-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التوتّر في الكركرات.. هل يقود إلى حربٍ جديدة؟

التوتّر في الكركرات.. هل يقود إلى حربٍ جديدة؟
ح.م

تتجه الأنظار حالياً إلى منطقة الكركرات الواقعة في أقصى جنوب الصحراء الغربية على الحدود مع موريتانيا. وعادت المنطقة إلى الواجهة بعد إقدام مدنيين صحراويين على إغلاق الثغرة التي كان المغرب قد فتحها ذات ليلة قبل حوالي عقدين من الزمن في غفلة من الجميع لتسويق بضائعه إلى دول جنوب القارة الإفريقية.

وبعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمغرب، في 6 سبتمبر 1991، لم يتضمن الاتفاق فتح المغرب لتلك الثغرة في الأرض الصحراوية، بل على العكس، نصت بنود الاتفاق العسكري رقم 1 على أنه يُمنع أي تواجد للجيش المغربي في منطقة تمتد إلى 30 كلم غرب الجدار.

وبموجب ذات الاتفاق، يُحظر أيضاً نقل أو تحريك القوات والعتاد العسكري، باستثناء حالات نادرة مذكورة في الاتفاق. ويمنع كذلك على الطرفين الاقتراب أو إطلاق النار أو حتى دخول المنطقة المحظورة الممتدة لمسافة 5 كلم غرب وشرق الجدار.

وبناءً على ما سبق، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك، أن المغرب قد خرق الاتفاق مراراً وتكراراً، ولكن جبهة البوليساريو أوضحت أنها لن تتساهل مع أي خرق جديد، وأن أي تقدّم ولو بمتر واحد لدخول مسافة 5 كلم سيكون بمثابة إعلان حرب، وهو ما قد يحدث في أي لحظة هذه الأيام، لاسيما بعد حشد البوليساريو لجيشها وتحضيرها عسكرياً وحتى البدء في رسم السيناريوهات والخطط العسكرية لحرب قد تكون وشيكة إذا ما قرر المغرب خرق الاتفاقية من جديد ودخول المنطقة المحظورة أو اعتدى على المدنيين الصحراويين الذين يغلقون ثغرة الكركرات منذ حوالي 20 يوماً. فكيف ستكون الحرب المقبلة؟

تعود آخر مواجهة عسكرية بين الجيش الصحراوي والمغرب إلى سنة 1991، ومنذ ذلك التاريخ، تغيرت الكثير من المفاهيم والتكتيكات لخوض الحروب، لكن الطرفين أبقيا على قواتهما طيلة الثلاثين سنة الماضية على أهبة الاستعداد لما قد يطرأ في أيّ لحظة.

وقد لا تكون ساحات الحرب الجديد هي ذاتها التي كانت قبل ثلاثة عقود، إذ تعوّل البوليساريو اليوم على ثلاثة محاور إستراتيجية لخوض المواجهة الجديدة المرتقبة.

ولعل أول العوامل التي قد تكون حاسمة في المواجهة الجديدة هو وجود قاعدة شعبية كبيرة جداً مؤيدة لجبهة البوليساريو في جميع المناطق الصحراوية، وإن كانت تفتقر إلى التنظيم الهيكلي على شكل خلايا نائمة جاهزة لخوض الحرب بداخل المناطق المحتلة، إلّا أنها أظهرت جهوزية كبيرة وقدرتها لتكون عنصراً حاسماً في المعركة المقبلة، وخير دليل هو سيطرة الصحراويين بشكل كامل على كامل العاصمة العيون بعد تفكيك مخيم أكديم إيزيك يوم 8 نوفمبر 2010، ورفعهم الأعلام الصحراوية في كل أرجاء المدينة، لتصبح العاصمة الصحراوية محررة تماماً ولو لساعات. كما شهدت المدينة عودة المغاربة إلى أرضهم وحتى بيع بعضهم لعقاراته، وهو ما يؤكد أن وجودهم بالمنطقة مؤقت وأنهم مستعدون للعودة من حيث أتوا متى ساءت الأوضاع.

ويخشى المغرب من تكرار هذا السيناريو، إذ يُعد إطلاق الرصاصة الأولى بمثابة تحرر الصحراويين من كل القيود، لتتم السيطرة على المدن في غضون أيام أو أسابيع من بدء المواجهات بين الجيشين.

أما العنصر الثاني والذي لا يقل أهمية عن الأول فهو العنصر الصحراوي بالجيش المغربي، والذي كان المغرب يُعوِّل عليه كثيراً في الحرب (1975-1991)، غير أنهم الآن ليسوا مستعدين لخوض تجربة القتال ضد إخوانهم من جديد في حرب هم الخاسر الأكبر فيها، لأنه إذا كانت الدعاية المغربية قد نجحت في تجنيدهم وتأليبهم على البوليساريو وكانوا حينها حديثي عهد بالمخزن، فإنهم باتوا اليوم يعرفونه جيداً ويدركون أن سيطرته على المدن لم تجلب لهم سوى التهميش والفقر، إذ لم يبن المغرب مستشفى واحدا بالمقاييس المطلوبة في جميع المدن الصحراوية ولا جامعة ولا أي استثمار حقيقي.

وقد يُشكل غياب هؤلاء عنصراً حاسماً، لأن خوض المعركة في صحراء شاسعة يتطلب وجود أبنائها الذين خبروا وديانها وتضاريسها، وهم وحدهم من يستطيع تحمّل العطش والزوابع والتيه، عكس المغربي القادم من طنجة أو الدار البيضاء أو الرباط والذي عاش حياته في المدن الكبرى.

ويتعلق العامل الثالث بالداخل المغربي، إذ ستصل المديونية بحلول نهاية السنة الجارية إلى 91.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 1055 مليار درهم، إذ اقترض المغرب منذ بداية السنة إلى غاية شهر أوت الماضي 19.3 مليار دولار، إلى درجة أن المؤسسات المالية الدولية أصبحت تتحاشى إقراضه.

يُضاف إلى ذلك أن الداخل المغربي سياسياً سيشهد اضطراباتٍ تقودها قطاعاتٌ اقتصادية واجتماعية متضرِّرة من الوباء، ناهيك عن أزمة حَراك الريف الذي لا يخفت إلا ليندلع من جديد.

كل تلك الأسباب، متفرقة أو مجتمعة، تجعل المغرب يفكر ألف مرة قبل الإقدام على الاقتراب من المدنيين الصحراويين الذين لا يزالون يغلقون ثغرة الكركرات.

ورغم خسارته الاقتصادية اليومية من إغلاق الثغرة، إلا أن الحرب هي فاتورة لا يمكن سدادُها مع اقتصاد متدهور وأوضاع اجتماعية هشة وشعب يعيش على صفيح ساخن.

وبما أن المغرب فرض خلال العقود الماضية ثغرة الكركرات كأمر واقع جديد، فإنه يتوجب عليه اليوم التعامل مع الأمر الواقع الجديد المتمثل في إغلاق الثغرة، وإلا ستعود المنطقة إلى المربع الأول. وقد يكون إغلاق الكركرات خطوة أولى قد تعقبها خطواتٌ أكثر جرأة كتنظيم مخيمات صيفية أو كشفية على الشاطئ الصحراوي في إطار فرض الأمر الواقع الجديد.

وإذا كان ليس للصحراويين ما يخسرونه غير أرواحهم التي هم على استعداد لبذلها وتقديمها فداءً لأرضهم، فإن المغرب بعد وقف إطلاق النار الجديد بالتأكيد لن يكون هو المغرب الذي كان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • وحدوي متحضر

    الحمد لله الذي اصبحنا نسمع ان الامارات تكاد تكون دولة عظمى كالولايات المتحدة او الصين حيث اصبحت تثير القلاقل والمشاكل في العالم العربي! ما هذه السذاجة في التحليل! الم يكفينا عقود من نظرية المؤامرة العقيمة! الامارات دولة خدمات والاوفشورينج والترانزيت والبزنس! هي ليست دولة قادرة على حماية نفسها بنفسها, فكيف لها ان تتدخل فيما لايعنيها!
    في الأخير لا يمكن احد ان يتنبأ بما قد يقع مستقبلا في المنطقة. قد تقع حرب بين المغرب والجزائر ولكن بالتاكيد لن يربح احد الحرب! سيربح فقط تجار السلاح ومن له مصلحة في تدمير مستقبل البلدين الجارين.

  • مصطفى

    أنا مغربي، وللأمانة والله هذا التحليل يا جماعة الخير بعيد عن الواقع. فعلاً هناك بعض الناس داخل المغرب يدعمون بوليزاريو لكن أغلبية الصحروايين مستفيدين بشكل كبير... وهم في يدعمون المغرب. صراع الصحراء لم يعطل المغرب من حيث التنمية الاقتصادية ولا أي شيء.. ربما ساهم في تطور المغرب.

  • علي عبد الله الجزائري

    في حال اندلعت الحرب الصحراويين ليس لديهم ما يخسرون غير ارواحهم
    هذا رد على صاحب التعليق الاول
    ان المغرب فهم الجغرافيا الصحراوية وعمل على تنميتها !!
    فكيف يدخل في حرب ليدمر ما كان يعمل على تنميته من 29 سنة ؟؟
    اتمنى ان تجيني عن سؤالي يا من تعلق بلغة البلد المخرب الاول فرنسا ومعها الامارات

    الامارات نفسها من وسوست للسعودية بمحاربة الحوثيين في اليمن باسم منع التمدد الشيعي
    والامارات نفسها لم تسترجع جزرها المحتلة من ايران لحد اليوم
    والمغرب لم يتعلم ولم يستوعب الدرس وكان احد الدول التي شاركت في تدمير اليمن
    وشاهد نتائجها كيف ان السعودية اليوم يقصف جنوبها اسبوعيا من قبل الحوثيين

  • mohamed salem lbaihi

    رغم احترامي لك يا دكتور ولكن أرى أن تحليلك هو غير موضوعي، الجيش المغربي أصبحت له دراية أكثر بتراب الصحراء ، بعد أربعين سنة من التدريب هناك، المغاربة أكثر شي يجمعوهم هي الصحراء، وربما الحرب ستكون مناسبة لتقوية الجبهة الداخلية، أما الحالة الاقتصدية، فلن تكون اسوا من نظيرتها في بداية التمانينات ، أضن أن المغرب لا يريد الحرب حقنا لدماء المغاربة جميعا لانه يعتبر الصحراوين مغاربة

  • الجزائر وطني

    المغرب يدفعه ماكرون والصهاينة ( عربا ويهودا ) لاستنزاف المنطقة والإبقاء على التوتر فيها ، ليتسنى لهم التحكم في شعوبها وخيراتها... وأخشى أن يكون وراء الأكمة ما وراءها ... فالدور المشبوه للإمارات ومسارعة ماكرون تأييده للمخزن ، أخشى أن يكون المستهدف من ذلك نحن... نسأل الله أن يكفينا شر كل ذي شر

  • mohamed

    Quelle analyse?,si on te suit dans cette analyse on dirait que le maroc est deja entre les mains du Polisario,pourquoi ne pas dire que 29 ans de cessz le fau a permis au maroc de bien comprendre la nature geographique et se preparer en consequence,durant cette periode le developpement des villes du sahara est beaucoup mieux que les villes algériennes et va voir sur place pour comprendre,le maroc ne perd rien en fermant el guerguarat,on un port a cote ,