الرأي

الاعتراف.. سيّد الأدلة!

قادة بن عمار
  • 3855
  • 8
أرشيف
وزير الداخلية كمال بلجود

الكلام الذي قاله وزير الداخلية أمام نواب البرلمان بخصوص “مناطق الظل”، يُعدّ دليلا إضافيا على تفشِّي الفقر وغياب التنمية والعجز الكبير في إتمام المشاريع عبر تلك المناطق، إذ ذكر كمال بلجود رقما مخيفا، وليس هيّنا، يتمثل في معاناة 8.5 ملايين نسمة يقطنون بـ15 ألف منطقة من تلك المشاكل والأزمات.

صحيحٌ أن الوزير تحدَّث عن إطلاق مجموعة من المشاريع خلال خمسة الأشهر السابقة، تتمثَّل في أزيد من 2200 مشروع لاحتواء مظاهر العوز الشديد والفقر المدقع، إلا أنّ الأرقام تُعدّ مخيفة حقا، وتمثّل اعترافا صريحا من طرف السلطة، بعدما كانت في عهد سابق، ولعقود طويلة، تنفي وجود أعدادٍ كبيرة من الفقراء، بل وتتهم المنظمات غير الحكومية بالمبالغة في تضخيم تلك الأرقام واستغلالها سياسيا.

وزير الداخلية قال إن الجزائر العاصمة تحتوي على مناطق ظل أيضا، يبلغ عددُها حسب تقديرات رسمية 29 منطقة، لكنها لا تقارَن أبدا بتلك المناطق المحرومة التي تعاني في الجزائر العميقة “حيث لا غاز ولا كهرباء ولا ماء”، بحسب الوزير دوما.

نحن بصدد اعتراف رسمي قد يُمثّل نقطة إيجابية للتغيير الحقيقي، بعدما مللنا طويلا من سياسة التسويف واستعمال الفقر والفقراء في المواسم الانتخابية أو للتستُّر على تحويل أموال التنمية نحو الفساد وجيوب وأرصدة المفسدين، وكم كان مزعجا أن يخرج أحد الولاة أو الوزراء أو بعض المسؤولين المحليين في كل مرة، للاحتفال بوصول الغاز إلى منطقة نائية ما، ثم يدفعون تلك العائلات إلى الدعاء للمسؤولين أمام الكاميرات، وكأنّ الأمر يتعلق بمنّةٍ أو بمنحة أو بمكرمة من طرف الدولة وليس حقا أصيلا رسمه بيانُ نوفمبر حين دعا إلى تأسيس دولة اجتماعية حقيقية.

الآن وقد بات صاحبُ القرار يمتلك الأرقام الحقيقية، ويعلن عن نيَّته لمحاربة مناطق الظل، فالمتوقع أن نشهد اختلافا في السياسة وتنوّعا في المشاريع وتجديدا في الأدوات. والأهمّ من كل هذا وذاك، مراقبة شديدة للأموال ومجال صرفها، في انتظار إجراء انتخابات محلية قريبا، لتجديد دماء الإدارة والبحث عن ممثلين حقيقيين للشعب، وليس “ممثلين عليه”!

وقد تكون الأزمة الأخيرة التي أصابت العالم، المتمثلة في انتشار وباء كورونا، عطّلت الكثير من خطوات محاربة الفقر، إذ أضيفت إلى قوائم المحتاجين، أسماءٌ جديدة ترتبط بأولئك الذين تضرّروا من توقف أعمالهم وتعليق أنشطتهم، لكن هذا المبرَّر سيسقط سريعا مع عودة الحياة إلى طبيعتها، والشروع في التفكير جديا وعمليا بتوفير التنمية ومناصب الشغل والمشاريع الحقيقية من أجل القضاء على الفقر بشكل مباشر وفعَّال، وضمن مخطط اقتصادي واجتماعي حقيقي ومتفق عليه.

مقالات ذات صلة