الرأي

الإعدام لكلّ ولود ودود!

جمال لعلامي
  • 2650
  • 4

بعد التقشف وشد الأحزمة وربط السراويل، الجزائريون، مقبلون على “شدّ الولادات”، بعدما كانوا يسمعون بتحديد النسل، والظاهر أن وزارة الصحة والسكان، ومن خلالها الحكومة، مرعوبة من “قنبلة” قد تتسبّب في انفجار ديموغرافي بعد بضع سنوات، ولذلك فهي تحذر من خلال أرقام ميدانية لها، من تنامي معدلات الخصوبة والزواج، وارتفاع معدل المواليد والنساء في سنّ الإنجاب، بما سيقفز بعدد السكان إلى 72 مليون نسمة !
الوزارة تقول في أرقامها المهمة، إن 90 بالمائة من المواطنين يتمركزون بولايات الشمال، في مساحة لا تتجاوز 15 بالمائة، وهذا المؤشر، إن دلّ فإنما يدل، على فراغات قانونية واجتماعية واقتصادية وإدارية، وهو بطبيعة الحال، لا يورّط المواطنين، بقدر ما يورط الوزارات والحكومات المتعاقبة وبرامج التسيير، فلو كان هناك بالجنوب والهضاب والصحراء، ما هو متوفر بالشمال، هل كان يحدث هذا الزحف والتمركز غير المتوازن؟
الذين هجموا على الشمال، كان مبررهم في أغلب الحال، خاصة بالنسبة إلى الأغلبية المسحوقة، هو ملاحقة لقمة العيش و”الخبزة”، مثلما يبرر المستثمرون ورجال المال والأعمال وكبار التجار، توجّههم إلى ولايات الشمال، بالهرب من “اللاشيء” في الأماكن المنسية و”المحقورة”، والبحث بالتالي عن الفضاء الذي يضمن بقاءهم وانتعاش مصالحهم، وهذا حقهم طبعا !
اللجوء إلى “منع الحمل” وتطوير وسائله وأدواته وآلياته الطبية وأدويته، حسب مخطط وزارة الصحة، يصبح بلا معنى ولا جدوى ولا هدف، إذا كان مبنيا على مؤشر انتشار السكان بالشمال، لأن هذا المنطق والمنطلق، يدفع إلى اقتراح بديل يتمثل في تشجيع الناس على الإنجاب شريطة الانتقال من الشمال للعيش بالجنوب، وفق منظور “التوازن الديموغرافي”، لكن هل بإمكان الحكومة توفير شروط العيش المستديم بهذه المساحات الشاغرة من الوطن؟
لو عثر المواطن على وظيفة وسكن ومرافق بدشرته أو قريته، أو بلديته أو ولايته الأصلية، من المستبعد، حتى لا نقول من المستحيل، أن يبحث عن الحلّ والبديل في جهة أخرى، ويقطع الكيلومترات، ويعبر الجبال والهضاب، وقد يركب الطائرة، حتى يصل إلى مبتغاه، ولو خسر في ذلك، مسقط رأسه وعائلته الكبيرة، وشرع مضطرا في تأسيس أسرته الصغيرة، ومن هناك بدأت مرحلة جديدة بتركيبة جديدة وأهداف جديدة ومستقبل جديد !
منع الحمل، حتى وإن كان والعياذ بالله، باستئصال رحم جميع النساء الجزائريات الفحلات، أو عن طريق قطع “فحولة” كل الرجال الجزائريين، فإن هذا مجرّد تخمين وهروب إلى الأمام، ومحاولة انتحارية فاشلة، يائسة وبائسة، لن تغيّر الأمور، ولن تساعد في انفراج المشاكل الاجتماعية والمالية والاقتصادية، بل قد تـُنتج واقعا آخر غير منتظر، وغير محسوب له، فيصبح هؤلاء وأولئك على ما فعلوا نادمين !

مقالات ذات صلة