والفرجة، ولكنني لم أكن  من المحظوظين الذين تعرفوا عليه وعايشوا معه فترات الزمن الجميل عندما كان يبدع ويتألق ويصنع الفرحة ويعشقه الكبير والصغير.
  •  للأمانة الرجل لم يحدثني عن نفسه ولا عن الماضي ولا عن معاناته، ولم يشتك ولم يبك، وكان شهما ومتفهما، وذو نضرة وتبصر كبيرين، وحدثني عن غيره بكل الخير والتقدير والاحترام، وعن نفسه وتاريخه بكل بساطة وتواضع، وعندما استأذنته للكتابة عنه وعن فكرة راودتني أثناء الحديث إلى الرجل أصر وترجاني عدم ذكر اسمه، ولكن إصراري كان أكبر على كتابة الفكرة مع حفظ الاسم ..
  •  عندهم في أوربا وأمريكا وحتى في بعض البلاد العربية يصنعون القدوة ويحيطون أبنائهم من النجوم المتألقين في مختلف المجالات بهالة من الرعاية والدعاية، ويجعلون منهم أمثلة تقتدي بها الأجيال، وقد يصنعونهم من لا شيء لأن الحياة تقتضي وجودهم بمقاييس ومعاير، وكل مجتمع في حاجة إليهم، وعندما ينتهي وقتهم وتنطفئ شموعهم أو يموتون يذكرونهم بخير ولا يسيؤون إليهم، ويصنعون بدائل وخلفاء لهم عبر الأزمنة في السياسة والثقافة والرياضة والعلوم حفاظا على صيرورةواستمرارية المجتمع بمعالمه ومقوماته، ولكن عندنا لما يكون المرء في أوج عطائه ويبدع ويتفوق وينجح، تتكالب عليه الألسنة والأقلام من قوى الشر التي تتحالف لتبحث عن هفواته وأخطائه، ويتحالف الكل على تهميشه أو الإساءة إليه والتقليل من شأنه، ولا يتركون للأجيال الصاعدة معالم يقتدون بنجاحاتها وانجازاتها، وإذا تخلى عنه المسؤولون تتخلى عنه كل المؤسسات وفئات المجتمع، ويصبح من المنبوذين والمغضوب عليهم، أما إذا تذكرته الموت فإنه سيموت مئات المرات بعد ذلك وتموت معه كل تضحياته وانجازاته..   
  • هواري بومدين رحمه الله الرئيس الذي كان يخاف من خياله الرجال، وكانت تحسد عليه الجزائر لم نعد نتذكره حتى في ذكرى وفاته، والشهيد محمد بوضياف لا يزال يخاف البعض من التنقل إلى المقبرة للترحم عليه، وحسان لالماس يرقد في المستشفى دون أن يعلم به أحد، والفنان عمر الزاهي افتقدناه وهو حي يرزق، وسيرحل عنا في صمت دون أن تعرف معدنه الأجيال، أما رابح سعدان فقد تحول من بطل قومي إلى فاشل وضعيف ندفع به للخروج من النافذة، ويزيد منصوري قائد المنتخب على مدى عشر سنوات تحول بين عشية وضحاها إلى لاعب غير مرغوب فيه، أراد البعض أن يمحو كل تضحياتها في وقت كان الكثير يرفض تلبية نداء المنتخب ولا يحمل حتى الجنسية الجزائرية.
  •  الأمثلة كثيرة ومتنوعة في كل المجالات، والنتيجة واحدة وذاكرتنا ضعيفة، والأمر صار ثقافة وتقليدا تتوارثه الأجيال والمؤسسات، وتساهم في ترسيخه صحافة مسكينة تخوض مع الخائضين وتقف مع الواقفين وتسيء إلى المخلصين بتواطؤ مع من فاتهم قطار الزمن، ومع من لا يريدون لهذا الوطن معالم ومحطات نفتخر ونعتز بها وتنير طريق الأجيال الصاعدة.  
  •  عندنا سواء كانوا أحياء أو أمواتا الأمر سيان، بل بالعكس نتحالف لكي نقتل في الأحياء كل شيء جميل، ونقتل الأموات مئات المرات، ونقتل في الأجيال الصاعدة كل حلم جميل، وربما قد نتنازل ونذكر موتانا بخير لأنهم لم يعودوا من أهل هذه الدار ولا ينافسوننا على المناصب والمراكز، أو نذكرهم بخير من أجل التموقع والظهور واللعب على مشاعر الناس.       
  •  الرجل الذي التقيته وقادني للكتابة في هذا الموضوع لا يختلف عن الكثير من الرجال والنساء الأحياء والأموات عندنا، ممن كان على الدولة والمجتمع والمؤسسات والأفراد أن تجعل منهم معالم للأجيال الصاعدة، ولكنهم لم يعودوا من أهل الجاه والمال والمناصب التي تجعل الكثير يتودد إليهم، ويتحدث عنهم ويذكرهم بخير، كما أن فلسفتنا في الحياة وأنانيتنا ومفاهيمنا المغلوطة ساهمت في انتشار ثقافة النسيان ونكران الجميل. 
  •  الأحياء عندهم يكرمون ولا يهانون، ويقف إلى جانبهم ويرعاهم المجتمع بكل فئاته، ويصنع منهم نجوما يقتدي بهم، والأموات يذكرونهم بخير ولا يسيؤون إليهم ويتذكرون مواقفهم وانجازاتهم عند الضرورة .
  •  أما أحيائنا من المتفوقين والمتألقين فنقتلهم ببطء حسدا وغيرة، وأمواتنا ندفن معهم كل إنجازاتهم وذكرياتهم ولا نترك للأجيال معالم ولا أمثلة يقتدون بها، وشتان بين أمواتهم وأمواتنا والأحياء عندهم وعندنا. 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
31
  • دردور

    شكرا لك عبد الحفيط و اتمنى أن يكون لمقالكم هذا صداّ

  • حمودي

    بارك الله فيك ياحفيظ دائما مبدع

  • saida

    bravo hafid, on t'aime bien et ford

  • ltpo

    كبير والله كبير كم انت كبير يابن الصحراء

  • loubna

    merci hafid je te tire chapeau t'a raison de tt se ke t'a dit alah yahafdek l les algerien ya hafid

  • K_Abou Mohamed

    بارك الله فيك أستاذ دراجي هذا شيء معروف في أهل المغرب العربي منذ قدم الزمان وخير دليل على ذلك أين هم علماء المسلمين الذين مروا من هنا على مر العصور وهنا أذكر كلاما للإمام ابن حزم الذي عانى من التهميش حيث يقول في بيت شعري لا أذكره كله حيث يقول أنا الشمس إلا أني طلعت من المغرب!!!

  • ياسين بوغزاله

    والله ياحفيظ شيء يتركنا نتحسر على مافات ولا نعير حتى اهتمام للذكرى .ذكرى الرجال وخطوات انجازاتهم يذكرهم غيرنا بالخير ونحن ننسى ونلوم الا على الحاضر .وشعبنا نسي انجاز الشيخ رابح وراح ينتقد ونسي تضحية منصوري وكرمه بالتصفير والا ستهجان وننسى خير غزال ونقول له مازال ومحال نحن نكسر فس انجازتنا ونمحو خطواتنا ننسى ان الشعب كله خرج الى الشوارع يوم 18/11/2009 وننسى وننسى.......
    هل من تكريم لهؤلاء حتى على المسؤولين الآن لم يحركو ساكنا
    ياحفيظ اصبحت الا الأقلام تقول قول الواقع وتنتقد وترشد وتدل ولكن لا حياة لمن تنادي كتاباتك تبشرنا وتوقضنا ولكن في نفس الوقت من يحطم ويهدم انجازات الأبطال لم ولن ننسى شهداءنا وقاداتنا حتى عيد الاستقلال اصبح اعلام تعلق في الشوارع وكفى او نعرفه من افلام الثورة في التلفزيون او حفلات . لانتحدث عنه طويلا ولا نعير له اهتمام
    ما عسانا ان نقول هل من مدكر لهذه الاحداث وهل من عاقل يوقر انجازات أبطالنا ومن خرجنا الى الشوارع ومن ترك الدموع تنهال فرحا ببلدنا الجزائر . بكينا فرحا ولكن الآن نبكي حزنا لأن الأفراح قتلها اناس لايعيرون للإنجازات شيئا
    الحديث طويل. والجرح ارجو ان لايزيد . ونرجو ان يكون القادم أفضل .

  • حفيظ

    هذا واقع نعيشه ولكن انشاء الله يتغير مع الزمن مثلما تغيرة الكثير من الاشياء.وشكرا يا احسن سفير للجزائر.

  • samira de ouargla

    مكره أخاك لا بطل .......هذا هو الواقع وللآسف هو جد مر مما يجعل الكثير يحاولون التغيير ولو بكلمات ....... شكرا أخي حفيظ المعلومة وصلت.

  • فوزي

    bababababababababab aababbababababab baabababababababab والله يعطيك الصحة حفيظ ديما راك منورنا بكلامك اللي يخرج من القلب و يدخل القلب

  • yasmina

    je me demande pourquoi les egyptiens se melent

  • fathi

    ان هذا النوع نم الرجال يا اخ حفيظ يجب ان تعرفه الاجيال حتي تقتدي بهم لانهم ملك للجزائر وتاريخها ولا يحق لهم ابدا ان يبق في الظل

  • ahmad

    Tu as raison hafid ,est-ce qu`òn pleure sur un assasin sanquinaire ,

  • cam

    oui monsieur hadid tout ça fait partie de la vie toi par exemple tu est un bon commentateur si un jour tu fais plus partie tu saura dans les oubliettes chacun son tour la seul personne qui reste dans les memoires et que personne ne dois oublier c'est rabina sabhanou et rassoul allah en ce qui concerne lalmas les gens vont dire qu'il etait un bon joueurs avec le crb il a participte en coupe a la qualification en coupe du monde sans les qualifie avec selmi kalem achour madani les gens se souviennent pourquoi toujours parler du passer il faud avancer saadane reste ou li reste pas il faud lui trouver un entraineurs compétant voila en veut plus on veu avancer l'algerie a besoins des homme compétant on veut pas ententren des chose comme allah ghaleb darna ili alaina l'algerie a besoins des defi dans tout les domaine machi parler des mort sah ya hafide

  • سمية

    السلام عليكم السيد دراجي و بعد:
    لقد أثر مقالك الذي خرجت به عن ما ألفناه منك في كتاباتك السابقة في كثيرا و ذكرني بأزمة مررت بها أثناء دراستي في الجامعة و تفوقي في بحوثي جعل الغيورين من "أساتذة" يكيدون لي حتى أبتعد عن مجال رؤيتهم و أترك المجال لهم وحدهم و للفاشلين من أمثالهم مع احترامي الأبدي لرتبة أستاذ. نعم في بلادنا تقتل المواهب و تكسر الارادة الشابة لكن الله موجود و عزيمة الانسان الجزائري الصادق أكبر من أن ينال منها أسافلة القوم على علو مراتبهم و حسبنا الله و نعم الوكيل.
    لقد أحببت مقالك اليوم كثيرا كما أحببنا تعليقك الرياضي فمزيدا من التألق و وفقك الله.
    تحياتي

  • ABDELLAH

    HAFID ALLAH YA HAFDEK

  • ABDELLAH

    HAFID ALLAH YA HAFDEK

  • ABDELLAH

    HAFID ALLAH YA HAFDEK

  • adel

    tu as reson hafid ...........

  • zizou

    لا هدا غير صيح يا أخي لا أن للجزائر رجال في وقت المحن من جعت منكم تهجرون الجزائر من اجل بعض الدولاراة

  • لجين

    لا فض فوك يا دراجي.

  • SAMIR

    إن العين لتدمع و وإن القلب ليحزن وإن على فراق الرجال لمحزونون

  • BENSADEK ISAMIL

    شكرا لك حفيظ دراجي على هذا المقال الذي يبدي بين سطروه معاني و وطنية لا يفهمها الكتير و قد ينتقدها البعض و لكن هذا هو الواقع و بدون مجاملة و حسب تتبعاتي للمشاهير و أصحاب الشهامة الذين ذكرت سأقولها و بكل إفتخار و واقعية إنك ستصنع التاريخ فإستمر على هذا المنوال و نعتز و نفتخر برجل صنديد في صفوف الإعلام إسمه دراجي و هو جزء بلد المعجزات

  • فيصل

    لقد حركت فينا مواجع كثيرة لله درك

  • ابو زياد

    والله يا حفيظ رغم مواقفك السابقة المعادية لمصر...الا انني اردت ان اقول لك لا تحزن فهذا حال العرب جميعا و صدق من قال: "لا يكرم نبي في قومه"... فلا تلوم نفسك ولا شعبك على هذا الوضع فكلنا سواء

  • Embarek

    tu est hors jeu ya Hafid je m exuse tu ne va pas marque ce jour

  • امينة

    فعلا معك حق يا استاذ حفيظ بلدنا غني بالاعلام والشخصيات التي قدمت للجزائر الكثير بل وللعرب والمسلمين او دعنا نقول للحياة لهذا العالم الغريب المليئ بناكري الجميل شخصيات غنية عن التعريف ولقد كتبت في مقالة سابقة نحن لا نجيد تسويق صورتنا بالفعل معك حق فنحن نملك كل شيئ ونملك اشياء لا يملكها غيرنا لاننا ببساطة مختلفون عن الجميع كل ما نحن بحاجة اليه هو الاعتراف بجهود الاخرين وتكريمهم واعطائهم حقهم هنالك شخصيات عالمية ليست احسن من شخصيات الجزائر ولكن ما جعلها عالمية وعلى كل لسان هو الاعلام الذي صار اليوم يلعب دورا كبيرا في مختلف المجالات في السياسة والاقتصاد والفنون و الرياضة وكل شيء وهذا ما نفتقر اليه في الجزائر با لاضافة الى نكران الجميل .وحتى نكرم هؤلاء ونعطيهم حقهم علينا الاعتراف بما انجزوه ويلعب الاعلام دوره في ذلك ان الاوربيون يعرفون كيف يصنعون لانفسهم تاريخا ويجعلون من تلك الشخصيات قدوة للاجيال الصاعدة وحتى لاعبي كرة القدم فمثلا هنا في الجزائر تجد اطفالا وشبابا يعشقون لاعبي الخضر ويحاولون ان يكونوا مثلهم ويقتدون بهم وبانضباطهم واخلاقهم وحتى اناقتهم وطريقة لعبهم مثل عنتر وبوقرة ومغني ...... وهذا شيء جميل يصنع لاعبين للمستقبل هذا مثال جد بسيط فعندما نترك صورة جيدة لهؤلاء عند الاطفال فانهم يقتدون بهم فما بالك بشخصيات كبيرة وتاريخية من علماء وفنانين ورياضيين وغيرهم وشكرا

  • عنابي

    يعني انت تريد ان تقارن بومدين بمجموعة من الهاوين اخطات يا حفيظ بومدين محفور في قلوبنا و لا نتدكره مرة واحدة فقط بل دائما هو في بالنا

    و اريد ان اقول لك لا تقارنه مع الزاهي او سعدان او منصوري و تحاول ايصال رسالة مشفرة الى عقل القراء و خاصة الصغار في السن

    فشتان بين الرجل الدي كان رصيده 13 دج في البنك * ادا لم تخني الداكرة *عندما مات وبين هؤلاء

  • محمد التلمساني

    كل ما قلته صحيح وهذا من زمان وليس في بلدنا فقط بل في كل البلدان العربية والمتخلفة ولا تقارننا بالدول الخليجية التي تشير أليها التي سكانها لا يتعدونا الألاف وهي حديثة العهد في كل المجالات ولم تمر بالأزمات مثل باقي الدول العربية وكل شيء مستورد فيها من الخارج حتى الأيطارات والأفراد. فالأحتقار والتهميش والنسيان موجود في كل شىء وكرة القدم ورابح سعدان أخر شيء في هذ المنوال وهما لا يسمننان ولا يغنييان من جوع. نحن ضد كل من يحاول زرع الفتنة والتفريق وخلق المشاكل في المنتخب او في مجال اخر في هذا البلد. ونحن نحترم رابح سعدان ونقدره لكل ما قدمه وانجزه لكن أذا كان لا يستطيع أن يقدم المزيد او الأيضافة الأيجابية واللمسة الأخيرة فلا حرج أن يترك مكانه لمن هو أفضل منه. فمن عاداتنا في الجزائر أننا من يجلس على كرسي واعجبه لا يود ان يغادره. اللهم أهدي الجميع الى الصواب.

  • DZ coooool

    c'est vrai ...
    bravooooooooo kho

  • fati

    trop fort hafid! on sent bien ke cet article a été ecrit chez ns! Allah ghalab! c du 100pr 100 algerien! on t'adore! t'inkiéte mn ami, l'Algerie restera tjrs debout! avec ses femmes et ses hommes...