-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أكاديميون ومحللون يقرأون تودد سانشيز:

الجزائر تنتظر حكومة جديدة في مدريد تصحح الخطيئة

الجزائر تنتظر حكومة جديدة في مدريد تصحح الخطيئة
أرشيف

يؤكد أكاديميون ومحللون أن التودد الذي أظهره رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز تجاه الجزائر وإعلانه عن رغبته في زيارتها بعد القطيعة الدبلوماسية بين البلدين على خلفية تصريحاته الداعمة للاحتلال المغربي هي “محاولة منه لفك الخناق الذي يلتف حوله”، وبتوقعاتهم أن “الجزائر ستتجاهل سانتشيز نهائيا، وتنتظر حكومة جديدة أولى أولوياتها تصحيح خطيئة سلفها”.
يصنف المحلل السياسي كمال ديب “تودد” سانشيز للجزائر، بأنه محاولة منه لفك الضغط الداخلي الذي يعانيه الاقتصاد الاسباني، والأزمة السياسية التي يعيشها بعد دعمه للاحتلال المغربي، ويرجح إمكانية دخول العائلة المالكة على الخط عبر التودد للجزائر من أجل إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
ويؤكد ديب أن الاقتصاد الاسباني من بين الأضعف في أوروبا، حيث يعيش وضعا “صعبا للغاية” نتيجة لشح إمدادات الغاز، زيادة على عدم وجود مساعدة أوروبية له، كما أن بروكسل –مقر الاتحاد الأوروبي- لم تبد تضامنا مع مدريد في أزمتها مع الجزائر بعد تصريحات سانتشيز من القضية الصحراوية.

ديب: حكومة سانشيز في وضع حرج للغاية
ويقول المتحدث لـ”الشروق” إن حكومة سانشيز في وضع حرج للغاية، ومن الصعب تأمين شتاء دافئ لمواطنيها، فأمريكا غير قادرة على توفير الغاز للقارة الأوروبية كلها، وجلب الغاز من قطر مكلف، ولهذا فلا ملجأ إلا شمال إفريقيا وتحديدا الجزائر.
ويتحدث ديب عن مأزق وقع فيه سانشيز الذي يعتبره مصابا بـ”الغباء السياسي”، متسائلا: “هل سيقر بالفشل تجاه الجزائر؟ وهنا سيكون مخيرا بين الاستقالة أو الإقالة، أو الدخول في مفاوضات اللحظات الأخيرة؟ وإعادة النظر في موقفه وتفسير ما قاله بغرض البحث عن إمدادات الطاقة”.
ويعتقد المتحدث أن “سانشيز ذهب ضحية لقراءات خاطئة تجاه ردة الفعل الجزائرية، ولم يتوقع أن تلعب الورقة الاقتصادية، وهو الآن يرى ايطاليا تصبح شريكا استراتيجيا في مجال الطاقة مع الجزائر، وفرنسا ستستفيد من إمدادات إضافية من الغاز رغم أن ماكرون نفى تناول هذا الملف في زيارته الأخيرة للجزائر”.
وفي قراءته لردة الفعل الجزائرية بعد الإشارات التي أطلقها سانشيز، يقول ديب “أرجح إمكانية دخول العائلة المالكة رغم أنها لا تنخرط في الشأن العام، لكنها في الأزمات الكبرى تحاول إيجاد الحلول، وهنا وجب على الجزائر استغلال الظرف لتحقيق عدة مكتسبات”.

بوقاعدة: لا مؤشرات على تطبيع العلاقات حاليا
ومن جهته، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر توفيق بوقاعدة، أن بعد الانحياز الاسباني للطرح المغربي بحكم ذاتي في الصحراء الغربية، قد “عقد من طبيعة العلاقة وجعل إمكانية تطبيعها مكلفة، سواء من جانب مدريد أو بالنسبة للجزائر”.
ويقول بوقاعدة “لا أرى في هذه الظرفية الزمنية أن هناك مؤشرات جدية أو جديدة تجعل من إمكانية تطبيع العلاقات الثنائية ممكنا، نعم سانشيز عبر عن رغبته في زيارة الجزائر بأقل تكلفة وتجاوز الأزمة المتعددة الجوانب بين الطرفين”، وتابع “في تقديري العودة قريبا غير ممكنة حتى ولو كان هناك رغبة اسبانية في ذلك، والكرة في ملعب الجزائر”.
وذكّر بوقاعدة في تصريح لـ”الشروق” بالشروط التي وضعتها الجزائر لعودة العلاقات إلى سابق عهدها، بينما الطرف الاسباني أكد على موقفه في عديد المناسبات عبر رئيس الوزراء بعد الأزمة، وكذلك ليس سهلا على الجزائر أن تقبل بهكذا علاقات، خاصة بعد أن رفعت سقف شروطها من أجل العودة إلى علاقات طبيعية، وهو تصحيح الخطأ الذي ارتكبته حكومة سانشيز.

بوهيدل: الجزائر لن ترحب بزيارة أي مسؤول قبل تصويب الموقف
أما أستاذ العلوم السياسية، رضوان بوهيدل، فيؤكد أن التودد الذي عبر عنه سانشيز هو “تحرك شخصي وليس إسبانيّ، على اعتبار أن أطيافا واسعة من الطبقة السياسية وحتى داخل الحكومة رفضت الموقف الذي أبان عنه بدعمه الاحتلال المغربي للصحراء”.
ويقول بوهيدل في تصريحات لـ”الشروق”، إن سانشيز “ليس مخيرا الآن ولكنه مجبر، خاصة وأنه راهن على الحصان الخطأ، فأوروبا لم تبد تضامنا ودعما لموقفه تجاه القضية الصحراوية، وعلى الجانب الآخر تم استغلال الأزمة من دول أخرى، ففرنسا عادت وأخذت مكانة متقدمة في العلاقة مع الجزائر، من دون إغفال إيطاليا التي أصبحت بوابة أوروبا من الغاز الجزائري، ولهذا فهو الخاسر، والتخوف الآن من عودة إسبانيا إلى استعمال الفحم”.
ويتحدث بوهيدل عن صعوبات تواجه سانشيز لتصحيح موقفه، ففي حالة تراجعه سيكون تحت الضغط المغربي الذي يرجح – حسب المتحدث – امتلاكه أوراق ابتزاز يستعملها ضد رئيس الحكومة الاسبانية، فيما أبدت الجزائر تجاهلا لتصريحاته وهو حسب محدثنا “نوع من الانتصار”، ليؤكد أن “الجزائر لن ترحب بزيارة أي مسؤول ما لم يتم التراجع والتخلي نهائيا عن ذلك الموقف”.

بشير لحسن: الجزائر حسمت موقفها وتتطلع إلى ما بعد سانشيز
وبدوره، يقول الباحث في جامعة اشبيليا الاسبانية، محمد بشير لحسن، إن تودد سانتشيز “يأتي بسبب ضغط متنام وتيقنه أن سوء العلاقات مع الجزائر لا يؤثر على الاقتصاد الاسباني فقط الذي بلغ 3 ملايير دولار، وتضرر مناطق محددة كبلنسيا”.
ويؤكد بشير لحسن الذي يدير الموقع الإخباري “إسبانيا بالعربي”، أن سانشيز الذي يعاني من ضغط رهيب تزامن وسنة انتخابية قد تعصف به ويجد نفسه خارج المشهد، ويتابع المتحدث “هنالك تأكيد إسباني أن سوء العلاقات مع الجزائر هو أسوأ قرار في السياسة الخارجية، كما أن موضوع الغاز يشكل ملفا مهما، وهو شعر بخيبة كبيرة من الشركاء الأوروبيين الذين اعتقد أنهم سيقومون بحصار ضد الجزائر، لكن الذي حصل أن الجميع استغل الأزمة للتقرب من الجزائر”.
وعن توقعاته لردة فعل الجزائر من التودد الذي أبانه سانشيز، يقول المتحدث “الجزائر حسمت موقفها من حكومة سانتشيز، وهي تنتظر الحكومة المقبلة لتصحيح الموقف الاسباني وتركة سانتشيز الذي سمم العلاقة مع شريك هام بها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!