-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجولان الذي رأيت

بشير مصيطفى
  • 2027
  • 0
الجولان الذي رأيت

انعقد بالعاصمة السورية دمشق بداية هذا الأسبوع الملتقى الدولي الثاني حول أرض الجولان المحتلة بمشاركة عربية ودولية واسعة من فعاليات وأحزاب وشخصيات ومنظمات انسانية.

  • وتضمن برنامج الملتقى زيارة الى مدينة القنيطرة حيث تبدو الآثار شاهدة على سلوك المحتل الاسرائيلي في هدم علامات الحياة وتفكيك أسر بكاملها واحتلال جزء من المقدرات الاقتصادية لدولة تسيير نحو الاكتفاء الذاتي في الغذاء واللباس والدواء اسمها “سوريا”. فماذا يعني الجولان المحتل من منظور التنمية في الوطن العربي؟ وماذا تحمل قضية الجولان من أبعاد في العمقين الاقليمي والاسلامي.
  • الجولان اقتصادا
  • احتلت اسرائيل كامل الجولان العام 1967 ووضعت بذلك يدها على خزان مائي لا يقدر بثمن وعلى أراض زراعية بلغت من الخصوبة ما جعلها مصدرا للفواكه والحمضيات كلها. وتشبه أرض الجولان أرض فلسطين المعروفة بحمضياتها المميزة وأزهارها التي تصدر يوميا إلى سويسرا وهي تتربع على 1060 كم مربع تم تحرير الثلث منها في حرب 1973 بعد أن خرب العدو مؤسساته الصحية وحول بناءاته الى أطلال وزرع أراضيه ألغاما. وسكان الجولان نصف مليون نسمة، منهم 30 ألف في الجولان المحرر و80 ألف نازحون والباقي في الجزء المحتل. وبين ضفتي الجولان المحتل والمحرر أرض ملؤها الألغام، وتعمل اسرائيل على الفصل بين الجانبين حتى صار عدد مهم من عائلات المنطقة مشتت بين الضفتين. وكان انعقاد الملتقى مناسبة للاطلاع على أوضاع تلك العائلات في مشاهد تدمع لها العيون.
  • وتضمن أرض الجولان المحتل أمن اسرائيل المائي بنسبة 40 بالمائة في وقت تشكل فيه المياه مشكلة اقليمية لسوريا وربما تعيق في المستقبل اتفاق التعاون السوري التركي المعلن عنه أول أمس، ويستغل المحتل تربة الجولان الخصبة لغرض الزراعة مثلما فعل المعمر الفرنسي في أرض الجزائر كما يسخر السكان كخط أمامي تجاه الأراضي الفلسطينية المحررة. وبسبب العامل الأمني ظلت مساحات واسعة من الجولان المحرر والمتاخم للأرض المحتلة مهملا وتشهد الأشجار المثمرة على جنبات الطريق على مقدرات اقتصادية مهمة يصعب توظيفها على الرغم من سياسة الحكومة السورية في دعم اعمار المنطقة من خلال التنازل عن الأراضي للاستصلاح والمساهمة في بناء المنازل. ويعني تحرير باقي الجولان المحتل ضمانا لاستقرار الأهالي وعودة النازحين كما يعني دعم التنمية في سوريا التي حققت هذا العام فائضا في منتوج الحبوب قدره 2 مليون طن.
  •  
  • لا خيار غير المقاومة
  • تكلم محام أمريكي خطيبا في المهرجان الشعبي الذي نظمته محافظة القنيطرة وقال بأن اسرائيل احتلت الأرض وخربتها لكنها لم تحتل ضمائر الأهالي ودعا إلى المقاومة كخيار استراتيجي وأكد دوره في الدفاع عن قضية الجولان دفاعا قانونيا. كما حضر الناشط الحقوقي والنائب البريطاني غالاوي فعاليات الملتقى ورافع من أجل الحق في استرداد الأرض المغتصبة وأعلن عن قافلة أخرى للمساعدات ستتجه إلى غزة قريبا تتشكل من 500 شاحنة. وهكذا، يهتم جزء من المجتمع الدولي بقضايانا من زاوية المبادرات العملية بينما تطغى الخطابات على جل المبادرات العربية وبقيت قضية الجولان حبيسة حدود الشرق الأوسط وحده ولم تنل حظها من اهتمامات الدول العربية كلها ولا من بلدان العالم الاسلامي. وكما اختصرت قضية فلسطين في موضوع غزة والجولان وأهمل موضوع المستوطنات واستنزاف المياه والاحتلال الاقتصادي واستغلال الضفة الغربية في ردم النفايات السامة، ها هي قضية الجولان المحتل تختصر في النظام الرسمي العربي في وقف اطلاق النار دون البحث في سبل تحرير الأرض بالكامل. ولولا بقية من روح المقاومة والممانعة لدى الأهالي لزالت القضية تحت تأثير النسيان. وبالفعل، حضرنا مهرجانا شعبيا كبيرا عند خط التماس بين ضفتي الجولان خاطب فيه الأهالي بعضهم بعضا عبر مكبرات الصوت حيث طغت شعارات المقاومة على كل الهتافات وبدا الجميع متفقا على أن العدو لا يفهم لغة الحوار ولا التفاوض.
  • ولكن ذلك لا يكفي وحده ما لم تدرج قضية الجولان ضمن خطة التحرير الشاملة للأراضي المحتلة وما لم تخرج من دائرتها القطرية الضيقة إلى عمقها الطبيعي أي العربي والاسلامي، وما لم يفهم الجميع بأن المقاومة ممارسة على الأرض وليست خطبا على الورق.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!