-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
فيما تضيع تسوية النزاع بالصحراء في حوار الطرشان

البحث عن دعاة لحق المغاربيين في تقرير المصير

حبيب راشدين
  • 8899
  • 13
البحث عن دعاة لحق المغاربيين في تقرير المصير

حتى نجعل من النزاع بالصحراء الغربية جزءا من الحل لمشاكل دول المغرب العربي، ينبغي الخروج من المقاربات التقليدية لتسوية يمنعها عناد الجغرافية السياسية أكثر من تعنت قادة أطراف النزاع، والبحث عن مقاربات لحلول مبتكرة، لا غالب فيها ولا مغلوب، يمكن أن تبدأ من المقترح المغربي حول الحكم الذاتي للشعب الصحراوي شريطة أن تنتهي بمنح شعوب المغرب العربي حق تقرير المصير المشترك.

لقاء الوفدين المغربي والصحراوي بنيويورك، في جلسات، قيل أنها ليست رسمية، تمهد لانطلاق الجولة الخامسة من المحادثات المباشرة بين المغرب والبوليزاريو، ليس سوى حالة من حالات إدارة الوقت وتقطيعه، قبل أن تنضج الحلول، وهي في القضية الصحراوية تكاد تكون ممتنعة، أو في الحد الأدنى تحتاج إلى مقاربات جديدة وربما إلى قيادات غير التي أدارت الملف  لأكثر من ثل قرن.
المتابعون للملف، لا يتوقعون الكثير من هذه الجولة التي يديرها السيد كريساوفر روس، لأن الشهور الماضية لم تشهد أي تغيير في مواقف الطرفين: المغرب والبوليزاريو، كما لم تشهد العلاقات الجزائرية المغربية أي تطور، التي كانت ستساعد على تلطيف الأجواء، كما أن القضية الصحراوية لم تعد على رأس أولويات المجموعة الدولية، والقوى الغربية الغارقة في أوحال أفغانستان والعراق والصومال، المتعثرة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، التائهة في تعقيدات الملف النووي الإيراني، ونراها تجتهد لفتح جبهات صراع جديدة في اليمن، ولا تريد الانصراف عن ملف دارفور، قبل الفوز برهان تقسيم السودان وانفصال جنوبه. وقد ظهرت المجموعة الدولية، المتحكمة في قضايا السلم والحرب في العالم منقسمة حيال ملفات أخطر على مستقبل البشرية، مثل ملف الاحتباس الحراري، وإصلاح منظومة الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف من أزمته الأخيرة.

 .

حل مؤجل لنزاع مصاب بالزمانة
 
كل ذلك لا يشجع على التعويل كثيرا على دور للمجموعة الدولية وهيئة الأمم المتحدة في إيجاد مخرج لواحد من أقدم الصراعات في العالم بعد الصراع العربي الإسرائيلي، والذي قد يتحول في أية لحظة إلى صراع إقليمي مفتوح على احتمالات كارثية لشعوب المنطقة، ما لم تظهر حلول محلية مبتكرة، لا نتوقعها، لا من قادة الأطراف المتنازعة، ولا من قادة دول المغرب العربي المعنية بحل النزاع، بل يفترض أن تأتي من النخب في المجتمع السياسي والمدني والفكري لشعوب المغرب العربي، المعنية في المقام الأول بتخليص المنطقة من لغم موقوت،  قابل للتفجير في أية لحظة بتداعيات لا يحيط أحد بكلفتها وأثمانها على شعوب المنطقة.
فالنزاع في الصحراء الغربية هو على قدر من التعقيد، يفوق قدرات الأمم المتحدة، حتى مع وجود النوايا الصادقة، وهي غائبة في منظمة أخفقت في هذا الصراع كما في حالات شبيهة من مخلفات مرحلة تصفية الاستعمار، ولم تكن بالحزم الكافي تجاه القوة الاستعمارية الإسبانية التي كانت وراء هذا التدبير الكيدي، الذي حول قضية تصفية استعمار، جرت بسلاسة في مناطق كثيرة من العالم، إلى نزاع متفجر بين دول وشعوب شقيقة، عبر صفقة اتفاقية مدريد التي قسمت المستعمرة بين المغرب وموريتانيا، قبل أن تتم صفقة كيدية أخرى بين النظامين في المغرب وموريتانيا، تنازلت بموجبه موريتانيا عن نصيبها من الكعكة المسمومة، مقابل تجميد المغرب لمطالب قديمة للعرش المغربي، كانت ترى في موريتانيا ما تراه اليوم في الصحراء الغربية، ليتحول النزاع إلى نزاع إقليمي يضمر كثيرا من الأبعاد الإستراتجية غير المعلنة بين المغرب والجزائر، لا يمكن تجاهلها في أية مقاربة جادة للحل.

 .

الاعتراف بأحكام الجغرافية السياسية

فالجغرافية السياسية لها أحكامها ومتطلبات لا يمكن تجاهلها، فهي في النزاع الصحراوي تتجاوز الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق مرجعيات الشرعية الدولية، كما تتجاوز حقوقا، صادقة أو كاذبة للدولتين الجارتين للصحراء الغربية: المغرب وموريتانيا. ويكفي إلقاء نظرة على خارطة المنطقة لتتأكد من أن الجغرافية السياسية هي التي تمنع تحقيق توافق، سواء بالبناء على صيغة الحكم الذاتي التي يعرضها المغرب أو صيغة تقرير المصير عبر الاستفتاء التي يتبناها البوليزاريو. ذلك أن صيغة منح الإقليم حكما ذاتيا، تحت السيادة المغربية، لن تغلق ملف النزاع والصراعات في المنطقة، بل تفتح أكثر من باب، لقيام نزاعات أخطر، تبدأ بانتعاش مطالب مغربية بحقوق، تقول إنها تاريخية في موريتانيا، ولا تنتهي إلا بتحقيق المغرب لمطالب ترابية تشمل مناطق واسعة حول بشار وتند وف، وقد تمتد شمالا إلى أجزاء من ولاية تلمسان. فإصرار المغرب على ضم إقليم الصحراء الغربية، بكلفة تجاوزت بكثير كلفة استعادة السيادة على التراب المغربي من الاحتلال المزدوج الفرنسي والإسباني، تتحكم فيه أطماع غير عقلانية للعرش العلوي في إعادة تشكيل ما تسميه النخبة الشوفينية المغربية بالمغرب الكبير، متداول في خرائط تزين مكاتب قادة حزب الاستقلال المغربي، بل وحتى في بعض الكتب المدرسية، وقد صرفت هذه الأطماع التوسعية النخبة السياسية المغربية عن المطلب الشرعي الآخر باستكمال السيادة على التراب المغربي، وتحرير مقاطعتي سبته ومليلية من الاستعمار الإسباني إلى جانب عدد من الجزر، أو المطالبة باستعادة السيادة على جزيرة جبل طارق التي لم تشهد أي إعمار بشري قبل أن يطأها الفاتحون العرب والبربر.

 .

طمأنة الجار قبل إعمار الدار

على الطرف الآخر جنوبا، لن تطمئن موريتانيا على سلامتها واستقرارها، وهي الحلقة الأضعف في هذه التركيبة الجغرافية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، لا مع تحقق قيام جمهورية صحراوية مستقلة في إقليم لم تستقر فيه الدولة المركزية بالقدر الذي يضمن ولاء العشائر والقبائل، ولا مع نجاح المغرب في تمرير مشروع الحكم الذاتي، ليواصل مشروعه التوسعي حتى حدود السنغال، وقد تكون القيادة الموريتانية قد ندمت على تورطها في الصفقة التي أخرجنها من لعب دور في إدارة الأزمة، دون أن تحصل على ضمانات كافية على مستقبل موريتانيا.
الجزائر كطرف ثالث، أقحمته الجغرافية السياسية في الأزمة منذ البداية، لا تستطيع تجاهل تداعيات ضم المغرب لإقليم الصحراء الغربية على أمنها القومي، وعلى السلامة والاستقرار، مع جار لم يوقع برلمانه حتى اليوم اتفاقية ترسيم الحدود، ولم يتخل بصفة علانية عن أطماعه، لا في مناطق من التراب الوطني، ولا في التوسع جنوبا لابتلاع موريتانيا، وأي طرف يتجاهل هذه المخاوف المشروعة لدولة مثل الجزائر، معرضة لمراجعات بشأن الحدود الموروثة عن العهد الاستعماري من قبل جيرانها، يكون قد أخطأ التقدير والحساب، وساهم في تأجيل التسوية، التي تبقى ممكنة وفق مقاربة جديدة، تستطيع التوفيق بين الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كشعب كان خاضعا لاستعمار غربي، ومطالب مغربية تقودها الحاجة إلى تحقيق توازن مع الجار الكبير والبحث عن بوابة على إفريقيا، والأخذ بعين الاعتبار بالمخاوف المشروعة عند الطرف الجزائري من أطماع توسعية للجار المغربي تطال أجزاءً من التراب الوطني.
ربما يكون المغرب قد تأخر كثيرا في اقتراح صيغة الحكم الذاتي، التي كانت ستجد بعض الاستحسان في الأيام الأولى من بداية النزاع، وقبل نشوب تلك الحرب التي أدمت الشعبين الصحراوي والمغربي، وكان واجب على المغرب أن يستغل مبادرة بناء الاتحاد المغاربي، ليستكشف مع شركائه غطاء مغاربيا لحل النزاع وفق صيغ مبتكرة، تتجاوز مقترح الحكم الذاتي.

 .

عناد الجغرافية قبل تعنت الساسة

 فمع قليل من الجهد الذهني، يمكن تصور صيغ كثيرة، تجمع بين حق تقرير المصير للشعب الصحراوي والمطالب المغربية، وحق دول الجوار في الاطمئنان على أمنها القومي حيال جغرافية سياسية غير مستقرة، قد تحولها صيغة الحكم الذاتي إلى بركان قابل للانفجار في أقل من عقد من الزمن، حين تنتقل القوى التوسعية الكامنة داخل أروقة العرش العلوي، وفي صفوف النخبة السياسية المغربية، من مطلب “استعادة إقليم الصحراء” إلى مطلب استعادة الأقاليم المشكلة “للمغرب الكبير”، بدءا بموريتانيا، وانتهاء بأجزاء من التراب الجزائري.
المقاربة الجديدة تلزم أطراف النزاع أولا بالإيمان الذي لا يشوبه شك، بأن العقبات التي تمنع التوافق على حل يمنح الشعب الصحراوي حق تقرير المصير أو يمر عبر صيغة الحكم الذاتي هي عقبات موضوعية، ليس لها صلة بما يصفه البعض بتعنت القادة في المغرب والجزائر أو عند قادة البولزاريو. فليس بوسع الملك الشاب محمد السادس، كما لم يكن بوسع والده المغفور له الحسن الثاني، التنازل عن فرصة تاريخية أتيحت للمغرب للتمدد جنوبا وفك العزلة، وإعادة التوازن مع الجارة الجزائر. ولم يكن بوسع أي رئيس جزائري، اليوم ومن قبل ومن بعد أن يقبل بهذا التمدد المغربي، مع ما تؤمن به النخبة الحاكمة في المغرب من حقوق تاريخية للمغرب على أجزاء من التراب الجزائري. وبصرف النظر عن شرعية مطالب الشعب الصحراوي من عدمها، فإن الاستماتة التي أظهرها منذ أكثر من ثلاثة عقود في الدفاع عن حقه في تقرير المصير ودفع من أجل ذلك ثمنا باهظا، لا تسمح لأي زعيم من زعماء جبهة البوليزاريو القبول بصيغة الحكم الذاتي، التي كانوا سيفوزون بها في بداية النزاع وبأقل كلفة لو أرادوا ذلك. ثم إن القيادة الصحراوية لا يمكنها أن تتجاهل واقعا نشأ على الأرض، بوجود جيل كامل من الصحراويين ولد ونشأ بالمخيمات على عقيدة واحدة، قوامها: تحرير الأرض من قوة محتلة كانت سببا في تشريده، وقتل الآلاف من أبناء شعبه. وأخيرا ليس بوسع المجموعة الدولية أن تفرض حلا بالقوة، إلا إذا كانت جاهزة للقبول بتداعيات نشوء حرب إقليمية، لن تتوقف آثارها عند حدود المغرب العربي.

 .

حكم ذاتي يشفعه تقرير المصير

فنحن أمام واحد من أقدم النزاعات في العالم وأعقدها، بعد النزاع على فلسطين التاريخية، ويبقى الحل المقترح من المغرب مرفوضا من قبل قيادة البوليزاريو، كيفما كانت الضمانات المقدمة للصحراويين، ومع ذالك يمكن البناء على المقترح المغربي وفق أكثر من صيغة مبتكرة، بدءا بصيغتين مبتكرتين كنت قد عرضتهما في مقال سابق، يحتاجان، كشرط مسبق إلى إعادة إحياء مؤسسات الاتحاد المغاربي، وإفساح موقع فيها للكيان الصحراوي، أضيف إليها اليوم مقترحان آخران، من باب ضرب المثل عن إمكانية توفر الحلول، متى توفرت الإرادة عند الإطراف للبحث عن حلول توافقية، وليس العبث على هذا النحو بمصير شعوب المنطقة، والوقوف بها على حدود الهاوية.
فمن غير المستبعد، كما أوضحت في مقال سابق، أن تقبل جبهة البوليزاريو بالتعاطي مع صيغة الحكم الذاتي كما هي مطروحة من قبل المغرب، تنتهي بعد عشر سنوات باستفتاء، على غرار ما اتفق عليه في الحل الذي أنهى النزاع في جنوب السودان، على أن تتولى البوليزاريو، وتحت إشراف مؤسسات الإتحاد المغاربي، بناء مؤسسات الحكم الذاتي بتنظيم انتخابات محلية، تكون مفتوحة فقط للصحراويين المعنيين بالاستفتاء. وحتى يطمئن الصحراويون على مستقبلهم، يقوم المغرب بتضمين الدستور المغربي مادة صريحة تضمن لسكان الإقليم تنظيم استفتاء عند انتهاء المدة المتفق عليها، كما تستفيد  مؤسسات الحكم الذاتي  خلال السنوات العشر من موقع الملاحظ داخل جميع مؤسسات الاتحاد المغاربي، وتسهم في بنائها، وتكون أول من يستفيد من مشاريعه التنموية.
هذه الصيغة تمنح الطرفين فرصة للعمل معا، في أجواء من الثقة والاطمئنان المتبادل، وتعطيهم فسحة زمنية لتمشيط ساحات الشك والريبة من الألغام التي زرعها الصراع لأكثر من ثلث قرن، كما تمنح دول المغرب العربي ومؤسسات الاتحاد فرصة لإقناع الأطراف بأن ما يعد به العمل المشترك داخل الاتحاد المغاربي، يمنح الشعبين المغربي والصحراوي ما هو أفضل للمغرب من ضم إقليم الصحراء الغربية، وما هو أفضل للشعب الصحراوي من إنشاء كيان جديد.

 .

مقاربة بالحل الفدرالي

قريبا من هذه الصيغة، يمكن لدول المغرب العربي أن تقنع الطرفين بقبول تسوية، يمنح فيها الشعب الصحراوي بموجب تعديل في الدستور المغربي، حالة من الحكم الذاتي الموسع، يكون أقرب لما يتمتع به اليوم إقليم كردستان في العراق، من إمكانيات  وصلاحيات لبناء حكم محلي، بمؤسسات تشريعية، وحكومة محلية يديرها الصحراويون داخل النظام السياسي المغربي، أي إقناع المغرب بالدخول في تجربة فدرالية سابقة لأوانها، قد تساعد دول المغرب العربي على المضي أبعد في مشروع بناء المغرب العربي ككيان فدرالي، وليس فقط كتجمع إقليمي لدول متشبثة بنظمها القطرية.
وعلى نفس المنوال يمكن البحث في إمكانية قيام اتحاد فدرالي بين إقليم الصحراء الغربية وموريتانيا، من باب تقوية الطرف الأضعف في الاتحاد المغاربي، وتسعى دول المغرب العربي لتوفير اعتراف دولي بهذا الكيان، ويتولى الكيان الجديد بمساعدة من دول المغرب العربي تعويض المملكة المغربية عما أنفقته في البنية التحتية بإقليم الصحراء الغربية، وفي المقابل، تتعهد دول المغرب العربي بدعم حقوق الشعب المغربي في استعادة السيادة المغربية الكاملة على ترابه في مقاطعتي سبته ومليلية.
وبنفس المنطق، يمكن العودة إلى صيغة التقسيم بين موريتانيا والمغرب، في حال قبول الدولتين بالصيغة الفدرالية كما هي مقترحة في الصيغة الثانية، بحيث يحظى الإقليمان بحكم ذاتي موسع، يحفظ هوية الشعب الصحراوي، ويوفر له فرص التواصل الاجتماعي والثقافي والتجاري، على أن يتمتع الإقليمان بصلاحيات واسعة في إبرام الصفقات مع دول الجوار تحديدا، وتكون هذه الصيغة تجربة رائدة لبقية شعوب المغرب العربي، في سياق البناء المتدرج لمغرب عربي فدرالي، له من مقومات الوحدة فوق ما توفر لدول الاتحاد الأوروبي.

 .

ضغط العقلاء على أهل الحل والعقد

مثل هذه المقاربات المنتجة لحلول واقعية، لا يمكن أن نتوقعها من القادة المنغمسين في النزاع، ربما بخلفيات وحسابات سلطوية صرفة، وهي بالتأكيد تحتاج إلى دعم وضغط متواصل من النخب المغاربة المؤمنة بالمشروع الوحدوي المغاربي، التي ينبغي لها ألا تثق كثيرا بمسار التسوية كما هو مطروح الآن، والذي قد يؤول إلى ما آل إليه مسار التسوية في القضية الفلسطينية، أو يساعده العبث الغربي على انفجار سابق لأوانه لا يبقي ولا يذر.
أمام القوى المؤمنة بالمشروع القومي المغاربي فرصة لإقناع شعوب المنطقة وحكامها، بأن كُلفة تحقيق التسوية التي ترضي جميع الأطراف، هي أقل بكثير حتى من كلفة إدارة الصراع على نار باردة، كما يدار منذ عقدين من الزمن، وأن مغانم التسوية بالتراضي لجميع الأطراف، هي أكبر بكثير مما قد يتحقق بتسوية تخرج بغالب ومغلوب، ذلك أن استمرار النزاع بلا أفق جادة للتسوية، لم يعطل المسار ألمغاربي فحسب، بل ساعد على حصول تدهور متواصل للعلاقات بين قطبي المغرب العربي: الجزائر والمغرب، وفتح بينهما ما يشبه الحرب الباردة على المستوى الدبلوماسي في الحد الأدنى، وكان وراء استفراد الاتحاد الأوروبي بكل دولة مغاربية على حدة في اتفاقيات شراكة منفردة مغشوشة، وقد يسهل في مستقبل منظور، للقوى المتربصة بالمنطقة العبث بأمن دول المغرب العربي، بالنظر إلى ما يدبره السحرة في موريتانيا ومالي.

 .

الشعوب المغاربية أولى بحق تقرير المصير

وفي المقابل فإن نفس القوى الغربية المتربصة بالمنطقة قد تكتشف معنا، أن من مصلحتها إيجاد تسوية سريعة للنزاع. فالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، قد يجد مغانم كثيرة في مغرب عربي مستقر وآمن، يمنحه العمق الجغرافي السياسي والاقتصادي والأمني، على حدوده الجنوبية المهددة بموجات الهجرة غير الشرعية، وبالعنف الذي تنتجه الجغرافية غير المستقرة. وهو إلى ذلك بحاجة إلى المغرب العربي لتنفيذ مشروعه الطاقوي العملاق “ديزرتك” باستثمار يفوق 500 مليار دولار لإنتاج الطاقة البديلة: الشمسية وطاقة الرياح.

وبدورنا، لا نستطيع الدخول في أية شراكة جادة ومثمرة مع الاتحاد الأوروبي، أو مع بقية أقطاب الاقتصاد العالمي، إلا عبر مؤسسات اتحاد إقليمي، يتمتع بالحجم والكتلة لقوة متوسطة، والذي سوف يظل معطلا، ما لم نقنع قادة دولنا بتجاوز النزاع في الصحراء الغربية، ليس عبر هذا المسار التفاوضي العقيم، الذي يتمسك فيه كل طرف بمواقف جامدة، يعلم مسبقا أنها مرفوضة لدى الطرف الآخر، ولكن عبر مسار تسوية يتخذ من الاتحاد المغاربي وسيلة وغاية. وسيلة، لأنه الإطار الوحيد القادر على تبديد الشكوك، وتحييد الحسابات الضيقة للأنظمة، وغاية، لأن شعوب المنطقة لا تطمح فقط في تحقيق تسوية للنزاع، وتأمين حسن الجوار، بقدر ما هي متطلعة إلى بناء مستقبل مشترك، ينقلها من واقع تسيطر عليه حسابات أمراء الدكاكين القطرية المحدودة، إلى حالة تكون فيها منطقة المغرب العربي رقما صعبا، يستحيل تجاهله في الحسابات الإقليمية والدولية.

    أضف تعليقك

    جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

    لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
    التعليقات
    13
    • Karim

      le probléme du grand maghreb trouvera solution quand les peuples auront chacun son droit à l'autodermination.

    • kader titank

      tahia sagia alhamra

    • hamid

      j espere que les algeriens ponsent bien que il ne peuvent rien gagner de ce probleme la avec les mrocains alors c est mieux de donner la preferance au problemes de la peuple algerien qui soufrent bcp meme s il s sont parmis les pays de petrodolar

    • -.ادريس الطالبي

      اسمح لي ان اقول لصاحب المقال ان ماكتبته كله زيف وبهتان فا انتا تكتب عن الطمع والاستعمار كانك تكتب عن اسرائيل.

    • بدون اسم

      و لا في الأحلام . أنتم الداعون لوحدة الجزائر مع شعوب جد متخلفة في إطار المغرب العربي أنتم سبب خرابنا . إن الجزائر أمة عظيمة لا يجب أن تختلط بشعوب موبوئة

    • كريم

      أشكر المحلل حبيب راشدين... و لقد تذكرت مقالاته القديمة في سنوات 1992.1993.1994.... وخاصة في جريدة الصح-آفة و - الوجه الآخر- على العموم تحليل أقرب إلى المنطق و تنتمنى أن يتحرر الشعب الصحراوي و يسير أموره بذاته دون تدخل أي طرف في تقرير مصيره و - لا نقبل له العيش تحت "الانتداب" أو الوصية المغربية-ولا غيرها

    • sid blaari

      rana mlah kima rana koul wahad ichad sabaaou fi bladou

    • ahmed

      vraiment c est une analyse profonde je souhaite les memes sentiments chez les deux freres inemmies alger rabat

    • هشام

      شكرا على هذا التحليل الرائع بدون الأساءة لأي كان والله لقد سأمنا هذا المشكل العالق منذ عقود الرجاء من حكامنا هداهم الله أن يتجاوزو على هاته المشاكل و يتحدوا بكل قواهم لكي يصير لدينا مغرب عربي امازيغي كبير ,,, أضن أن المشكل بين القيادات وليس للشعوب اي دخل فيه ... الله يتولى من يختلق في هاته المشاكل لمصالحه الخاصة

    • Alali Mohamed

      Trés bonne réflexion mais au Maroc il ya un article 19 qui offre le privilège au Roi en annulant par dahir tout autr loi?

    • مغربي حتى الموت

      و الله لم أرى في ميدان الصحفيين الا أشباه كتاب يممروون أجندات الطغم الحاكمة و ترديد أسطوانات مشروخة و أكاذيب لا توجد الا في مخيلة بعض المرضى و النفوس الضعيفة و الموسوسة ارجوا منك الذهاب و البحث أولا أي كانت جمهوريتك الصحراوية قبل و أثناء الاحتلال الاسباني للجنوب المغربي ثانيا لن يحلم الجنرالات و الذين هم السبب الرئيسي في دمار اتحاد المغرب العربي الامازيغي بمنفذ على الاطلسي بالعوبتهم و صنيعتهم البوليساريو أما عرقلة التسوية فهي فسببها الجزائر أما البوليساريو فبدأت تعرف أنها كانت فقط حجرة و ضعها بومدين في حذاء المغرب كما قال هو بلسانه و التاريخ لن يرحمك و يرحم أولئك المرضى الحاقدين الذين اعماهم جنون العظمة حتى عن اهمال شعبهم و التنكيل به و التفرغ لانتقاذ و استغلال مشاكل الجيران المرجوا النشر باسم حرية التعبير

    • راضي

      لا ايها الكاتب المحترم قسوت كثيرا على المغرب .ونسيت ان الصحراويون الدين يقيمون في تيندوف هم مغاربة نعم مغاربةمغرر بهم وعبد العزيز المراكشي مغربي ابا عن جد وابوه يسكن في المغرب وكل قادة البوليساريو ازدادوا في المغرب ودرسوا في جامعة محمد الخامس بالرباط ونعل الله الاستعمار الدي مزق المغرب اربا اربا .لا يااخي ارجوك. كتبت كثيرا وقلت قليلا من التاريخ . وانت تعرف تاريخ المغرب جيدا ولكن لا تخف فالشعب الجزائري شقيق اما المغرب فهو في صحرائه عفوا في ارضه .وليحيا انتصار الجزائر في ام درمان .

    • rachid

      je suis vraiment heureux de lire pour la premiere fois une telle analyse avec beaucoup de sagesse et de sens de resposanilité,je suis marocains habitant en france et je peux vous dire sincerement que j'ai beaucoup d'amis d'algeriens qui partagent ces memes idéés,y'en a vraiment mare de ces politiques qui ne servent que leurs propres interets ,"le peuple maghrebin" meritent plus de considérations et s'il ya une vraie "auto-détermination" à prendre ce sera d'abord :l'ouverture des frontieres et toutes les frontieres" de tripoli à noukchout"car contrairement à ce que l'on peut croire:il y'a de la place pour tout le monde dans ce grand maghreb y compris les sahrauios;les chaouis,les toureg ,les d jeblis;les berebers, ...ET AUTERS;
      L'avenir nous prouvera que c'est possible;car moi personnellement,je vis tout les jours cette solidarité marocaie algerienne- tunisienne en france;ce qui porrait peut e^tre inspirer ceux qui nous gouvernen"t!!!:"
      merci encore une fois de votre trés bonne analyse,