“البومباردي” ليس وحده!!
يبدو أن الشخصية التي أراد الفنان عريوات تجسيدها في فلم “كرنفال في دشرة” أصبحت واقعا سياسيا في الجزائر، بعد أن بادر عدد غير مسبوق من الجزائريين في سحب استمارات الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، لتتحول العملية كلها إلى مهزلة سياسية و”مضحكة” على حد تعبير أحد السياسيين.
ففي الوقت الذي تحجم فيه الشخصيات الثقيلة عن ترشيح نفسها لأسباب عديدة أبرزها عدم اتضاح الرؤية بخصوص ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من عدمه، يسارع عدد كبير من المغمورين سياسيا لسحب استمارات الترشح وطرح أنفسهم بدائل سياسية بعدما أدركوا ربما أن الجزائر عاجزة عن إنتاج رجال يصلحون لرئاسة الجمهورية لدرجة أن البعض منهم يلحون على إعادة ترشيح الرئيس بوتفليقة على ما يعانيه من مشاكل صحية.
طابور طالبي العمل في قصر المرادية بصفة القاضي الأول في البلاد قد يطول خلال الأيام القادمة ليعد بالمئات بدل العشرات، يعبّر عن حالة البؤس السياسي الذي تشهده البلاد، كما يعبر عن الاستخفاف لدى هؤلاء بخطورة الأمر الذي يرشحون أنفسهم له، إذا استثنينا أولئك الذين يعلنوننها صراحة بأن الهدف من ترشحهم هو الحصول على امتيازات المرشح لرئاسة الجمهورية من أموال وحراسة ومنابر.
هذا الجيش من “الأرانب” الذين دخلوا سباق الرئاسة قبل الأوان يعطي إشارة خطيرة في سياق تمييع الموعد الانتخابي المقبل كما حدث للتشريعيات الماضية التي أعقبت اندلاع ما يعرف بثورات الربيع العربي حين نجحت السلطة في تحويل التشريعيات من محطة هامة للتغيير السياسي في البلاد إلى عرس فلكلوري كبير بدأ بإغراق الساحة السياسية بعشرات الأحزاب الجديدة، وكان كل من “يتكستم” و”يتكرفت” ويتوجه إلى الداخلية يحصل على اعتماد حزب جديد، وكانت النتيجة هي فوز الآفلان بشكل أعادنا إلى أيام الحزب الواحد.
وإذا نجا بعض هؤلاء “البومبارديين” من مقصلة التوقيعات، فإن الجزائريين على موعد حملة انتخابية تفوق الحملة السابقة في طرافتها ومستوى منشطيها، بل البعض بدأ من الآن يزود قاموس السياسة في الجزائر بأساليب وطرق جديدة، فهذا يفتح فضائية، ويضع فيها صورته ومعها شعارا يقدمه على أنه منقذ للجزائريين و”سبيرمان” المستقبل، وآخر يصدر بيانا يندد ويتهم فيه رئيس تحرير صحيفة كبيرة بأنه منع صحفيه من تغطية ندوته لإعلان الترشح، وآخر ينشر إعلانا في الصحف يتسوّل فيه توقيعات المواطنين والمنتخبين للترشح لرئاسة الجمهورية.