البراءة لنجل وزير سابق من جناية اختطاف وتعذيب محام

نطقت محكمة الجنايات بأم البواقي، بالبراءة في حق المتهم الرئيس نجل كاتب دولة سابق، في قضية استدراج واختطاف وتعذيب محام، جرت وقائعها في جلسة مثيرة، وإصدار حكم البراءة التامة بعد التماس النائب العام عقوبة 15 سنة سجنا نافذا.
وشهدت الجلسة “المثيرة”، سماع أكثر من عشرين شاهدا إضافة إلى المتهمين، مع تسجيل غياب الضحية وهو محام يشتغل بمحكمة مسكاينة التابعة لمجلس قضاء أم البواقي، وسط حضور مكثف لرجال الجبة السوداء قدر عددهم بستين محاميا.
وتعود وقائع القضية إلى تاريخ 10 مارس 2018، عندما قدم المحامي “م.م.أ” شكوى لمصالح الأمن مفادها انه تعرض لما أسماه الاختطاف من طرف المتهم الرئيس في القضية “س.م” ورفيقه “م.ع”، وأخذاه على متن السيارة إلى وجهة مجهولة بإحدى الغابات القريبة على حد زعمه، أين حاولا دفنه في حفرة حيا، حسب ما جاء في أقواله، حيث زعم الضحية انه تمكن من الفرار منتصف الليل، وقاموا بملاحقته بالسيارة داخل الغابة ليتم الإمساك به والتعدي عليه بالضرب وإعادته لمدينة الضلعة، مع زعمه أن إحدى السيارات لحقت بسيارته وسدت عليه الطريق، وهذا حسب ما جاء في تصريحاته وشهوده الذين هم من أقاربه.
وبعد التحقيق مع سماع شهود الطرفين وبالأخص الشاهدة المفصلية “س.ب”، التي تعد طليقة المتهم الرئيس، والتي قدمت تسجيلات صوتية للمحكمة منسوبة للمتهم الرئيس على أنها مكالمات جرت وقت الاختطاف المزعوم، فيما تقدمت أمام قاضي التحقيق ومصالح الأمن بشهادة تفيد فيها أن المحامي تعرض للتعذيب والاختطاف مع تقديمها لتسجيلات صوتية مفبركة، ولكن بعد تحريات معمقة أمر بها قاضي التحقيق، وإجراء الخبرة على هواتف الضحية والمتهمين والشاهدة الرئيسية، ثبت بالدليل العلمي أن الضحية أجرى أكثر من 60 مكالمة في فترة تواجده مع المتهمين، منها حوالي عشرين مكالمة مع الشاهدة الرئيسية طليقة المتهم، وعشرين مكالمة مع زوجته، بمعدل مكالمة كل 10 دقائق خلال فترة تواجده مع المتهمين المقدرة بثلاث ساعات.
وأثناء الجلسة، ومع تعيين كبار محامي مجلس قضاء أم البواقي وهم أربعة للدفاع عن الضحية الذي غاب دون مبرر، حيث ارتفعت درجة الإثارة داخل القاعة لما حضرت الشاهدة الرئيسية “س.ب”، وقدمت للقاضي العديد من صور “المسنجر” تثبت تورط المحامي الضحية الذي كان يبتزها بهذه الصور، في حالة لم تشهد لصالحه أو لم تقدم التسجيلات المفبركة لمصالح الأمن، مع إلزامها بالتصريح على أن الضحية تعرض للاختطاف والتعذيب، وإلا سيكشف الصور ويشوه سمعتها، وهي ابنة عائلة محافظة .
وبعد مرافعة محامي الضحية، التمس النائب العام 15 سنة، غير أن مرافعة محامي المتهمين، الأستاذ حسان براهمي، الذي أكد أن التكنولوجية الحديثة وعدد المكالمات الكثيرة التي أجراها الضحية أثناء فترة الاختطاف المزعوم، بأن الضحية فعلا لو كان مختطفا، فعوض أن يجري عشرات المكالمات مع زوجته وطليقة المتهم، كان عليه الاتصال بالرقم الأخضر للشرطة 1548 ويتم إنقاذه فورا، غير أنه لم يفعل، مما يؤكد انه كان في وضعية مريحة، وبعد مداولات دامت أكثر من ساعة كاملة بعد منتصف ليلة أول نوفمبر، نطقت المحكمة ببراءة المتهمين.