-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الرباط التزمت الصمت وأضاعت البوصلة

التقارب السعودي الإيراني يضع المخزن في الزاوية

التقارب السعودي الإيراني يضع المخزن في الزاوية
ح.م

تحت مزاعم تتعلق بتهديد “الأمن الوطني للمملكة المغربية وتهديد المواطنين المغاربة”، أعلنت الرباط قطع علاقتها مع إيران في منتصف سنة 2018، بدعاوى وجود صلات بين إيران وحزب الله وجبهة البوليساريو وإقحام الجزائر كالعادة في القضية، لكن من دون تقديم أي دلائل على “الاتهامات الجزافية” رغم ادعاءاتها بحيازة الأدلة.
مرت السنوات، وتغيرت الكثير من المعطيات، وجاء الإعلان المفاجئ من الصين الذي لم يعد نائما بل مستفيقا، أخلطت من خلاله طهران والرياض أوراق المنطقة، كون الإعلان الإيراني – السعودي المشترك عن توقيع اتّفاق في بكين على إعادة العلاقة الدبلوماسية بين البلدَين وفتْح سفارتَيهما، يحمل دلالات عميقة “ثلاثية الأبعاد” في السياسة العالمية: الأوّل، بفعل الأهمية الجيواستراتيجية لإيران؛ والثاني، بالنظر إلى الثقل النفطي والاقتصادي للمملكة، والثالث، أخذا في الاعتبار تقدّم الصين نحو تكريس نفسها كلاعب فاعل في الدبلوماسية العالمية. باركت دول في القارات الخمس الإعلان الذي ينهي سنوات من “القطيعة” و”التلاسن” و”الاتهامات المتبادلة”، لكن المغرب الذي جاءه الإعلان “صادما” و”صاعقا” التزم الصمت، فهل له أن يبارك ويثني على الإعلان ما يعني أن مزاعمه بقطع علاقته مع إيران لم تكن مؤسسة وصحيحة، أم أنه سيبارك، وهنا ستكون الخطوة الثانية له وهي السعي لإعادة تطبيع علاقته مع طهران، وهذه الخطوة ستعترضها إكراهات كبيرة، فكيف يمكن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دولة يصفها بـ”العدوة”؟
بالمحصلة، يوجد المخزن في وضع “مأساوي”، فهو يعيش تحت حصار أوروبي بعد فضيحة الرشاوى التي كان يغدق بها على نواب في البرلمان الأوروبي، وقبل ذلك استهدافه لشخصيات ونشاط عبر برنامج التجسس العبري “بيغاسوس”، سيجد نفسه وحيدا منكفئا نحو الشركاء في العالمين العربي والإسلامي بعد “التفاهم” السعودي الإيراني، بل حتى هرولته للتبعية نحو الكيان الصهيوني طمعا في تحقيق المغانم كما توهم لم تتحقق.
على النقيض من ذلك، وسعت الجزائر من دائرة علاقاتها وشراكاتها مع فاعلين كبيرين في العالم الإسلامي، هما السعودية وإيران، وكان من صور تعزيز العلاقة مع الرياض، إعلان هذه الأخيرة الأسبوع الماضي، عن إنشاء مجلس تنسيق أعلى سيمثل إطار التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي بينها وبين الجزائر، بعد خمس سنوات من استحداثه، في خضم تطور لافت للعلاقات بين البلدين خلال الفترة الأخيرة.
وسألت “الشروق” الباحث التونسي في القضايا الدولية والاستراتيجية، بشير الجويني، عن دلالات التعاون المكثف بين الجزائر والرياض، فقال “لا شك أن التقارب السعودي الجزائري محطة مهمة على درب التوافق العربي العربي، لاسيما أن البلدين يتمتعان بمرتبة وموقع متقدم ليس في خارطة إنتاج الطاقة والتحكم في مساراتها فحسب، بل في الدعوة إلى عودة منظومة العمل العربي لثوابتها هذا من جهة”، ويتابع “من جهة أخرى تبقى حسابات وخيارات كل منهما في مسائل خلافية عقبة أمام توافقات مستدامة وإدماجية”.
وفي قراءته لمخلفات الخطوة السعودية على جيرانها الذين كانوا في خصومة كذلك مع إيران، يقول الجويني “طبعا سيجد حلفاء مجلس التعاون الخليجي أنفسهم في حرج من أكثر من زاوية ولكن العلاقات الدولية وإدارة السياسات الوطنية لكل بلد تبقى أمرا سياديا تتحمل فيه السلطات القائمة المسؤولية سلبا أو إيجابا”.
أما عن حصول عزلة لدولة ما من التقارب السعودي الإيراني، يذكر المتحدث أنّ “الحديث عن عزلة طرف من هنا أو هناك أمر يحتمل أقدارا كبيرة من المجازفة في وقت يتم فيه صياغة تحالفات ونقض أخرى وفقا لتحولات متسارعة تصبغ الساحة الدولية وتجعل من أصدقاء الأمس أعداء اليوم والعكس صحيح”.
من جانبه، يؤكد المستشار السابق في السفارة الإيرانية بالجزائر، سعيد مصفى، لـ”الشروق” أنّ “المغرب هو الخاسر الأكبر فی معادلات المنطقة حین قطع علاقاته مع إيران وقام بالتطبیع مع الصهاینة معادیا للجزائر الحبیبة”، وشدد المتحدث على أنّ “کل حسابات المغرب ضد إيران لیست من أجل السعودیة بل لکسب الموقع الأفضل تجاه الجزائر فی قضیة الصحراء وذلك عبر تطبیع علاقاته مع الصهاینة”.
ويدين الدبلوماسي الإيراني السياسات المغربية المنتهجة، بالقول “نحن شاهدنا بأن المغرب في عهد الملك محمد قد فقد مصداقیة استقلاله بالقطع المتكرر لعلاقاته مع إيران، متأثرا بحساباته الخاطئة، واعتقد أنه فی ظل تقویة علاقاتنا مع جارتنا السعودیة وحتى لا یستمر أکثر فی عزلته سوف یفکر فی تحدیث حساباته معنا ومع الجزائر”.
ويتحدث المستشار الإيراني عن الدور الصهيوني في المنطقة بتنسيق مع المغرب “الصهاینة لدیهم مشروع للضغط على الجزائر لتغییر مواقفها تجاه قضیة فلسطین و‌نحن نعلم بأن الجزائر الدولة الوحیدة في المغرب العربي التي بقیت صامدة وثابتة على استقلال مواقفها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!