الأسئلة المحرجة.. بداية الثقافة الجنسية عند الطفل
عندما يبدأ فضول الأطفال في معرفة كل شيء تبدأ الأسئلة المحرجة التي يعجز الأولياء عن الإجابة عنها لأنهم غير مهيئين لذلك، ولا يعرفون كيف يتعاملون مع الثقافة الجنسية للأطفال التي تبدأ في سن جد مبكرة دون شعور الآباء، فنجد طفلا يحرج والدته في طابور أمام مسمع الجميع وهو يسألها عن امرأة حامل مرت بجانبه وماذا تحمل في بطنها، أو يسأل والدته كيف ولدته وكيف جاء إلى هذا العالم ومختلف الأسئلة التي تنزعج منها الأمهات وتشعرهن بالحرج أمام الآخرين، فهناك أم تتصرف بلطف مع أسئلة طفلها المحرجة وهناك من تشد أذنه أو تخيفه بنظراتها أو تطلب منه.
الصمت بكلمة “ششششش”….أو تحذره من إعادة السؤال وهناك من تجيبه بغباء وتحايل فتقول له لقد أحضرتك من المستشفى أو عثرت عليك صغيرا أو وضعوك أمام باب البيت عندما كانت السماء تمطر ….وهناك أم تتعامل مع فضول ابنها الصغير بنوع من الذكاء فتخبره بأنها ستجيب عن أسئلته عندما يصل إلى البيت لتفادي الحرج.
ويفضل الآباء والأمهات عدم الخوض في الحديث حول المواضيع الجنسية مع أطفالهم في سن مبكرة
مع أن الخبراء يؤكدون على أهمية هذه الثقافة وفتح الحوار تدريجيا مع استكماله عبر سنوات نموهم وفق استراتيجية علمية، تأخذ بعين الاعتبار سن الطفل ومدى معرفته للأمور إلى غاية سن البلوغ أين يمكن للآباء مناقشة بعض الجوانب الحساسة ، لكن الآباء وحسب الطبيعة والنشأة الاجتماعية للأسرة الجزائرية نجدهم يتعاملون بتحفظ وخجل كبير حتى في أبسط الأمور فنجد الأم لا تفتح موضوع البلوغ مع ابنتها إلى غاية أن تصاب هذه الأخيرة بصدمة لأنها غير مهيئة نفسيا ولا علميا لتقبل تغيراتها الجنسية وحالتها ونموها الجنسي، ونفس الشيء بالنسبة للذكر، فهناك الكثير من الحواجز الاجتماعية والأسرية تمنع من تداول هذه المواضيع داخل العائلة وحتى بين الطفل ووالديه.
ومن الشهادات المرعبة التي قدمتها لنا بعض السيدات أنها عاقبن أطفالها بالكي بواسطة شوكة الطعام لأنهم تحدثوا في مواضيع “غير لائقة” كطفل سأل والدته عن سبب اختلاف شكل عضو جنسه عن شقيقته الرضيعة.
وحسب الخبراء فإنه يتوجب على الأولياء عدم التغاضي عن أسئلة الأطفال المحرجة مهما كانت درجاتها، وعدم معاقبتهم لأنه سلوك طبيعي مرّ به الآباء من قبل عندما كانوا أطفالا، فقط يجب أن تكون الإجابة باختيار الألفاظ والمعلومات المبسطة بشكل يفهمها الطفل حسب سنه وقدرة استيعابه، وعدم الخوض في المسائل الحرجة ما لم يثرها الطفل عن طريق سؤاله، وقد يتغاضى الآباء عن بعض الأسئلة التي لا يرون داع في الإجابة عنها عندما يكون الطفل صغير جدا.
ويملك الأطفال في الغالب حسا قويا يفهمون من خلاله صدق الآباء أو كذبهم، من خلال اكتفائهم بالأجوبة أو محاولة طرح نفس السؤال للحصول على أجوبة أكثر صدقا ووضوحا، وتستخدم الأمهات أيضا سياسة جس النبض لدى طفلها ، فعندما يسألها سؤالا محرجا تبادر هي الأخرى بسؤال آخر في نفس الموضوع لمعرفة حجم المعلومات التي يعلمها الطفل ومصدرها وأين تلقاها وكيف تكونت لديهم لأخذ الحيطة.
ويعد موضوع الأسئلة المحرجة التي يطرحها الطفل على والديه من المواضيع الهامة لكن الآباء لا يتعاملون معها بشكل علمي بل يعاقبون الطفل أو يضربونه بعنف حتى لا يعيد طرحها مرة أخرى، والمعاملة السليمة هي توعية الطفل بان هذه المواضيع المتعلقة بالجنس والتكاثر عند البشر لا تناقش علنا بل في البيت وداخل الأسرة، ويرى المختصون النفسانيون أن تقريب الحقائق من الطفل يكون تدريجيا وأحسن طريقة هي المطالعة والقراءة في سن مبكرة من خلال بعض الكتب والقصص الصغيرة البسيطة.