الرأي

التعصّب لن يُنتج حلّا

قادة بن عمار
  • 3087
  • 5
ح.م

الخطاب الذي ألقاه أمس قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، وتحدَّث فيه عن “ضرورة الاستماع إلى كل الآراء”، وبأنَّ “الخلاف لا يُفسد للودِّ قضية”، بل و”يجب البحث عن حلول دون تعصُّبٍ ولا مكابرة”… هو خطابٌ يمكن البناء عليه، ليشكّل نقطة التقاء بين الفرقاء، وليُعجّل بالذهاب نحو مرحلة جديدة، تُخرجنا من الأزمة القائمة حاليا لنتفرغ لأزمات أخرى تبدو أكثر إلحاحا.

اقتراحُ استدعاء الهيئة الناخبة منتصف الشهر الجاري، وبقدر ما أثار غضب دعاة المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي، فهو يمثل في سياق آخر، دفعا للعملية السياسية الجامدة، وللحَراك العائد بقوة مع الدخول الاجتماعي، كما يعبِّر عن رغبة الجيش في استعجال خروجه من السياسة “بالسياسة”، وعدم التورُّط في مستنقعها.

الظاهر أن المعركة الأساسية حاليا، تتمثل في هوية الرئيس القادم؛ فالجيش وبقدر رغبته في الانسحاب من العملية السياسية قريبا، فهو غير مستعدّ لتركها بالكامل في يد السياسيين، لعدة اعتبارات تقليدية وتاريخية، أبرزها اعتقاده أن هؤلاء السياسيين غير قادرين على تسيير البلد لوحدهم، وقد برز غياب هذه الثقة، في خطابات قايد صالح نفسه عقب اندلاع حَراك 22 فبراير حين طالب النخب بتقديم مبادرات ملموسة، بدلا من انتظار تحرُّكات الآخرين.

هذا الرئيس القادم يشكّل أيضا هاجسا للحَراك الشعبي، فالمواطنون لا يريدون، بعد سبعة أشهر كاملة من السخط والغضب، وبعد ما أدت إلى ترحيل نظام بوتفليقة، أن يتمّ استنساخ “بوتفليقة آخر” في الرئاسيات القادمة؛ بمعنى أن بقاء الشروط ذاتها في العملية الانتخابية سيؤدي بنا إلى النتيجة نفسها.

وهنا يأتي دور الحوار أو التفاوض غير المباشر “وإن كان الجيش يرفض هذا المصطلح”، إذ أنه بات ضروريا الذهاب إلى إعلان هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات ومراقبتها، مع تعديل القانون العضوي للانتخابات، وأيضا إرغام حكومة نور الدين بدوي على تقديم استقالتها وتعيين حكومة كفاءات وطنية لتصريف الأعمال، ولعلَّ خروج هذه التصوُّرات إلى العلن سريعا قد يقرِّب المسافات أكثر نحو العثور على حلّ منطقي، بدلا من البقاء في حلقة مفرغة، وتأزيم الأوضاع أكثر ممّا هي عليه.

مقالات ذات صلة