الجزائر
بسبب تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار

الأضاحي بـ5000 دج.. والباقي بالتقسيط!

آمال عيساوي
  • 95199
  • 27

“الشروق” وقفت على العملية في أسواق الماشية ونقلت التفاصيل

تقديم الوثائق اللازمة ودفع العربون في عين المكان بمكتب خاص

المتقاعدون والأرامل في مقدمة الزبائن.. وللميسورين نصيب

زيادة أسعار الكباش تجاوزت 1.5 مليون عن العام الماضي

بيع الكباش بـ “الفاسيليتي”، عملية انطلقت الإثنين بالعاصمة، ولاقت استحسانا وإقبالا كبيرين من طرف المواطنين الذين لجؤوا إلى شراء أضحية عيد الأضحى هذا العام عن طريق “الكريدي”، بسبب تراجع القدرة الشرائية من جهة والارتفاع الفاحش في أسعار الكباش التي تراوحت ما بين 35 ألف دينار و10 ملايين سنتيم،، بزيادات تجاوزت مليونا ونصف مليون عن العام الماضي.

“الشروق”، وقفت على واقع بيع الأضاحي في أسواق الماشية بالتقسيط، ونقلت تفاصيل العملية نقلا عن الموالين الذين يعتمدون هذه العملية كل عام.

أمام الارتفاع الفاحش لأسعار الأضاحي، وجدت العائلات الجزائرية ذات الدخل الضعيف، نفسها، بين مطرقة الغلاء وسندان أداء سنة الأضحية لإدخال الفرحة في قلوب أبنائها، حتى صار شراء أضحية العيد وكأنه حلم يصعب تحقيقه لدى البعض، الأمر الذي جعلهم يلجؤون إلى شراء الأضحية لكن عن طريق “الكريدي”، ولا يهمهم بالمقابل الضريبة الزائدة على ثمن الكبش التي تُفرض على أي سلعة أو بضاعة مهما كان نوعها إذا تم التعامل فيها بالتقسيط بما في ذلك الأضاحي، وكل همهم إسعاد أولادهم صبيحة العيد، وقد عرفت ثقافة بيع الكباش وأضاحي العيد بالتقسيط انتشارا واسعا خلال السنوات الأخيرة وأخذت حيزا كبيرا خصوصا خلال هذا العام، وذلك بعدما أتاح الموالون وباعة المواشي الفرصة للموظفين والمتقاعدين في القطاع العمومي وليس الخاص وحتى بالنسبة للأرامل من أصحاب الدخل الضعيف، الفرصة لشراء الأضاحي بالتقسيط من خلال دفع مبالغ مالية كل شهر حتى يتم الوصول للسعر الكامل للأضحية..

وفي جولة استطلاعية قادنا إلى مزرعة بن كحلة نور الدين في أولاد فايت وبالضبط بالقرب من الإقامة الجامعية رقم 3 للبنات، والمخصصة لبيع الكباش بالتقسيط ومن دون تقسيط، حيث وقفنا على عملية البيع والشراء بـ”الكريدي” التي انطلقت أمس الاثنين، حيث كان الإقبال كبيرا من طرف المواطنين الذين جاؤوا من كل صوب وحدب من أجل شراء كبش العيد عن طريق “الفاسيليتي”، وقد رافقنا بعض الزبائن في عملية الشراء كاملة، حيث قاموا باختيار الكبش الذي نال إعجابهم وبعد فترة زمنية لا بأس بها اتفقوا على السعر مع صاحب المزرعة نور الدين بن كحلة قبل أن ينتقلوا في ما بعد إلى مكتب استلام الوثائق من أجل دفع العربون وتقديم الوثائق اللازمة..

هذه هي الوثائق اللازمة لشراء كبش بالتقسيط

وعند استفسارنا عن الوثائق المطلوبة للتمكن من اقتناء أضحية العيد عن طريق “الفاسيليتي”، ذكر لنا صاحب المزرعة أنها تتعلق باستمارة يتم ملؤها والتصديق عليها في البلدية، بالإضافة إلى ثلاثة صكوك بريدية يضاف إليها بطاقة إقامة وشهادة ميلاد ونسخة طبق الأصل عن بطاقة التعريف الوطنية مع مبلغ العربون الذي حدد بـ 5 آلاف دينار فيما يتعلق بالكباش صغيرة الحجم التي لا تفوق 50 ألف دينار، في حين يشترط على الزبون الراغب في الشراء بالتقسيط الذي يختار كبشا كبيرا نوعا ما يفوق سعره 50 ألف دينار دفع مليون سنتيم.

وأضاف نور الدين بن كحلة أنه يتم استقبال ثلاثة صكوك فقط كضمان من قبل الزبون، ولكن مدة الأقساط الشهرية تحدد بتسعة أشهر كأقصى تقدير، على حسب الراتب الشهري لكل زبون، والأمر نفسه بالنسبة لمبلغ الخصم فهو يحدد أيضا كما ذكر محدثنا على حسب الراتب، كما أكد لنا أن شركته الخاصة ببيع المواشي تملك تعاقدا مع المركز الوطني للبريد والمواصلات، أين تتم عملية الخصم مباشرة عند دخول الراتب لحساب أي شخص اقتنى من عنده كبشا بالفاسيليتي.

لا وجود لكباش أقل من 35 ألف دينار و85 ألف دينار ثمن أضحية كاملة

أما في ما يتعلق بأسعار الكباش التي كانت مرتفعة جدا مقارنة بالأعوام الفارطة، ليس في مزرعة نور الدين بن كحلة فقط، وإنما في العديد من نقاط البيع التي زرناها في كل من بئر توتة والحراش وكذا أولاد فايت، حيث شهدت أسعار الكباش هذا العام ارتفاعا فاحشا، ففي أغلب المزارع ونقاط البيع لا تجد كبشا أقل من 35 ألف دينار، وحتى تلك التي يتراوح سعرها بين 35 ألفا إلى 50 ألف دينار فهي صغيرة الحجم ولا تصلح لعائلة تتكون من عدة أفراد وإنما تكفي فقط للعائلات التي لا يزيد عدد أفرادها عن 3، على عكس السنوات الفارطة التي كانت فيها 5 ملايين سنتيم كافية لشراء كبش معتبر، في حين إن الكباش متوسطة الحجم، فهي تتراوح بين 60 ألفا و85 ألف دينار، أما الكباش كبيرة الحجم فسعرها يبلغ حتى 120 ألف دينار. والغريب في الأمر أن هذه الكباش التي تجاوز سعرها 10 ملايين سنتيم، تأتي بنفس حجم الكباش التي بيعت خلال السنة الفارطة بـ6 و7 ملايين سنتيم، ولمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع المفاجئ تحدثنا إلى بعض الموالين وكانت إجاباتهم متشابهة، حيث ذكر لنا عمّار موال يبيع المواشي في منطقة بئر توتة، أن بعض المواد التي تتغذى منها المواشي ارتفعت أسعارها منذ أشهر، حيث كانوا يقتنونها بزيادات كبيرة مقارنة بالسنوات الفارطة، وبالتالي فارتفاع أسعار المواشي أمر طبيعي.

العائلات المعوزة تستحسن الأمر

طيلة فترة تواجدنا في مزرعة بن كحلة نور الدين لفت انتباهنا الإقبال الكبير للزبائن بعضهم جاء ليستفسر عن كيفية الشراء بالتقسيط، وهناك من أتى ليشتري بـ”الفاسيليتي” مباشرة، حيث صادفنا كهلا في الستينيات من عمره إذ كان برفقة حفيده، وعند تقربنا منه وتبادلنا لأطراف الحديث معه، ذكر لنا أنه سيشتري أضحية العيد بالتقسيط لأول مرة، وذلك لأنه متقاعدة وسيضطر لشراء أضحيتين، الأضحية الأولى لبيته في حين إن الأضحية الثانية ستكون من نصيب زوجة أخيه وأولاد أخيه، إذ أخبرنا أن شقيقه توفي منذ أشهر، لهذا سيضطر لشراء أضحية العيد لزوجته وأولاده، ولأن راتبه لا يكفي لاقتناء كبشين معا، اختار الشراء عن طريق التقسيط.

وهنا ذكر لنا صاحب المزرعة، أنّ إجراءات شراء أضحيتين في نفس الوقت بالتقسيط، تختلف عن تلك الخاصة بشراء أضحية واحدة، وبعد أن تركنا السيد فريد وهو يحاول إقناع صاحب المزرعة بالموافقة على اقتناء كبشين بالتقسيط في آن واحد من عنده، في حين ذكرت لنا السيدة زكية وهي أرملة منذ سنوات أنها اعتادت اقتناء كبش العيد عن طريق التقسيط كل عام من عند نفس المزرعة، وأكدت أنه لا توجد أي فوائد على عملية البيع بالتقسيط، بل على العكس، فالعملية حسبها تساعد الفقراء والمحتاجين وتمكنهم من شراء الأضحية ودفع ثمنها تدريجيا كل شهر حتى يستكملوا ديونهم، وهذا الأمر حسبها، أحسن من أن يتركوا أولادهم من دون أضحية، وما وقفنا عليه أن المتقاعدين والأرامل أكثر المقبلين على شراء الأضاحي بالتقسيط.

أثرياء ينافسون الفقراء

الغريب في الأمر، أن عملية البيع بالتقسيط التي انطلقت أمس الاثنين بمزرعة نور الدين بن كحلة لا تخص الفقراء والأرامل والمعوزين فقط، وإنما هناك أشخاص من الأثرياء ممن قدموا في سيارات فاخرة لا يسقط سعرها عن نصف مليار سنتيم، وقاموا بركنها بالقرب من المزرعة ودخلوا وهم يقلبون الكباش يمينا وشمالا، في بادئ الأمر كان اعتقادنا أنهم سيشترون بالدفع الكامل، لكن بعد دقائق، اتضح لنا أنهم جاؤوا شأنهم شأن العائلات المعوزة لشراء الأضحية بالتقسيط، وذكر لنا في هذا الشأن نور الدين بن كحلة، أن هناك كما هائلا من الأغنياء الذين تصل أجورهم إلى 15 مليون سنتيم للشهر، ومع ذلك تجدهم يتداولون عليه كل عام ويفضلون اقتناء كبش “الكريدي” على أن يدفعوا المبلغ كاملا في آن واحد، وأضاف محدثنا أنه لا يمكنه منعهم من الاقتناء عن طريق التقسيط حتى وإن كانوا أغنياء، طالما تتوفر فيهم جميع شروط البيع بدءا من الاستمارة وصولا إلى الصكوك البريدية.

مقالات ذات صلة