-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اليوم الثاني من محاكمة رجل الأعمال صحراوي تكشف:

الأرض والقرض.. بؤرتان للفساد في الجزائر!

نوارة باشوش
  • 7209
  • 0
الأرض والقرض.. بؤرتان للفساد في الجزائر!
أرشيف

أماط قاضي الفرع الثالث لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، اللثام عن التلاعب “المقنن” بعقود الانتفاع والامتياز” وما نتج عنه من تجاوزات و”بزنسة” بـ”أراضي البايليك”، مما فرّخ عصابات منظمة للثراء العقاري من كل حدب وصوب، استولت على عقارات فلاحية وصناعية واستفادت من قروض بالملايير دون ضمانات أو رهانات، وهذا بتواطؤ عدد من المسؤولين والموظفين في الإدارات المحلية، لتكشف التحقيقات الأمنية والقضائية في آخر المطاف أن أكبر بؤرة للفساد في الجزائر هي “الأرض والقرض”.
وقد تواصلت، الخميس 9 نوفمبر لليوم الثاني على التوالي، محاكمة رجل الأعمال عبد المالك صحراوي وإخوته، إلى جانب مدير ديوان الوزارة الأولى سابقا مصطفى رحيال وبقية المتهمين المتابعين في ملف فساد يتعلق بـ”الحصول على عقارات فلاحية وصناعية وعقود امتياز وكذا القروض”، باستجواب قاضي الفرع الثالث لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي لبقية المتهمين والبداية كانت مع المدير السابق لديوان الوزارة الأولى مصطفى رحيال.

مهامي كمدير ديوان “التبليغ” ولا أعرف صحراوي
أنكر المتهم مصطفى رحيال، الذي كان يشغل منصب مدير الديوان لدى الوزارة الأولى سابقا في عهد عبد المالك سلال التهم الموجّهة إليه، وقال إن مهمته كمدير ديوان تنحصر في “تبيلغ” تعليمات الوزير الأول، مفنّدا تماما علاقته مع المتهم عبد المالك صحراوي.
القاضي: رحيال مصطفى أنت متابع بجنح إساءة استغلال الوظيفة عمدا على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، بغرض الحصول على منافع غير مستحقة لشخص أو كيان آخر، منح امتيازات غير مبررة للغير بمناسبة إبرام عقد مع الدولة أو أحد مؤسساتها، مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية، هل تنكر أم تعترف؟
رحيال: أنكر هذه التهم جملة وتفصيلا سيدي الرئيس، لا أعرف كيف تم إقحامي في هذه القضية، رغم أنه ليست لي علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، فأنا قمت بعملي كمدير ديوان للوزارة الأولى ومهامي هي “التبليغ”، وفقا لما حدّده مرسوم فيفري 2006، إذ أبلغ سيدي الرئيس تعليمات وتوجيهات الوزير الأول، آنذاك، عبد المالك سلال.
وأضاف: “سيدي الرئيس أنتم على علم بمهام مدير الديوان وملف الحال تمت دراسته كأي ملف مر على الوزارة الأولى، وأنا أمضي على أزيد من 1000 مراسلة في الأسبوع، وأتذكر أنه في إحدى الفترات أمضيت على 3 آلاف رسالة في الأسبوع، وكل الرسائل هي تعليمات أصدرها الوزير الأول سواء الخاصة بمجالس الحكومة أو مجلس الوزارات المشتركة أو مجالس المساهمة، فالوزير الأول يتخذ قرارات أو توجيهات وأنا أقوم بالتبليغ”.
وتابع: “هذا الملف سيدي القاضي ليس لديه طرح خاص أو إجراء خاص، جاءت رسالة المستثمر للوزير الوزير الأول كإعلام وهذا الأخير أصدر تعليمات، وقال إنه للدراسة مع توفر الشروط المطلوبة، وعلى هذا الأساس، فأنا لم أمنح أي مزايا ولم أقم بأي تصرف غير قانوني ولم أتصل بأي كان لا وزير الفلاحة ولا غيره من أجل التوسط لهذا المستثمر الذي لا أعرفه أصلا”.
القاضي: متى شغلت منصب مدير ديوان الوزير الأول؟
رحيال: من جوان 2014 إلى غاية ماي 2017.
القاضي: أنت تقول إنك كنت تنفذ التعليمات هل كانت شفوية أم كتابية؟
رحيال: الوزير الأول يعطي في غالب الأحيان تعليمات شفوية لأن الديوان ليس بهيكل خارج الوزارة، وعندما تكون مشاريع قوانين أو مشاريع مراسيم يصدّر تعليمات كتابية.
وفي هذا الأثناء، يستظهر القاضي وثيقة تتمثل في الرسالة التي وقّعها المتهم رحيال، ويسأل: ماهي علاقتك بصحراوي عبد المالك؟
رحيال: لا سيدي الرئيس “عمري ولا شفتو ولا هدرت معه” ولا تربطني معه أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد، زد على ذلك، فإن الوقائع جرت عام 2015 وأنا عرفت صحراوي عبد المالك في 2017 بصفته نائب برلماني عن حزب جبهة التحرير الوطني، كما أن رسالة هذا الأخير جاءت في شهر أفريل، وبعد 21 يوما منح الوزير الأول تعليمات وبعدها أنا أمضيت على رسالة التبليغ على شاكلة الرسائل الأخرى.
وأوضح المتهم لهيئة محكمة القطب أنه سبق وأن طلب من قاضي التحقيق إجراء مقابلة مع الوزير الأول لوضع النقاط على الحروف وتوضيح الأمور، وقد وعدني بتجسيد طلبي إلا أن ذلك لم يتحقق مضيفا: “كان بودي توضيح بعض النقاط التي من شأنها أن تغيّر بعض الأمور في القرار، من أجل أن يصدر بحقي أمر بلا وجه للمتابعة، لكن وجدت نفسي اليوم أمامكم سيدي الرئيس”.

حق الانتفاع.. ولغز الامتيازات الفلاحية
بعد فراغ القاضي من استجواب رحيال، انتقل إلى استجواب الإخوة صحراوي “الأربعة”، المتابعين بجنح الاستفادة من سلطة وتأثير أعوان الدولة بغرض الحصول على امتيازات غير مبررة عند إبرام عقد أو صفقة مع الدولة، تحريض موظف عمومي على استغلال نفوذه الفعلي بهدف الحصول من إدارة سلطة عمومية على مزية غير مستحقة، إلى جانب جنحة إخفاء وتبييض الأموال والعائدات الناتجة عن جرائم الفساد بغرض تمويه مصدرها غير المشروع في إطار جماعة إجرامية منظمة وباستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاط مهني.
وواجه القاضي شقيق رجل الأعمال عبد المالك صحراوي المدعو “م. صحراوي” بحقيقة استفادته من عقود الامتياز الفلاحي والصناعي في ولاية معسكر والبيض وتميمون، إلا أن المتهم رد عليه قائلا: “سيدي الرئيس، استفدت أنا وإخوتي من امتيازات فلاحية وصناعية لإنجاز مشاريع مشتركة وغير مجزأة بهدف المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام، على شاكلة (فود بلادي) هذا المشروع الذي يهدف إلى تربية الأبقار ومن ثمّ، إنتاج الحليب”.
وتابع المتهم: “سيدي الرئيس، كان لدينا مشروع استيراد 6 آلاف بقرة تتناسب مع الظروف المناخية السائدة في ولاية البيض، وقد خططنا للوصول إلى 20 ألف بقرة في غضون 4 سنوات عن طريق التكاثر الناتج عن الكمية الأولى المستوردة (6 آلاف بقرة حلوب)، التي ستنتج ما يعادل 800 ألف لتر يوميا وهو ما سيلبي احتياجات السوق من الحليب”.
القاضي: وماذا عن الامتيازات الفلاحية التي تحصلتم عليها بولاية معسكر؟
المتهم: سيدي الرئيس، كنا نملك مستثمرة فلاحية ملك للوالد الذي اشتراها في الخمسينات، وبعدها قررنا التوسعة الجماعية للإخوة صحراوي من أجل الاستثمار، وعلى هذا الأساس تحصلنا على قطعة أرضية أخرى بمحاذاة قطعتنا، حيث يفصل بينهما طريق ونحن قمنا بتعبيد المستثمرة حتى لا تتوقف الأشغال بسبب الأمطار.
القاضي: أنت تحوز على 5 قطع أرضية؟
المتهم: نعم، سيدي الرئيس.
القاضي: هل استفدت من عقود الامتياز؟
المتهم: نعم سيدي الرئيس، وبقرار من الدولة تحولت من عقود الانتفاع إلى عقود الامتياز.
القاضي: أعطنا وصفا لهذه القطع، هل هي متجاورة؟
المتهم: نعم سيدي الرئيس، بالفعل متجاورة.
القاضي: كم هو عدد القروض التي استفادت منها الشركات، وما هي قيمتها؟
المتهم: فعلا، تحصلنا على قروض.. كانت هناك جملة من المشاريع تحتاج إلى تمويل ومرافقة من طرف البنك، مقابل ضمانات قدمناها.. سيدي الرئيس، الأرباح التي استفاد منها البنك منذ سنة 2005 إلى غاية 2022 أي لمدة 17 سنة أضعاف مبلغ القروض التي استفدنا منها.
وأضاف: “سيدي الرئيس، كان لدينا تحد وخاصة في ولاية تيميمون، أين تتجاوز درجة الحرارة عتبة 52 درجة مئوية في فصل الصيف، لكن نحن كانت لنا إرادة قوية في تقديم شيء إضافي لاقتصادنا، لأنني كنت مقتنعا أن الخير في الصحراء”.
القاضي: أنت لم تذكر لنا ما هي قيمة القروض؟
المتهم: في حدود 15 مليار دينار (1500 مليار سنتيم) من بينها 1400 مليار سنتيم ذهبت إلى العمال و20 مليار سنتيم للضرائب.

القاضي: ما هي العلاقة التي تربط الشركات، فيما يخص الإنتاج؟
المتهم: مشروع الجنوب هو مكمل لمشروع “فود بلادي” الذي هو في طور الإنجاز، من أجل تغطية كل الاحتياجات الغذائية طوال السنة، أما مشروع إنتاج زيت الزيتون فهناك معصرة سعيدة التي لها قدرة إنتاجية تقدر بـ20 مليون لتر من زيت الزيتون سنويا، وتحتاج إلى 14 ألف هكتار من أشجار الزيتون، وهذا ما أرغمنا على طلب توسعة تلبي احتياجات المعصرة عن طريق شركات مختصة في إنتاج زيتون الزيت، وهذا المشروع متواجد في حدود ولاية سعيدة والبيض.
أما بالنسبة لمشروع “الجنوب أماييز”، يقول المتهم “م.صحراوي”، فهو مخصص لإنتاج القمح بالدرجة الأولى والذرة الصفراء والنباتات الزيتية وكلها مبرمجة عن طريق عقود إنتاج مع الديوان الوطني للحبوب والديوان الوطني لتغذية الدواجن.
من جهة أخرى، عدّد القاضي الامتيازات التي استفاد منها الشقيق الثاني لرجل الأعمال عبد المالك صحراوي، المدعو “صحراوي. ع”، وخاطبه قائلا: “أنت استفدت من امتيازات غير مبررة وغير مستحقة، من خلال حصولك على وعاء عقاري مساحته 64751 متر مربع بالمنطقة الصناعية لولاية معسكر باسم شركته “Sarl Irrigout”، كما استفدت من ثلاثة امتيازات فلاحية سنتي 2013 و2014 لقطع أرضية تقع ببلدتي “المطمور وماوسة” بولاية معسكر، وهي لا تشكل قطعة واحدة لتشكيل مستثمرة فلاحية واحدة، خلافا لنص المرسوم التنفيذي رقم 10 ـ 326 المؤرخ في 23 ديسمبر 2010، باعتبار أنه لا يمكن الاستفادة من أكثر من امتياز إلا لتشكيل مستثمرة فلاحية واحدة.
في حين رد المتهم “صحراوي. ع” بالقول: سيدي الرئيس، القطع الأرضية تم شراؤها عام 2001 في إطار ما يعرف بحق الانتفاع، وهي عبارة عن قطع متلاصقة وقد تمت تسويتها وتحويلها إلى حق الامتياز في سنة 2013 وهذا في إطار مستثمرة واحدة للإخوة صحراوي”.
القاضي يسأله مجددا: وماذا عن القروض التي تحصلت عليها الشركة؟”، ليجيب المتهم: أنا أملك شركة واحدة وهي “Sarl Irrigout” وقد استفادت من قرض يقدر بـ97 مليار سنتيم وقد تم تسديده كليا.
وبالمقابل، أنكر الشقيق الثالث للنائب السابق عن حزب “الآفلان” عبد المالك صحراوي المدعو “صحراوي. م” التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلا، وشرح للقاضي طريقة حصوله على امتيازين فلاحيين بالقول: سيدي الرئيس، أنا استفدت من عقارين فلاحيين، الأول مساحته 2 هكتار والثاني 3.5 هكتار ببلدية المطمور بولاية معسكر، وقد قمت بتسوية العقد وتحويله من حق الانتفاع إلى حق الامتياز في 2013 في نفس البلدية. وفي هذا الأثناء يقاطعه القاضي ويسأله: هل القطعتان متجاورتان؟ ليرد عليه المتهم: نعم سيدي الرئيس، متجاورتان.
وفي رده على سؤال القاضي بخصوص القروض التي استفادت منه شركاته، أجاب المتهم قائلا: سيدي الرئيس، أنا أملك شركتين “ستير غاز” التي تحصلت على قرض يقدر بـ322 مليون دينار وشركة “ستيك بلاست”، وقد تم تسديد أكثر من نصف المبلغ المقترض. وفي هذا اللحظة يقاطعه القاضي: لكن هناك تأخرا في التسديد؟ ليرد عليه المتهم: نعم، وهذا بسبب وباء كورونا.
القاضي ينتقل إلى استجواب الشقيق الأصغر لعبد المالك صحراوي المتهم “صحراوي. ر”، مسير شركة “ترانس واست”، إذ واجهه بالامتيازات التي استفاد منها على غرار عقار صناعي بالمنطقة الصناعية بالسينيا وهران بمساحة 6000 متر مربع سنة 2017، حيث تم استغلالها كمخزن إمداد للشركة، كما استفاد من مستثمرة فلاحية فردية بمطمور ولاية معسكر بمساحة 5 هكتارات عن طريق عقد تنازل، فيما استفادت شركة “ترنز واست” من إيجار مالي بمبلغ 30 مليار سنتيم من المؤسسة المصرفية العربية للإيجار، وكذا شركة “بيتروسار” من قرض بنكي سنة 2018 بمبلغ 264 مليار سنتيم من وكالة بنك التنمية المحلية بمعسكر.
إلا أن المتهم “صحراوي. ر” أنكر التهم المنسوبة إليه، وأكد أنه يعمل في مجال الفلاحة، ثم انتقل إلى مجال نقل البضائع على مختلف المسافات وهذا منذ سنة 2004 وأنه مسير لـ7 شركات على غرار شركة “بتروسار” منذ سنة 2018.
وبخصوص الامتيازات التي استفاد منها، قال المتهم: سيدي الرئيس، أنا استفدت من عقار واحد ذي طابع فلاحي، وهذا حسب ما يمليه القانون وهو حاليا مستغل بنسبة مائة بالمائة ومنتج بنسبة مائة بالمائة، أما بخصوص شركة “ترانس واست” فقد استفادت من وعاء عقاري سنة 2015 بطريقة قانونية.
أما فيما يتعلق بمسألة القروض، رد المتهم على هيئة محكمة القطب قائلا: سيدي الرئيس، أنا ليس لدي أي قرض، فقط تحصلت على قرض من بنك خاص سنة 2013 وقد سددته في موعده كاملا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!