الاستعمار يعود من “الطاقة”!
بعد 15 سنة، لن يكون الوضع في البلاد على ما هو عليه، لأن التغيير القادم سيكون فارقا، والسبب هو انتهاء الدورة الاجتماعية التاريخية الثانية التي بدأت سنة 2000. قبل هذا، كانت الدورة الاجتماعية التاريخية الأولى ـ من منظور ابن خلدون ـ قد بدأت في 1950. وعليه، فنحن اليوم في بداية النصف الثاني من الدورة الثانية. نحن إذن على مقربة من التغيير الذي سيحلّ عما قريب، وقد بدأت إرهاصاته الأولى تطل من كل حدب وصوب. ليس هذا تخمينا أو ضرب خط رمل، بل هي توقعات سوسيو تاريخية لمن يتتبع مراحل التطور التاريخي.
البداية، ستبدأ ـ وقد بدأت ـ مع تشكّل أزمة اقتصادية اجتماعية من شأنها أن تعصف بالسلم الاجتماعي الذي اقترضته السلطة بفضل ريع النفط وسعره الذي لم يُعرف له مثيل، سينتهي عما قريب العبث الاقتصادي السياسي، وسنجد أنفسنا أمام أزمة اجتماعية لن تسكتها لا “حكومة سيدي” ولا “نقابة السعيد” الشقية، يضاف إلى ذلك التحرش بالجنوب والغاز الصخري، بعد أن استهلكوا احتياطه النفطي وباعوه قبل الوقت وقبضوا المال قبل الوقت.. الجنوب لن يسكت، وقد تتدخل القوى الغربية في تأزيم الوضع في الجنوب لحاجة في نفس “جاكوب“. وهذا ما لا نريده ولا ينبغي أن نصل إليه، مع ذلك سنصل إليه، لأن السلطة لم تقبل وإلى اليوم أن تقاسم الشعب السلطة، فضلا عن أن تتركها له، وهذا من شأنها، لأنها سوف تجني الثمار المرة التي دأبت على فلاحتها بمفردها منذ الانفراد بالاستقلال الوطني.
نمت، لأجد نفسي وقد شارفنا على 2070.. بقايا النظام لا تزال متشبّثة بالسلطة رغم أنه لم يبق لهم سوى “المربّع الأخضر” في العاصمة، تقريبا كما كان عليه الوضع في 1830 يوم دخول فرنسا على الداي من جهة سيدي فرج.. هذه المرة فرنسا وأمريكا لن يدخلا لا من سيدي فرج ولا من سيدي السعيد ومن من سيدي زكري.. دخولها سيكون عن طريق البنك الدولي ومطار هواري بومدين. إنهم يدخلون مطالبين “الداي عبد العزيز” باختيار المنفى أو الاعتقال. اليهود نزلوا بقوة ومعهم بقايا الأقدام السوداء والمارينز، الذين جاؤوا من الجنوب، حيث جيوب النفط وحركات التمرّد، وحاصروا “الإيالة” مع سناجقها وطالبوا “الوجاق” بالتخلي عن المقاومة وتوقيع معاهدة الاستسلام. أرغم الداي على توقيع الاستسلام ليرحل إلى الأستانة، وترك البلد يعبث به العابثون الجدد، من مردة اليهود والنصارى الكفار والمارينز أولاد الحرام وأكلة الخنازير. أما أخوتك الجزائريون العلمانيون، فكانوا أول من تسابق للتهليل والتصفيق ومباركة هذا الفتح المبين.. وعلى رأسهم كانت حركة فرحات مهني والحركة “السعدية“.
وأفيق وأنا أدفل على “اليسار” وأتعوّذ من “اليمين“.