-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر وبريتوريا والكيان.. جولة ثانية

الجزائر وبريتوريا والكيان.. جولة ثانية

قرّرت الجزائر استكمال المَهمّة التي بدأتها جنوب إفريقيا ضد الكيان الصهيوني بمحكمة العدل الدولية، بنقل هذه المعركة القانونية إلى مجلس الأمن، وهي جولة ثانية من تحرُّكات يقودها البَلدان لمطاردة الاحتلال الإسرائيلي على مستوى المؤسسات الدولية والإقليمية، بعد الصفعة التي تلقاها في أروقة الاتحاد الإفريقي قبل سنة من الآن، بطرد دبلوماسييه من قمة أديس أبابا.

ورغم ما يعيبه قانونيون ومراقبون على مضمون قرار محكمة العدل الدولية بشأن شكوى جنوب إفريقيا بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، لكن يكاد يكون هناك إجماع على أن قبول النظر في القضية والإقرار بوجود انتهاكات يعدّ انتصارا دبلوماسيا لبريتوريا، وحتى للفلسطينيين، بتعرية هذا الكيان أمام العالم وبداية نهاية مسلسل إفلاته من العقاب ومحاولة تقديم نفسه في ثوب الضحية للرأي العام الدولي.

وعنون باتريك وينتور، المحرر الدبلوماسي لصحيفة “غارديان” البريطانية، مقالا له بشأن القضية بتأكيد أن قرار المحكمة “مدمِّر لإسرائيل”، وأنه “بالنسبة إلى دول الجنوب، وجنوب إفريقيا بشكل خاص، يُعَد هذا نصرا كبيرا، وهي لحظة سوف تظل خالدة في الأذهان لعقود قادمة، لقد تم سرد محنة الشعب الفلسطيني في غزة في جلسة علنية وتم تصديقها”.

ويعود هذا الكاتب إلى الخطوات المتوقعة بعد قرار المحكمة بالقول: “إذا سعت دولة مثل الجزائر، كما يبدو مرجَّحا (المقال كُتب قبل ترسيم طلب الجزائر بعقد اجتماع لمجلس الأمن)، إلى فرض أمر محكمة العدل الدولية من خلال قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فسوف تواجه الولايات المتحدة معضلة، يمكنها استخدام “الفيتو” والإشارة إلى أن الدول الأخرى، وأبرزها روسيا، لم تمتثل للحكم الأخير الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن أوكرانيا، لكنها بذلك ستقدِّم لموسكو، أستاذة الحرب اللغوية، هدية مغلّفة”، في إشارة منه إلى أن الغرب سيسقط في شر معايير الكيل بمكيالين التي ظل يعتمدها.

وكما توقع هذا الكاتب ويتوقع كثيرون عبر العالم، فإن “الفيتو” الأمريكي قد يكون العائق الأكبر أمام الخروج بصيغة إلزامية لقرار محكمة العدل الدولية، أو في أحسن الأحوال محاولة إدراج بنود في مشروع قرار مجلس الأمن لإدانة المقاومة الفلسطينية في ملفّي الأسرى والحق في مقاومة الاحتلال كشرط لدعم هذا المسار.

واللافت في توقيت هذه المعركة القانونية على مستوى محكمة العدل ومجلس الأمن الدوليين، أنها تزامنت مع الذكرى الأولى لمعركة دبلوماسية مشابهة قادتها الجزائر وجنوب إفريقيا في فيفري 2023 داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، لمنع تسلل ممثلين عن الكيان إلى قمة المنظمة.

وكما تابع العالم، فإن وفدي البلدين نجحا في فرض طرد دبلوماسيين يمثلون سلطات الاحتلال من قاعة المؤتمرات بأديس أبابا، ووُصفت الحادثة آنذاك بأنها “صفعة” لتل أبيب، وكانت بمثابة الشجرة التي تغطي غابة تحركات حثيثة تواصلت لسنوات، من قبل قادة الكيان، للحصول على صفة عضو مراقب بالاتحاد الإفريقي بدعم من دول في القارة، لكن هذه المساعي اصطدمت بأخرى لمجموعة دول معارضة للخطوة بقيادة الجزائر وجنوب إفريقيا.

ومن الصدف أيضا، أنَّ تحرُّك جنوب إفريقيا ضد جرائم الكيان أمام محكمة العدل الدولية، تزامن مع بداية عضوية الجزائر غير الدائمة بمجلس الأمن، وكان أهم رهان بعد قرار محكمة العدل يتعلق بوجود دولة أخرى تنقل المعركة إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار ملزم ضد الاحتلال، وهي خطوة قد يعرقلها حلفاء إسرائيل كما جرت العادة، لكنها ضرورية في سياق معركة سياسية وإعلامية لفضح هذه الدولة المارقة ومن يوفرون لها الحماية أمام الرأي العام العالمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!