-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأستاذ بِيدْرُو: بِكَ لغةُ الضادِ تفتخرُ!

الأستاذ بِيدْرُو: بِكَ لغةُ الضادِ تفتخرُ!

في الوقت الذي تتخاذل فيه الأقلام العربية عندما يتعلق الأمر بإعادة الاعتبار للغة العربية؛ وفي الزمن الذي يتجاهل فيه حكام العرب الانهزاميين موضوع تمكين لغتهم في عقر دارها وفي رحاب المحافل الدولية؛ وفي العهد الذي تهجرها فيه المؤسسات العلمية العربية وأهلها بدعوى اللحاق بركب التقدم؛ وفي الآونة التي يحتقرها فيها رجل الشارع المهزوم في الساحة العربية نجد في الضفة الأخرى علماءَ أجانب يُدلون برأيهم الحر حول سلوك العرب إزاء لغتهم وينددون بأفعالهم ويدافعون عنها بالقول والعمل!

“سيدة العرب”

والشخصية البارزة التي اشتهرت بهذا التوجه النبيل في هذا العصر هو الاسباني الأستاذ بيدرو مارتينيث مونتابيث Pedro Martínez Montávez، عميد المستشرقين الإسبان البالغ من العمر 85 سنة. وقد تحصل بيدرو على الدكتوراه في مطلع الستينيات من جامعة مدريد ودرّس في العديد من الجامعات داخل إسبانيا وخارجها وتولى مناصب أكاديمية مرموقة.

أخذ بيدرو على عاتقه مهمة افتتاح أول قسم لدراسة اللغة العربية وآدابها المعاصرة في جامعته. كما كان له الفضل في تأسيس أول قسم للغة الإسبانية وآدابها في جامعة عربية (جامعة عين شمس). نذكّر أيضا أنه أول من ترجم للروائي المصري نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، إلى اللغة الإسبانية عام 1957.

ومن الأبحاث التي كتبت بقلم بيدرو نجد : “العرب والبحر الأبيض المتوسط”، و”الأدب العربي اليوم”، “ولماذا العراق؟”، و”مأساة العرب الكبرى”، و”العالم العربي وتغيرات القرن”، و”تطلعات الغرب والحرمان العربي” و”العالم العربي والعبور من قرن إلى قرن”. وهذا فضلا عن المؤلفات الكثيرة -التي تعدّ بالعشرات- حول الثقافة العربية القديمة والمعاصرة باللغتين الإسبانية والعربية، والعديد من الترجمات لأعمال عربية في النثر والشعر إلى الإسبانية.

يؤكد بيدرو، بناءً على تجربته التي فاقت مدتها خمسين عاما قضاها في البحث والتنقيب حول اللغة العربية وثقافتها، وبناءً على ترجماته المختلفة للنصوص العربية الثقافية والفكرية والإبداعية، يؤكد أن اللغة العربية وثقافتها هي الحصن المتبقي للعرب. ويوصيهم بضرورة الحفاظ على هذا الحصن لأن انهيارها يعني انهيارهم. وفي هذا السياق يرى بيدرو أن العرب قادرون من الناحية النظرية على حماية هذا الحصن بفضل ثراء لغتهم وعمقها وقدمها وحجم تراثها المكتوب. ويضيف أنه من الناحية العملية تبدو الأمور أصعب في ظل الظروف العالمية التي “تعصف بالمنطقة العربية وتحرمها حقها في الاستقرار والتطور الذي يسكن ثقافتها”.

وفي متن استجواب للأستاذ بيدرو نقرأ أن التشرد الذي تعيشه الشعوب العربية المهزومة وحال ضياعها قد يكونان السبب الذي يجعل تلك الشعوب لا “تصدّق العمق المعرفي والحضاري الذي تحمله بين أيديها”. وفي هذا الاستجواب وصف بيدرو اللغة العربية بـ”سيدة العرب”.

ومن جهة أخرى، يشير بيدرو إلى أن اللغة العربية “لغة عظيمة” إذ أنها “تحتوي على أكثر عدد من المفردات ومن المصادر، من بين كل لغات العالم… وهي بكل جوانبها وصفاتها أغنى من الإسبانية بما يزيد عن الخمسة أضعاف …”. وما يعتقده بيدرو أن العرب فقدوا في العصر الحديث دورهم في بناء الحضارة البشرية، يتحمل العالم بعضا منها. كما “فقدوا قدرتهم القديمة على الابتكار والتألق، وهم يتعرضون لمرحلة تشبه العصور الوسطى في أوروبا”.

ويؤكد بيدرو أن السبيل الوحيد لدى العرب للخروج من مأزقهم الحالي هو العودة إلى ”النقد الذاتي”. وفي هذا السياق يطرح سلسلة من التساؤلات، منها: ”لماذا لم يستخدم العرب النقد الذاتي؟ هل سبب غياب النقد الذاتي من طبيعة المجتمع العربي؟ هل تقبل الأنظمة العربية القائمة بإرساء الحريات؟ هل تتيح فعلاً حرية التعبير؟ هل المسؤولية تقع على عاتق الأنظمة العربية أم على المجتمع نفسه؟

ويجيب بيدرو عن البعض منها بالقول: ”لديكم مفكرون كبار يمكنهم السير في اتجاه الخروج من الأزمة الحالية التي يمر بها المجتمع العربي”. لكنه يرى أيضا أن ثمة مشكلة عويصة تكمن في كون المفكرين العرب ينظرون للعالم العربي من الخارج أكثر مما ينظرون إليه من الداخل. لا نعتقد أن بيدرو أخطأ في هذا التحليل! فمتى يتفطن هؤلاء المفكرون ويعدّلون زاوية رؤياهم لشعوبهم المستضعفة؟ لو فعلوا لاكتشفوا، مثل بيدرو، الدور الفاعل الذي ينبغي أن تؤديه “سيدة العرب”!!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • dzair

    هل انت مختص في علم اللسانيات ام تراك ذا ثقافة عامة ليس الا?

  • بدون اسم

    رمتني بدائها و انسلت الحمد لله لسنا معقدين فلغتنا العربيه لغه القران و لغه اهل الجنه اما انتم فاهل العقد لان لديكم مركب نقص في تكوينكم النفسي
    دائما تشتمون بالعرب و تقللون من شأنهم بل اصبحتم تتجاوزون على الاسلام !!
    و الدليل صفحات الشروق و تعليقات الامازيغ
    اما الامازيغيه كلغه فلا صله لها بالعربيه مهما حلللت وبررت
    و وجود كلمات عربيه بلغتكم فهو لقصورها و ضعفها
    استعينوا بفرنسا لتنظيم الامازيغيه لان لديها 3 مراكز مختصه بالامازيغيه !!!
    المهم متى ستهبطون على المريخ بعد ترسيم الامازيغيه ؟

  • خالد الجزائري

    يا معقد اولا لا تعارض بين العربية و الامازيغية الا في اذهان المتعصبين من امثالك ثم ان بحثت في اللامازيغية لوجدت مئات الكلمات العربية ثم من الناحية العلمية الامازيغية التي هي لهجات لم ترتقي لتصبح لغة واحدة ثم انه الان يسعى ويدرس اللسانيون لخلق لغة معيارية توحد الهجات الامازيغية وجعل الناطقين بالامازيغية يتبنوها وهذا و ان تحقق يتطلب العشرات من السنين بل المئات لتصبح الامازيغة لغة موحدة ومن ثم تؤلف الكتب و تترجم لها و تريد ان تقارنهابالعربية ذات الرصيد الفكري و المعرفي و الحضاري

  • zerzaihi tahar

    je suis entiérement d'accord avec ce qu' a dit le professeur. L'autocritique est interdite dans les sociétés arabes par ce que ils se croient infaillibles. Deuxiément, ils partent pas de leurs réalité mais de celles du monde occidental. mes respects

  • بدون اسم

    والحوار هو أسلوب حضاري....نعم لكن الحوار فن لا يتقن خباياه المتعصبون للأسف . فتوماس باين
    يقول : من يحاور المتعصب كمن يعطي الدواء لجثة وهذا هو مشكل العرب فكيف تحاور ياأخي من
    يقول لك : لغتي أفضل اللغات وهي مفتاح الحنة ومن لا يتقنها فالنار في إنتظاره وديني أفضل
    الأديان وتاريخي لا يضاهيه تاريخ وأصلي أكرم من كل الأصول وكيف تحاور من يرفض الإعتراف
    بأخطائه ونقاط ضعفه وكيف تحاور من يلوم غيره على مصائب وكوارث صنعها بنفسه وكيف تحاور
    من يعتبر كل من إختلف عنه لغو وعقيدو ورأيا.... عدوه فيتهجم عليه

  • عبدالقادر

    إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ
    متى نبدأ,,,من أين نبدأ,,

  • العاصمية

    شكرا جزيلا أستاذ سعد الله على هذا المقال الذي عرفنا بشخص "بيدرو" وتقديره للغة العربية المخذولة من طرف أبنائها..دائما تمتعنا وتفيدنا بمقالاتك الرائعة القيمة خاصة في مجال اللغة العربية..نرجو منكم المزيد من المقالات والمواضيع في هذا المضمار,,فهي تستحثنا وتستنهض هممنا وتحيي فينا الشعور بالانتماء والفخر والتمسك بهذه اللغة الجميلة المسجونة في عقر دارها.
    دمتم وحفظكم الباري

  • hocheimalhachemihh

    لأن كل من يدع الى تامزيعت هم من شيعة زوايا المتواجدة بقوة في الجزائر بلاد "سيدي سيدي يا سيدي سيدي يا سيدي من ثم ليعموا لهم عيونهم لمتقول ياسيدي سعيد هاهاها " تبا لمن يستبدلون الخبيث بالطيب " وتيقنوا أن هؤلاء لايفلحون لا في دنياهم ولا في آخرتهم" والعبد مع من أحب "

  • بدون اسم

    أستاذنا الكريم سعد الله ،أسعد الله أيامك ،أنت من الذين يدافعون عن اللغة العربية في زمن التولي ،حيث تكالب الأعداء على هذه اللغة ، لأنهم يعلمون أنها الحصن الحصين لبقاء هذه الأمة التي لاتريد إلا الخير للإنسانية ، وذلك ما فعلته أيام سادت العالم في الزمن الغابر ، سيدي الكريم شهادتكم غالية لأنكم ولجتم ساحة العلم ،وتتحدثون عن دراية ، والعربية محتاجة لأمثالكم من المخلصين ، جعل الله سعيكم في ميزان حسناتكم .

  • لا يهم

    يتبع ///
    ماذا يمنع التحاور بين طوائف المسلمين سنة وشيعة وغيرهما ؟؟ والحوار هو أسلوب حضاري هادئ ينزع اللبس وينور العقول !!! حتى وإن استمر عقودا فعمر الحظارة الاسلامية تجاوزت القرون و الأزمة الفكرية تتعمق قرن من بعد قرن
    الأمام الشافعي ما كفر أبدا أستاذه الإمام المالكي ! لقد كانوا في قمة الحضارة ومقولة الخلاف رحمة معناها أنهم كانوا مهيئين للحوار والفكر
    شتان بين ماكنا عليه وما نحن فيه الآن !!
    سوء فهم للدين الاسلامي هو أن الازمة التي نعيشها هي أزمة فكرية
    أزمتنا الحالية أزمة فكرية والله

  • لا يهم

    صحيح أزمة العرب المسلمين أزمة فكرية بحتة ! فكم انتقد مالك بن نبي في أيامه من طرف الفاهمين !
    بالرغم من أن مبادئ الإسلام في حثيقة الأمر مبنية على العقل والمنطق والتدبر يلغي هؤلاء الفاهمين صفة التدبر والتفكير والاجتهاد وكلها تلغي أي فرصة للإبداع والاختراع و الابتكار دليل ذلك مقولة البدعة فحسب هؤلاء الفاهمين لا توجد بدعة حسنة وأخرى سيئة فكل جديد هو بدعة حتى ولو تعلق الأمر بالملعقة والسيارة و الهاتف والكمبيوتر
    ووصل الأمر إلى التكفير و التفجير بالعمليات الانتحارية !!

  • بدون اسم

    المهم الامازيغيه ترسمت و نحتفل بيناير
    لهذا سنتقدم و نهبط على القمر بل المريخ !!
    ولا تنسوا كيل الشتائم للعربيه و العرب

  • أحمد

    1-إذا قرن العربية بمختلف اللغات
    نجدها أكملهم وأتمهم وأفضلهم
    على الإطلاق بدون منازع،وهذا حقيقة
    لا إديولوجية ولا عاطفة عمياء،
    وهي المترشح الأولى لأصل اللغات قاطبة،
    فأهلها لا يدركوا حقيقتها ولا قيماتها الثمينة
    فالعرب لهم كل المؤهلات ليكون قاطرة الأمم
    في الحضارة كما كانوا من قبل فحضارتهم
    هي أطول حضارة في التاريخ البشري،
    ولكن دعات التغريب يسعون لطمس هذه الثروة
    الحضارية التي لا تقدر بثمن. نتمنا لأهلها أن يدرك
    هذه الحقائق التي غفل عنها الكثير،
    فهي لغة علم وفلسفة ولسانيا وأدب وشعر ودينا...