-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خصّص لها أعمال الدورة التاسعة للدراسات التاريخية

الثورة الجزائرية موضوع مؤتمر المركز العربي للأبحاث

ع.ع
  • 380
  • 0
الثورة الجزائرية موضوع مؤتمر المركز العربي للأبحاث

انطلقت السبت في الدوحة أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدراسات التاريخية، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وموضوع هذه الدورة هو “الثورة الجزائرية في ذكرى انتصارها الستّين: إعادة قراءة لمسارها، ومكانتها، وما تراكم من سرديات عنها”، وتشارك فيها نخبة من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر.

واِفتَتح المؤتمرَ الباحثُ في المركز العربي، محمد حمشي، وعرّف في كلمته بالمؤتمر ودوراته السابقة، ثم تطرّق إلى موضوع دورته التاسعة وأهميته ومسوغات اختياره، ليقدّم بعدها المؤرخ الجزائري، ناصر الدين سعيدوني، محاضرة افتتاحية بعنوان “تأملات في الثورة الجزائرية في ذكراها الستين”، حاول فيها تقصي الكيفية التي أثّرت بها الثورة الجزائرية في محيطها العربي والإسلامي، والمُكنة التي اقتدرت بها هذه الثورة على تخطي إطارها المحلي واكتساب بُعد عالمي وإنساني، وكذلك الطريقة التي شكّلت الثورة الجزائرية، باعتبارها ظاهرة تاريخية تندرج في الزمن الطويل وليس حدثًا حربيًّا محدودًا زمنيًّا، حصيلةً للتاريخ الجزائري المعاصر، ومشروعًا تحرريًّا توّج المقاومة الشعبية الجزائرية، ووحّد الشعب الجزائري وجنّده، وصاغ المجتمع الجزائري المعاصر الذي وُلد من التحدي والمآسي. أضف إلى هذا الطريقة التي تفاعلت بها قيم الأصالة والانتماء الحضاري والأفكار التقدمية والحداثية في الثورة الجزائرية، لتشكل القاعدة الصلبة التي قامت عليها الدولة الجزائرية المعاصرة. وقد حاول الباحث تقديم إجابات عن الكيفية التي وظّفت بها الثورة الجزائرية تناقضات المجتمع الاستعماري، وتعاملها مع المعارضين والمتعاونين مع الاستعمار، والأدوات والأساليب التكتيكية والاستراتيجية التي اعتمدتها لتحقيق أهدافها. وتساءل: أكانت الثورة الجزائرية حرب استقلال أم ثورة تحرير؟ وبأي كيفية طرحت مسألة السلطة والشرعية بعد الاستقلال؟ وكيف تحوّلت إلى مشروع تنمية؟ وهل أعطت الكتابات التاريخية الجزائرية والعربية والأجنبية للثورة الجزائرية حقّها بصفتها ظاهرة تاريخية فريدة؟

 الثورة الجزائرية من منظور الفلسفة الاجتماعية

تناولت الجلسة الأولى من اليوم الأول، التي ترأّستها آيات حمدان، جوانب من الآفاق الفكرية للثورة الجزائرية. واستُهلت بورقة للزواوي بغورة عنوانها: “الثورة الجزائرية من منظور الفلسفة الاجتماعية”. عرج فيها الباحث على الخطاب الرسمي الجزائري، الذي عمد إلى حصر الثورة الجزائرية في المناحي العسكرية والحربية فقط. واستشهد الباحث في ذلك بعملية كتابة تاريخ الثورة التي شرع فيها حزب جبهة التحرير الوطني، في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، والتي كانت خير دليل على ذلك. في حين أن المتأمل الحصيف للأمر يحذق بما لا يدع مجالًا للشك بأن هناك مندوحة في أمر الثورة الجزائرية، لا يدان لنا باختزالها في المجال العسكري الصرف، فهي عملية شديدة التعقيد سواء من جهة التجربة السياسية السابقة عن الثورة، أو عناصرها التكوينية والبنيوية، أو طرائقها وأساليبها في الكفاح، أو في آثارها وأبعادها وآفاقها، وقبل هذا وذاك، نوعية الفاعلين الاجتماعيين القائمين بها. وتناولت ورقة نور الدين ثنيو، “الثورة الجزائرية في الزمن الطويل”، وفيها حاول فيها الاجابة عن سؤال مركزي: لماذا لم تخمد لحظة ثورة الفاتح من نوفمبر، رغم مرور ستين سنة على استقلال الجزائر في عام 1962؟ حيث ما تزال إلى يوم الناس هذا تلقي بظلالها على العلاقات بين الجزائر وفرنسا، حيث تشهد في الآونة الأخيرة اضطرابات أكثر من أي وقت مضى. وأكد الباحث أن هذه الثورة من خلال تطوراتها وتداعياتها وما تمخض عنها، تكشف عن تاريخ إشكالي معقد؛ هو التاريخ المعاصر “للجزائر الفرنسية” والتاريخ الحديث للجزائر المستقلة.

أما الجلسة الثانية من اليوم الأول، فترأّسها حيدر سعيد، رئيس قسم الأبحاث بالمركز العربي، وشارك فيها مصطفى كيحل بورقة بعنوان “أي أفق أيديولوجي للثورة الجزائرية؟ “، هدفت إلى التركيز على المناحي الأيديولوجية التي كانت وراء الثورة الجزائرية، والروح الناظمة لها والمسلك الذي تنتظم فيه تحولاتها ومنعطفاتها الكبرى، من منطوق أنه لا توجد ثورة بلا نسق ثوري وبلا أيديولوجية ثورية تمهد لها وترافقها في مسيرتها. وحاول الباحث الإجابة عن سؤال مركزي: ما نظرية الثورة الجزائرية؟ وهل للثورة الجزائرية أيديولوجية تستند إليها وفلسفة توجه بوصلتها؟ أما الباحث ياسر درويش جزائرلي، فأكد في ورقته “الثورة الجزائرية: نشأة نقد الاستشراق وميلاد صراع الحضارات”، أن سنوات الثورة الجزائرية شهدت نشأة فكر نقدي يحرر الشعوب المستعمرة من التصور الذي نسجه المستشرقون عن هذه الشعوب، والذي كان جزءًا من سياسة الاستعمار. وبما أن الاستشراق الحديث كان أيديولوجية الاستعمار، فمن المنطقي أن تخضع هذه الأيديولوجية للنقد والتفنيد في زمن انحسار الاستعمار.

 تأثيرات الثورة الجزائرية في مجالها العربي

وفي موضوع ذي صلة بالثورة الجزائرية في الفضاء العربي، جاءت أعمال الجلسة الثالثة ، حيث قدم بلال شلش ورقة بعنوان “إذا هبّت الشعوب انتصرت: تفاعل فدائيي فلسطين مع الثورة الجزائرية (1954-1967)”، حاول فيها استكشاف روح الثورة الجزائرية التي بثت في فدائيي فلسطين، على مستويين: أول فكري، متعلق بالفكر السياسي الذي تبنته هذه المنظمات؛ وثانٍ مادي متعلق بأثر الوجود الفلسطيني المبكر في الجزائر، في مسيرة المنظمات الفدائية الفلسطينية عمومًا، وخصوصًا حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وانعكاس هذا الوجود المادي على الفعل العسكري لهذه المنظمات لحظة انطلاقاتها الأولى (1965-1967)، وانطلاقتها الثانية بعد حرب جوان 1967.

وقدم صالح أبو الخير ورقة بعنوان “تفاعل النخب الليبية مع الثورة الجزائرية: دور عبد الحميد بك درنة في دعم الثورة”، ركز فيها على الأسباب التي أدت إلى اختيار الملك إدريس للزعيم عبد الحميد بك درنة لمهمة دعم الثورة الجزائرية، مبينًا الجهود الكبيرة التي بذلها هذا الأخير في دعم ثورة الجزائر، وعلاقته بزعماء الثوار الجزائريين. أما جمال برجي، فكانت ورقته بعنوان “تفاعل الثورة الجزائرية مع محيطها المغاربي (1954-1958)”، وقد تطرق فيها إلى القراءات المتعلقة بمواثيق الثورة الجزائرية، مسلطًا الضوء على هذه الثورة في إطار التعاون والتضامن المغاربي على الصعيدين السياسي والعسكري، من خلال “بيان أول نوفمبر 1954” ومؤتمر الصومام في 20 أوت 1956.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!