-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التمادي في نهج الخسران

عمار يزلي
  • 737
  • 1
التمادي في نهج الخسران

مع استمرار تنامي الاستفزازات على حدودنا الجنوبية والشرقية، وأيضا الغربية التي باتت تحصيل حاصل، بل وبؤرة انطلاق كل جيوب محاولات زعزعة الاستقرار في المنطقة الشمالية للقارة برمَّتها، فضلا عن تعفين الوضع في القارَّة كلها، تبدأ الجزائر، ومنذ فترة غير قصيرة في ترتيب الأوضاع ضمن توجهاتها الدولية والقارية عبر المسالك الدبلوماسية التي عهدتها منذ أمد بعيد، وضمن مسار السلم والتصالح والتقريب بين وجهات النظر وتوحيد القوى من أجل مصلحة الجميع ضد الفقر والانقسام والحرب.

الجزائر التي لم تدّخر يوما جهدا للصلح بين المتخاصمين في إفريقيا والعالم، وجدت نفسها، ضحية عمل حسن النية وحسن الجوار وضحية لعملها من أجل توحيد الشعوب على كلمة سواء، من طرف من ينكرون خيرها وقدرها وجهدها، وكثير ما هم.

المغرب الذي يخسر كل شيء وبالتقسيط وهو يرغب في أن “يربح كل شيء”، كان سيجني ثمار حلٍّ للقضية الصحراوية، بحل القضية لا بالهروب إلى الأمام وإتباع سياسية “سارق الليل”، بل ويتحالف مع “سارق النهار” من أجل التآمر على الجار الذي كان سيقاسمه كل ما يقاسمه اليوم وغدا مع جيرانه الأقربين شرقا وجنوبا، وها هو يرى ثمار سياسة التعاون بين الجزائر وتونس والجزائر وموريتانيا، تنمو وتزداد قوة ولحمة.

المغرب، عوض أن يساهم في حل القضية الصحراوية، فعل ما يفعل به حليفه الصهيوني ويواصل الهروب إلى الأمام في الاعتداء على أرض وشعب تقرّ له القوانين الدولية -على عجزها- بحق تقرير المصير وإنشاء دولة مستقلة ذات سيادة.

المغرب والكيان الصهيوني، يبدوان اليوم النظامين الوحيدين في العالم اللذين ما زالا يحتلان أرضا وشعبا ويرفضان أيَّ تسوية على أساس قوانين تصفية الاستعمار، ويعملان فوق القانون، بل ويتحالفان ويتعاونان مع طرف عربي لضرب جسور التحرير التي تساهم فيها الجزائر سواء في الملف الفلسطيني أو في ملف الصحراء الغربية.

المغرب يتآمر مع الإمارات ومع الكيان الغاصب المجرم ضد الجزائر وضد القضية الفلسطينية والصحراوية، ويتمادى المغرب تماما كما يفعل الصهاينة، في استغلال خيرات الساقية الحمراء ووادي الذهب، ويقصف بالطائرات الصهيونية المسيَّرة مواطنين جيرانًا من موريتانيا وهم ينقِّبون عن الذهب في أراض ليست ملكا له.

الزيارة التي قادت وزير الخارجية الجزائري إلى موريتانيا مؤخرا، تمثل التأكيد الجزائري على استمرار سياسة التعاون المثمر بين البلدين وفتح طرق التبادل والاستثمار والتنقل وربط الشعبين جنوبا، كما تفعل مع الأشقاء شرقا مع تونس وليبيا، إنما تمثل رؤية مستقبلية طويلة الأمد ومستدامة لما رسمته سياسة رئيس الجمهورية وهي رؤية ومسار منبثق أصلا من فلسفة الثورة الجزائرية القائمة على فلسفة التعاون المغاربي والإقليمي والقاري والدولي وربح معركة التنمية وتوحيد الجهود بين الأشقاء من أجل التغلب على مصاعب التنمية ووأد الفتن والخلافات لصالح شعوبنا جميعا. هذه الفلسفة يريد رئيس الجمهورية أن يجسِّدها عمليا رغم الكيد ورغم الأعداء.

العمل الدبلوماسي الذي تقوده الجزائر اليوم من داخل مجلس الأمن ومن داخل الاتحاد القاري والجامعة العربية ودول عدم الانحياز، الكل يصب في هذا السياق.

وعليه، سيكون المغرب أكثر أمنا وأمانا ورخاءً واستقرارا إن هو قبل الحل السياسي الأممي وتوقف عن التعنُّت والهروب إلى الأمام وتعفين الوضع في المنطقة إفريقيًّا وعربيًّا، وذهب نحو قبول تقرير المصير، لأن الجزائر ستقبل بأيّ نتيجة يقبلها الصحراويون ولن تكون ملكية أكثر من الملك، وعندها ستُحل كل القضايا الخلافية وسيكون المغرب رابحا في معادلة عادلة ورابحة مستقبلا، لكن الخاسر لن يربح أبدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    الخبز والملح والعشرة أشياء مقدسة لدينا.