-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التاريخ شاهد على مخرجات التربية السيئة

خير الدين هني
  • 180
  • 0
التاريخ شاهد على مخرجات التربية السيئة

الأسرة والمجتمع والتربية هم المسؤولون المباشرون، عن انحراف الأفراد وجنوحهم إلى القسوة والعنف والتمرد، لأن الفرد المقهور من الوالدين أو المدرسة أو المجتمع أو من أي سلطة أخلاقية كانت أو سياسية، لابد أن يبحث عن تعويض لإثبات ذاته أمام المجتمع، مِمّا لاقاه من ظلم وقهر ومعاناة، وحين يصلب عوده ويصبح قادرا على الانتقام، يعلن ثورته وتمرده على الجميع من غير تفريق، بين سلطة الدولة الإلزامية أو سلطة المجتمع الأخلاقية، ويستخدم أي وسيلة لردّ الاعتبار لنفسه، وأقلُّ هذا التمرّد هو السب والشتم والمشاكسة والتبذء في الكلام أمام الناس، لإثبات ذاته المقهورة.
وانتقاما من المجتمع الذي سلبه حقه في الحياة السعيدة، وفي مقدمة هذه الحياة أن يلقى الحظوة والاحترام والتقدير مثل بقية الناس، وقد يترقى التمرد لديه إلى أن يبلغ أعلى درجاته، كالضرب والسرقة والسطو والقتل والخروج عن القانون، لأن هذا الفرد المكبوت المقهور قد نمت في نفسه غرائز الشر والعدوان والانتقام، ممّا لقيه في صغره ممن ربّوه وعلّموه ووجّهوه بغير رحمة ولا شفقة أو عطف وحنان.
والتاريخ شاهد على أن من تعرضوا من الأفراد، والمجتمعات إلى الظلم والاضطهاد والقهر والتحقير والإذلال، نشأوا نشأة عنيفة عدوانية وساخطة على كل شيء في الحياة، وقد بلغ ببعضهم السخط إلى أن تمردوا على الدين والمكتوب، وسخروا من أقداره التي ظنوا أنها حرمتهم من نعمة الحياة السعيدة، لذلك نمت في نفوسهم النزعة الشريرة التي جعلتهم يكرهون الناس والمجتمعات، ويتلذذون ببؤسهم وشقائهم وعذابهم.
وبالنسبة للمجتمعات التي شعرت بالظلم والذل والاضطهاد، وسخطت على الأقدار، كالأقليات العرقية أو المغلقة بسبب عاداتهم الدينية كاليهود مثلا، نجدهم يشحنون ثقافتهم وتاريخهم الديني والقومي، بنزعة الكراهية والعنصرية والبغضاء على من توهموا، أنهم اعتدوا عليهم وقهروهم وأذلوهم، مثلما هو عليه حال اليهود الصهاينة اليوم، حيث جعلهم بغضهم الشديد للبشر لا يرتوون من شرب دماء الفلسطينيين، ولا يملون من تهديم منجزاتهم الصناعية والعمرانية، ولا يشبعون من سماع آهات المرضى وأنين الجرحى والثكالى والأيتام.
كل ذلك ناتج عن سخط كبير تراكم في نفوسهم، ورثوه ممّا تعرضوا له من ألوان القهر والإذلال والعذاب النفسي، عبر تاريخ استعبادهم الطويل من الفراعنة والبابليين في قصة السبي الكبير، ومما لقوه من ذل وهوان على أيدي الرومان والأمم في حياة الشتات، حيث لم يعرفوا الاستقرار والهدوء والحياة السعيدة.
فاليهود عاشوا ذل العبودية وهوان الشتات حوالي ألفي سنة، ولقوا من العنصرية وكره الناس لهم ما يفوق طاقة البشر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!