الرأي

الجزائر تتحوّل لغويا

رشيد ولد بوسيافة
  • 1781
  • 15
ح.م

تشير المعلومات الواردة من وزارة التربية الوطنية أن العمل انطلق بالفعل للتحول نحو اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى، وأن هذه اللغة ستكون اختيارية بينها وبين اللغة الفرنسية في السنة الثالثة أو الرابعة ابتدائي، وستعمد الوزارة إلى تنظيم استفتاء يشارك فيه مديرو المدارس الابتدائية لإبداء آرائهم حول المشروع.
وبهذا يكون قطاع التربية الوطنية قد حسم في موضوع اللغة الانجليزية؛ خاصة أن الكثير من الأصوات أشارت إلى ضرورة البدء بالمراحل الأولى في التعليم في أي عملية تحول، لأنها الأساس الذي تبنى عليه الخطوات اللاحقة.
وعلى مستوى وزارة التعليم العالي؛ يبدو أن الوزير قد فصل في قضية تعزيز استعمال اللغة الانجليزية، بعد النتيجة الباهرة التي انتهى إليها الاستفتاء الذي نظمته الوزارة، والذي أشار إلى أن 94 بالمائة من المشاركين في الاستفتاء ساندوا تعزيز استخدام اللغة الإنجليزية في البحث العلمي.
وقد قوبل هذا التوجه الجديد في الوزارة بردود فعل رافضة أحيانا، ومشككة أحيانا أخرى، واتُّهم وزير التعليم العالي بالشعبوية حين أعلن عن الاستفتاء، وها هو يقوم بالخطوة الأولى التي لا يمكن بحال وصفها بالشعبوية، إذ بدأ إجراءات تكوين مجموعة تفكير مكونة من الكفاءات الموجودة في الجامعة الجزائرية وما أكثرها.
وفي الواقع، فإن هذا التوجه لا يحتاج إلى استفتاءات، ولا حتى إلا قرارات، وإنما هو ضرورة تفرضها معطيات الواقع التي تشير إلى سيطرة اللغة الانجليزية في ميادين العلوم والتكنولوجيا والسياحة والطب والإعلام وغيرها، وأن التحكم فيها يسمح باندماج الجزائر ويزيل العقبات المسجلة بسبب احتكار اللغة الفرنسية الإدارة منذ الاستقلال.
وقد استبق الجيل الجديد من الشباب هذا التوجه حين أتقن الانجليزية وأصبح قادرا على التواصل بها ولم يكن ذلك في المدرسة ولا في العائلة، وإنما بفضل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث ربطوا علاقات مع مختلف الجنسيات واكتسبوا مستوى مقبولا في اللغة الانجليزية، بسبب استخدامها يوميا في التواصل.
وعموما فإن هذا التحول يجب أن يبتعد عن الخلفيات الإيديولوجية، وينحصر هدفه في تحقيق التطور العلمي والاقتصادي والاندماج في المحيط الدولي، وتبقى اللغة الفرنسية لغة أجنبية كذلك لها كغيرها من اللغات اللاتينية كالإسبانية والإيطالية والألمانية، لكن أن تكون بديلا للغة العربية في الإدارات والاجتماعات الرسمية، والخطابات فهذا الذي ينبغي أن يتوقف، لأنه استعمار لغوي عانينا منه منذ الاستقلال.

مقالات ذات صلة