-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجنوب يغزو الشمال!

عمار يزلي
  • 2352
  • 0
الجنوب يغزو الشمال!

حمى اللجوء نحو أوروبا في عز حمى الصيف والحروب والقمع وانسداد الأمل في بلدان “الخريف العربي”، تجعلنا نقول، وخاصة بعد استفحال الوضع في سوريا، أن الغرب الذي أنتج هذه المعادلة: شمال غرب، من خلال سياسة الاستعمار ونهب الثروات والبشر، تحت مظلة التشدق بالحريات وحقوق الإنسان والعدالة والأخوة والمساواة، يجني اليوم ثمار ما غرسه من “أزهار الشر”، طيلة أكثر من قرنين من الزمن.

اليوم، الكل من في الجنوب، يزحف نحو الشمال، تاركين وراءهم الأسى والحزن والنهب والفساد والحرب والخراب، والتصحر، مفضلين أن “يأكلهم الحوت على أن يأكلهم الدود”! حتى رمل الجنوب وحرارته، تهاجر وتلجأ نحو أوربا الباردة سابقا، لتلقحها “بحريرات” حرارة السعير الذي نعيش فيه نحن أهل الجنوب المحتل سابقا من طرف دول الشمال! هذه الرمال، تهاجر وتطلب اللجوء ـ ليس عن طيب خاطر، بل بشكل قهري! إنه الغزو المعكوس! إنها فعلا بداية رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” للروائي السوداني الراحل الطيب صالح! لقد قال لي مرة هذا الروائي الكبير فيما معناه، أن “السودان سيغزو اليونان”: اليونان رمز الحضارة والفلسفة والتاريخ! وها هي أوربا، التي خرجت من رحم الحضارة الإغريقية الرومانية اللاتينية، تستقبل آلالف “البيض” والسود من القارة السوداء! وها هو رمل الصحراء الجزائري يصل إلى الضفاف الجنوبية لفرنسا واسبانيا وإيطاليا واليونان! فلقد شاهدت بأم أعيني لأكثر من مرة في جنوب فرنسا، وصول بقايا العواصف الرملية إلى مرسيليا وإلى باقي المدن الجنوبية في فرنسا بالأخص! رمال تنزل على السيارات المركونة ليلا، لتجدها صباحا مكسوة برمال “أدرار” وتمنغست وتندوف وبسكرة والواد وورڤلة وغرداية! ليس هذا فحسب: رمال الجزائر في آليكانت وفي روما ونيقوسيا! أليس هذا دليل على عودة الكرة نحو غزو طبيعي للغازي غير الطبيعي؟

نمت على هذا التساؤل، لأجد نفسي في نهاية القرن الثاني والعشرين وقد وجدت نفسي “ذي القرنين” أتجول في العاصمة باريس على جمل والخيام من كل جهة وأمرؤ القيس يقرأ قصيدة لـ”بودلير” من مجموعته “أزهار الشر”. لم أعرف كيف أناديه: امرؤ القيس (نتاع هذا القيس) أم “بودلير نتاع ذلك الوقت”. قلت له: يا “أبا دلير القيس”، أين أنا، في باريس أم في أريس؟ قال لي: أنت في قلب عاصمة الفرنسيس! قلت له: وأين هو برج “إيفل” المهندس؟ وأين نهر السين الأنيس؟ قال لي: لم يبق إلا هذا الجو التعيس!! لقد تسببنا في خراب الجنوب البائس وهذا الجنوب يعود ليذيقنا الخراب اليائس! أهل الجنوب هنا يستمتعون ولم يعد يوجد منا إلا الرئيس! لقد انقرض الغرب وغزا الجنوب جمعة الشمال ليلة الخميس!

وأفيق على خبر: جاءتك الفيزا، فحضر “الفاليزا”! 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • abdellah

    est ce est la verite , tout change et emiphere ,sauf allah le eternel le premier et le dernier qui ne change pas