الجزائر
جمعيات التجار والمستهلكين تنتقد.. و800 سوق على الورق

الأسواق التضامنية.. كذبة رمضان!

وهيبة سليماني
  • 8265
  • 17
أرشيف

خيم مهجورة في استقبال الزبائن
بولنوار: الخوف من كورونا وراء تراجع أسواق الرحمة
زبدي: نقص كبير لفضاءات التضامن وغياب تام لترويجها

لم تكن الأسواق التضامنية في مستوى تطلعات واحتياجات المواطنين مع بداية رمضان، فالخيم المهجورة والأماكن المعزولة كان مصير هذه الأسواق هذا العام، وتعب المستهلكون بين البحث والسؤال عن مكان هذه الأماكن، فمنها ما كانت عبارة عن خيم مهجورة، وبعضها أقيمت في أماكن معزولة وأكثرها تعثرت في الانطلاق وكانت موجودة على الورق فقط.. فالمواطنون الحالمون بأسواق الرحمة و”صولد” المواد الغذائية والأسعار التنافسية صدموا بغياب مخيب لهذه الوعود وكانوا فريسة تجار غابت عنهم الرحمة في شهر الرحمة..
وعادت في ظل هذه الظروف، الأسواق التضامنية التي يهرع إليها المواطنون، خلال كل شهر رمضان، على غير حالها، حيث رغم الاتفاق مبدئيا مع جمعيات التجار والحرفيين، على فتح 800 سوق تضامني عبر التراب الوطني، إلا أن اغلبها تأخرت في نصب خيمها، وبيع سلعها، وبعضها غير موجودة أصلا، فمثلا في الجزائر العاصمة كان من المقرر فتح 10 أسواق تضامنية، فتعثرت أكثرها وتحولت إلى خيم مهجورة وبعضها الآخر فتحت بطريقة محتشمة وفي أماكن مجهولة.
وفي الوقت الذي تعرف فيه فئة واسعة من العائلات الجزائري تدنيا في المستوى المعيشي، وندرة في بعض المواد الغذائية، ومعاناة مع غلاء الأسعار، تأخرت الأسواق التضامنية في نصب خيمها، حتى إن بعضها التي فتحت أسبوعا قبل حلول شهر رمضان، لم يسمع بها زبائنها، ولم يعرف البعض منهم أماكن تواجدها، حيث إن الإقبال بقي محتشما رغم أن أسعار السلع التي تباع في هذه النقاط معقولة غير التي نجدها في المحلات والأسواق الأخرى.
ولا يزال، في العاصمة، السوق التضامني في منطقة “كتاني” بباب الوادي، مغلقا أمام زبائنه رغم أن خيمه نصبت منذ أيام، وهو نفس الحال بالنسبة لسوق سيدي عبد الله المدينة الجديدة، أين يحتاج سكانها إلى نقاط بيع إضافية لتفادي التنقل إلى أماكن بعيدة.

السوق التضامني “سافاكس” خال من الزبائن

وإن فتح السوق التضامني بقصر المعارض”سافاكس” بالعاصمة، أمام المواطن منذ أسبوع، فإن الإقبال على خيم هذا السوق، وحسب جولة ميدانية لـ”الشروق”، ورغم استحسان المواطنين للأسعار، بقي محتشما والاكتظاظ المعهود في الأسواق التضامنية لسنوات مضت غير موجود.
أغلب الباعة في الخيم الخاصة بكل مؤسسة منتجة أو شركة، اشتكوا عدم الترويج لهذا السوق عبر وسائل الإعلام ومنصات الاتصال الاجتماعي، وعن طريق الإشهار، وقالوا إن عملية الشراء تتم من طرف كل من يقصد السوق، إلا أن هؤلاء الزبائن ليسوا بالحجم المتوقع.
والبداية كانت مع خيمة شركة “الدار” الخاصة بتعبئة دقيق القمح اللين، حيث استحسن بعض المواطنين، الأسعار التي كانت أقل في بعض الأحيان بـ 50 دج، عن أسعار يباع فيها الدقيق الأبيض في محلات التجزئة، وقد بلغ سعر كيس 10كلغ من ا”لفرينة” 370دج في حين نفس الكيس يصل إلى 420دج في الأسواق العادية.
وقال باعة في هذه الخيمة، إن أسعار السلع هي نفسها التي يباع بها لتجار الجملة، أي إنها أسعار المصنع، وقد وجد فيها الزبائن فرصة لشراء كميات خاصة يحتاجونها لصناعة الحلوى و”المطلوع”.
وفي خيمة الحليب ومشتقاته لشركة “الحضنة”، كان الإقبال ملحوظا على الحليب المعلب، خاصة أن أسعارها تقل بـ15دج عن أسعار تجار التجزئة، وبعض مشتقات الحليب هي الأخرى لقيت أسعارها استحسان بعض الزبائن.
وحسب جولتنا الميدانية، إلى السوق التضامني بـ”صفاكس”، فإن الكثير من الخيم التي تملك شركات ومصانع لمواد غذائية ومواد تنظيف واللحوم لم تفتح أمام زبائنها والتزمت بالوقت المحدد لفتح السوق، وهو الواحدة زوالا، في حين إن بعضها فتحت قبل هذا الموعد، لأنهم لاحظوا أن الإقبال يبدأ صباحا، وقالت بائعة في خيمة “شركة الأمير” للمواد التنظيف والتطهير، إن فتح السوق من الواحدة زوالا إلى السادسة مساء، توقيت غير مناسب وإن بعض المواطنين الذين يجدون خيما كثيرا غير مفتوحة، عندما يأتون قبل هذا الموعد، يتذمرون.
ومن خلال ذات الجولة، كانت الكثير من المواد الأساسية التي يبحث عنها المواطن غير موجودة، حيث لم يجدوا المواد المسقفة والمدعمة، مثل الزيت والسكر وحليب الأكياس.

بولنوار: الاكتظاظ في الأسواق التضامنية غير مناسب في ظل كورونا

أرجع رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين، حاج الطاهر بولنوار، تعثر فتح الأسواق التضامنية لرمضان الجاري، إلى إشكالية الإقبال الواسع والاكتظاظ في هذه الأسواق بسبب انخفاض أسعار سلعها، في ظل جائحة كورونا، حيث إن التخوف من انتشار العدوى يمكن أن يكون وراء التماطل وعدم الإسراع إلى فتح هذه الأسواق، ويختلف الأمر، حسبه، من ولاية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى.
وحمل مسؤولية عدم الترويج لبعض الأسواق التضامنية، لبعض التجار وجمعيات حماية المستهلك، هذه الأخيرة التي من المفروض، حسبه، تقوم بدور التشهير والإعلام ودعوى المستهلك للشراء من هذه الأسواق، وهذا للضغط على المضاربين الذين عندما يقل الإقبال عنهم، يعاودون تخفيض الأسعار.
وقال بولنوار إن التجار لا يزالون يتخوفون من عودة فرض القيود عنهم بسبب انتشار كورونا، وتعليق بعض النشاطات في حال عودة الوضع السابق عندما كانت حالات ارتفاع الإصابة بالفيروس، حيث تبقى دائما الأسواق التضامنية مصدر يهدد نشاطهم فبرغم الربح من جهة للتاجر وانخفاض أسعار يستفيد منها المستهلك، فإن الإقبال الواسع قد يؤدي إلى اكتظاظ وعدوى بالفيروس، هذا الأمر حسب بولنوار، الذي جعل العاملين في التجارة يتحاشون هذه السنة الترويج للأسواق التضامنية.

زبدي: التضامنية تراجع عددها وتأخرت عن خدمة المستهلك

واستنكر في هذا السياق، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، الدكتور مصطفى زبدي، التخاذل وعدم الالتزام بالبرنامج الخاص بالأسواق التضامنية، والقوائم الخاصة بعددها وأماكن تواجدها، حيث قال إن بعض الولايات لم تمنح لجمعيات حماية المستهلك، والجهات المحلية المسؤولة، قائمة هذه الأسواق التي بقيت مجهولة وغير مجهزة قبل الموعد.
وأكد أن مسؤولية الترويج لها تقع على عاتق الجميع، وليس على المهتمين فقط بحماية المستهلك، كما أن تعثر انطلاق الأسواق التضامنية، جعل المستهلك لا يستفيد من تخفيض أسعار سلعها حتى بعد فتحها، لأن أغلب المواد الغذائية تم شراؤها مع بداية رمضان، والبعض خزنوا كميات منها تكفي لعدة أيام.
ويرى زبدي بأن العشرات من الأسواق الجوارية والتضامنية، التي فتحت السنوات الماضية غير موجودة خلال شهر رمضان الجاري، ولولا رفع الحظر عن الباعة المتجولين الذين حققوا توازن في السوق، لكان المواطن في قبضة المضاربين.

مقالات ذات صلة