-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

 الجرم الأمريكي – الإيراني المشهود لا يتجزأ

 الجرم الأمريكي – الإيراني المشهود لا يتجزأ
ح.م

الجريمة الكبرى لا تتجزأ، شعب عراقي أعزل، مارس حقه منتفضا على حياة القهر والهيمنة الطائفية الدخيلة، يُقتل أمام أنظار العالم، في ظل صمت دولي- عربي مريب، تكتمل ببصمتهما أركانُ الجريمة.

ما كانت الجريمة التي تودي بحياة العشرات يوميا، وتشلّ المئات بإصابات قاتلة، في مدن العراق، وليدة اليوم، فهي تخطيطٌ استراتيجي ممنهج، يُنفذ منذ ثلاثة عقود، ورد في اتفاقيات سرية أبرمت بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، خلف أبواب مغلقة، لم يكشف عن سريتها، رغم إعلان العداء بينهما، لكنهما اتفقا على قاسم مشترك في إدارة الشأن العراقي منذ الاحتلال العسكري الأمريكي عام 2003.

دخلت الجريمة حيز التنفيذ، إذ ظهرت الميليشيات المسلحة التي رافقت تشكيلات النظام السياسي الجديد، وأعلن تنظيم “القاعدة” عن حضوره، بينما الجيش الأمريكي المحتل منتشرٌ في مدن العراق وشوارعه وأزقته كافة، كانت جثث العراقيين ملقاة فوق الأرصفة كمشهد طبيعي، لا يعرف أحدٌ: من يقتل من؟

تصاعدت وتائر الجرائم، في ظل حياة تزداد سوءا، تغذِّيها صراعاتٌ مذهبية مفتعلة، وصلت في إحدى مراحلها إلى حرب أهلية حصدت أرواح الآلاف من البشر وهجَّرت عشرات الآلاف من الباحثين عن مأوى آمن، اتضح بعدها المشهد الذي آل إلى نظام طائفي موال لإيران منحه الاحتلال الأمريكي شرعية الوجود، عاث في العراق فسادا وخرابا، وتوقفت كليا حركة التنمية، وحافظت الخدمات على رداءتها، وأطلقت يد الميليشيات التي هيمنت على الشارع وتحكمت بمصائر العراقيين.

وانفردت الأحزاب الطائفية وميليشياتُها المسلحة بالتحكّم بدواليب العراق، بعد مغادرة القوات الأمريكية العراق في 31 ديسمبر 2011، ما أدى إلى تعزيز النفوذ الإيراني عبر الرئاسات الثلاث: الرئاسية والحكومية والبرلمانية، فضلا عن سلطة المرجعية الدينية في مدينة النجف، التي سارعت عام 2014 إلى إصدار فتوى بتشكيل ما سمي بـ”الحشد الشعبي” بأمر من طهران، بحجّة محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، إلى جانب الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

إلا أن إقدام إيران على تعزيز قُدرات ميليشيا “الحشد الشعبي” جعلها منافسا لقدرات الجيش العراقي، ومحاصِرة لدوره الوطني، فارضة على السلطات الحكومية إبعاد كل قياداته التي كسبت تأييدا مؤثرا في الأوساط العسكرية والشعبية، وقد تكون عائقا يعيق تحرُّكاتها وفرض هيمنتها.

لجأت حكومة عادل عبد المهدي التي تمثل أحزابا موالية لإيران، إلى عزل الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد جهاز مكافحة الإرهاب، الذي قاد حربا ناجحة ضد “داعش” ورأى فيه الشعب العراقي رمزا للنصر والبطولات العسكرية، ورفع له نصبا في قلب مدينة الموصل، رفض القائد العام للقوات المسلحة رفعَ الغطاء عنه في احتفال شعبي رسمي، وشبَّهته أوساط شعبية بالرئيس الراحل صدام حسين في هيبته وشجاعته.

عزلُ الفريق الساعدي وقادة عسكريين آخرين أثار شرارة الانتفاضة الشعبية التي بدأت في محافظة البصرة، قبل أن تنتقل إلى بغداد ومحافظاتٍ جنوبية أخرى، عزلٌ رأى فيه المنتفضون امتثالا حكوميا لأوامر إيرانية، في بلدٍ لا يملك سيادته، ويُحرم فيه الشعب من أبسط حقوقه التي تضمن له حياة حرة كريمة.

أضحت انتفاضة الشعب العراقي، التي تخطَّت المطالبة بالخدمات والوظائف، إلى ما يمكن وصفه بـ”ثورة تحرُّرية” من الهيمنة الإيرانية، وإعادة بناء عراق حر مستقل، تغسل دماء شبابه، آثار الجرم الأمريكي- الإيراني المشهود، غير القابل للتجزئة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • كرمه

    هؤلاء لم يخرجوا من اجل حريه او مبادئ بل غاضهم انهم لم يستطيعوا ان ينهشوا مثل الميليشيات و المسؤولين لذلك خرجوا .
    هؤلاء هم من باع العراق لامريكا و ايران و دمروا العراق عندما صفقوا لاعدام صدام بل سموه هدام .
    شيعه العراق ارادوا الحكم و اليوم هو بيدهم فماذا يريدون بعدها احرار العراق و رجاله محصورين في المناطق السنيه الفلوجه الرمادي القائم صلاح الدين الحويجه الموصل كلها قاتلت بشجاعه و هزموا الامريكان و سيذكر التاريخ انهم رجال و لم يبيعوا العراق اما الشيعه فلا محل لهم بين الرجال و هل لاحفاد ابن العلقمي رجوله او غيره على بلد و حتى عرض ؟ و الدليل مكاتب عقد المتعه في النجف و كربلاء