الرأي

الترك أحسن

عمار يزلي
  • 4196
  • 6

الزيارة التي قام بها أردوغان إلى الجزائر ومنها إلى ثلاث دول إفريقية أخرى (موريتانيا، مالي، السنغال)، سيكون لها بالتأكيد انعكاس إيجابي على جهود التمنية في الجزائر والقارة السمراء، التي تعمل كل دول شمال إفريقيا على الانفتاح تجاهها، خاصة الجزائر، والمغرب ومصر. تركياـ اختارت البوابة الغربية الجنوبية، للولوج إلى قلب إفريقيا، التي يكون الرئيس التركي قد زار 32 دولة بها.

تركيا تبحث عن مصالحا بالتأكيد، والجزائر، تبحث هي الأخرى عن مصالحها، لكن أين تلتقي المصالح وأين تفترق؟

المصالح الاقتصادية والتجارية والثقافية، بين البلدين تتجاوز الخلافات الهامشية في بعض المواقف خاصة موقف الجزائر من التدخل التركي في سوريا، وموقفها من “الربيع العربي” المنبوذ عندنا، لكون الجزائر حريصة على عدم التدخل في شؤون وسيادة الدول والأنظمة القائمة مهما كانت طبيعة هذه الأنظمة. لكن لتركيا مصالحها وحدودها التي تعنيها هي نفسها كما تعنينا نحن مصالحنا وأمور أمننا الداخلي وعلى الحدود. لهذا فالعلاقات الاقتصادية والمصالح بين البلدين أقوى من أي اختلاف وجهات نظر من ملف إلى آخر.

علاقتنا مع تركيا، سيكون لها وقع مهم ونتائج عاجلة لطبيعة التفاهمات والخلفيات السياسية المطابقة وخاصة عامل الثقة. تركيا بلد ينمو اقتصاده بسرعة كبيرة، والجزائر في حاجة إلى النموذج التركي في التنمية: الحداثة مع الأصالة. كما أن مصنعاتها قد تغنينا عن منتجات مستوردة من أوروبا بأوصاف أوربية، هذا دون ذكر تجارب رأس المال المشترك وفق القاعدة 49/51، التي لم تبد تركيا تحفظا عليها كما تفعل الشركات الأجنبية الأوربية وبخاصة الفرنسية منها! فرنسا ليست مرتاحة بطبيعة الحال لهذا التحرك التنافسي في الجزائر وفي القارة الإفريقية. 

نمت على وقائع الزيارة، لأجد نفسي أعود إلى التاريخ القديم أيام استنجاد الجزائر بتركيا ضد الحملة الصليبية! قلت لوزير التجارة: لابد من أن يعود البحر الأبيض المتوسط إلينا! الإسبان والأمريكان والفرنجة، يقوضون تجارتنا البحرية ويتهموننا بالقرصنة. كل من يدافع عن مصالح بلاده، صار قرصانا أو راعيا للإرهاب! علينا أولا أن نحمي حدودنا من الهجمات الصليبية، ثم علينا أن نمنع مغامرينا من الحرقة باتجاه الأندلس! طارق بن زيادة، حرق السفن وخلاص! بركات من “الحرقة” و”الحقرة” أيضا! فلولا هذه الأخيرة ما كنت الأولى! خير الدين كان ينوي أن يطلب المزيد من الدعم من الأستانة، لكن لم أوافقه في هذا الأمر! علينا أن نبقى على استقلاليتنا قائمة، لا نريد أن نهرب من النار إلى الرمضاء! نتعاون مع الخلاقة العثمانية لكن ضمن استقلال القرار السيادي للجزائر مزغنة! ثم لا ننسى أن فرنسا هي التي أطاحت بالداي حسين واحتلت الجزائر في ما بعد بدعوى أنها جاءت فقط لتؤدب الداي على ضربة المروحة!

بدأنا حملة تجنيد واسعة في صفوفنا من تجار وعمال ومستثمرين وطنيين وكراغلة وأتراك وحتى إسبان وفرنسيين ممن يودون أن يقبلوا بالقوانين الجزائرية واحترام سيادتها ومصالحها.

طورنا البحرية الوطنية لتصبح قوة في المنطقة. كما اعتمدنا على تقوية جيشنا وقواتنا الأمنية لحماية الحدود الجنوبية والجبهة الداخلية. قضينا على الفتن الداخلية التي حاول البعض تأجيجها أو تسبب في إشعالها، مؤسسات وكيانات غير مسؤولة وغير كفئة. قضينا على بؤر التوتر وشغلنا مئات الآلاف من العمال وقضينا على فكرة الهجرة. بقي شيء واحد لم نتمكن إلى حد الآن من التغلب عليه ونحن في 1516، هو مشكل فريق الخضر، والدينار اللذين لا يزالان يهويان مقابل الدورو الإسباني والفرنك الفرنسي… والريال.. مدريد!

مقالات ذات صلة