-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التاريخ لا يرحم

التاريخ لا يرحم

الحقائق التي كشف عنها الحوار الذي أجراه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، مع باحثين يابانيين وأعادت “الشروق” نشره يضع النقاط على الحروف في ما يتعلق بالنفق المظلم الذي دخلته الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي، كما يرفع الغموض عن أحداث الخامس أكتوبر 1988، لتتأكد مرة أخرى تلك الحقيقة التي تقول أن التاريخ لا يرحم، ويأتي اليوم الذي تتكشف فيه الحقائق ويتكفل التاريخ بعقاب الذين أخطأوا في حق الجزائر، وأدخلوها في أزمة دموية خطيرة.

إنّ الذين تبنوا خطاب العنف والترهيب، واستخدموا الدّين للوصول إلى السّلطة، أخطأوا في حق البلد، ودفعوا به إلى متاهة التطرف ويتحملون نصف المسؤولية، أما النصف الآخر فيتحمله أولئك الذي أعطوا لأنفسهم حق التصرف مكان الشعب الجزائري، وأوقفوا المسار الانتخابي، وأدخلوا البلد في مواجهة مفتوحة أسفرت عن 200 ألف قتيل وآلاف المفقودين واليتامي والأرامل.

لقد كان مبرر أولئك الذين ألغوا نتائج الانتخابات التشريعية سنة 91، هو حماية مكاسب الحرية والديمقراطية، ومن أجل هذا المبرر غامروا بالشعب الجزائري أجمع، وأدخلوه في مواجهة مع نفسه ومهّدوا الطريق لظهور آفة الإرهاب التي عادت بالبلاد إلى عقود إلى الوراء، ورمت بالمجتمع الجزائري في واد سحيق من التطرف والفقر والآفات.

ماذا كان سيحدث لو سمح للفيس بالوصول إلى البرلمان حينها، وتشكيل حكومة وممارسة المسؤولية؟.. في أسوأ الأحوال كان سيصطدم هؤلاء بالواقع الذي تفرضه التوازنات الداخلية والخارجية، فإما يتكيفون مع هذه التوازنات ويقدمون نموذجا واقعيا ينجح في إدارة شؤون البلاد، كما فعل الإسلاميون في تركيا، وإما يفشلون في فعل شيء وحينها تسهل إزاحتهم دون الحاجة إلى سقوط 200 ألف ضحية وتدمير مقدرات البلاد.

لقد وصل الإسلاميون إلى السلطة في تركيا وتونس ومصر، كما تواجدوا بقوة في حكومات بلدان أخرى بينها الجزائر، وقدموا مثالا جيدا في التعايش وقبول الآخر، فمتى يدرك أولئك الذين قطعوا الطريق على الجبهة الإسلامية للإنقاذ سنة 1991، أنهم أدخلوا الجزائر في مستنقع أحمر بناء على تخوفات وافتراضات أثبتت التجربة أنها مبالغ فيها.

ومهما يكن فإن التاريخ سيتكفل بكل الذين أخطأوا في حق الجزائر، لأن الدماء التي سالت بتلك الغزارة ستتحول إلى لعنة لكل من تسبب في الأزمة، ودفع باتجاه المواجهة المسلحة سواء من الاستئصاليين الذين نظروا للحل الأمني في اجتثاث الفيس، ومن متطرفي الفيس أنفسهم الذين دعوا صراحة إلى الاقتتال بين الجزائريين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • salem

    أنت يا أستاذ بعيد كل البعد عن فهم التصور و الطرح لمفهوم الحكم لدى جماعة جبهة الإنقاذ في سنوات 90 إنهم يكفرون الجميع و كل رأي مخالف لهم فهو حرام فالأحزاب حرام وكفر و الانتخابات حرام في الشرع الإسلامي و كثير من الأعمال حرام مثل عمل المحامات و عمل المراة حرام وجميع الفنون حرام و......و .....وما بقى إلا الصلاة في المساجد و زيارة المقابر و الركض إلى الحج و تصفح كتب الفتاوى الفقهية لشيوخ الدين التي لا تنتهي فتعطل الإنتاج و العمل. و ما ها ذا بخفي فشيوخ الجبهة كانوا يعلنون عن هذه الطروحات علنا

  • نبيل

    مناضلي الحزب التركي، عندما كانوا في المعارضة، لم يؤسسوا شرطة ومحاكم موازية للنظام القائم وأقاموا الحد على الناس. حزب العدالة والتنمية تأسس على قاعدة متفتحة ذات تكوين كافي وانضباط مقبول، عكس الفيس الذي أُسِس على قاعدة ضعيفة التكوين اختزلت الحياة في نظرة ضيقة للإسلام لا تتوافق مع العصر وارتكبت حماقات نشرت الذعر في أوساط جزء من الشعب الجزائري. خط مسيرتهم ذاك كان قصير (الحمد لله) وكان محفوف بالرعب. نتمنى أن تتغير نظرتهم وطريقة تفكيرهم في المستقبل لتكن أكثر ملائمة مع الوسط والعصر الذي يعيشون فيه.

  • نبيل

    ردا على سؤالك: ماذا كان سيحدث لو سمح للفيس بالوصول إلى البرلمان؟ أقول لك الله أعلم، لا أريد أن أتخيل ماكان سيحدث، المهم ماحدث بعد منعه من الوصول معروف وتشهد عليه الرؤس التي تطايرت في كل مكان. طبعا، حدث هذا دون وصولهم للحكم فماذا لو وصلوا. الفيس ليس حزب العدالة والتنمية التركي ولا مجال للمقارنة بين إسلاميِّ تركيا وإسلامي الجزائر أو حتى إسلامي مصر. نحن لم نسمع أردوغان أو غول يهدد بحمل الكلاشينكوف والصعود للجبل قبل الإنتخابات، ولم نسمع حزب العدالة والتنمية يهدد أويكفر كل من خالفه الرأي... يتبع