-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحاج مريزق.. صوت الحوزي الذي سكت مبكرا

فاروق كداش
  • 769
  • 0
الحاج مريزق.. صوت الحوزي الذي سكت مبكرا

الحاج مريزق، من الأسماء الفنية الخالدة، التي رسخت في الذاكرة الشعبية، بفضل أسلوبه المتميز في العزف، وإجادته طبوعا مختلفة.. كان الحاج مريزق يملك صوتا منفردا، وإحساسا مرهفا بالكلمات.. عشق المندول والمولودية. الشروق العربي، تروي سيرة بلبل من بلابل الحوزي، في زمن الإبداع والموهبة.

اسمه الحقيقي، أرزقي شايب.. وهو من مواليد 18 نوفمبر 1912، في المنزل رقم 4، بحي ثيب بالقصبة العتيقة بالعاصمة، ترعرع منذ الصغر على حب الموسيقى. وقد تمكن، بعبقريته الموسيقية، أن يصنع لنفسه أسلوبا خاصا، ميزه على فنانين آخرين.

زاول الطفل أرزقي الدراسة في المدرسة الأهلية، في سوسطارة، المعروفة باسم مدرسة ساروي، حيث تحصل على شهادة التعليم الابتدائي (المخصصة للأهالي)، عام 1927.. علمه أخوه لأمه، محمد خيوج، ألحانا كان يؤديها مع أصدقائه. والتحق بعدها، بهذه الأركسترا العائلية، عازفا على آلة الطار.

وجهه الشيخ سيد أحمد بن زكري، مدير ثانوية بن عكنون، نحو الحوزي ولعروبي.. وهما نوعان بسيطان يليقان به.

يعد الحاج مريزق من أبرع الموسيقيين والعازفين من بين أبناء جيله، إذ كان يجيد العزف على أكثر من آلة موسيقية، مثل البيانو والدربوكة والكمان.. ولكنه، كان يعشق آلة المندول، عشقا خاصا جدا، بالإضافة إلى صوته الاستثنائي في أداء طابع الحوزي والأندلسي.

لعب أخوه غير الشقيق، محمد كهواجي، الملقب بمحمد أرومي، الذي كان يعمل منظم حفلات، دورا محوريا في حياة عندليب الحوزي، وصار في ما بعد مدير أعماله. مريزق، هو أيضا، الأخ غير الشقيق للفنان الراحل، أحمد عياد، المشهور باسم رويشد.

في عام 1928، انضم مريزق إلى جمعية الفن الأندلسي، التي ساعدته في كشف موهبته، إلى جانب فنان آخر، هو أحمد سبتي، الشهير في مجال الفن بالشيخ أحمد شيطان. وهناك، التقى بكل من مصطفى كشكول، ومحمد هيبي، وبن شريف، الذين صنعوا بموسيقاهم وكلماتهم شهرة الحاج مريزق.

ابتداء من 1929، صار الشيخ مزيزق يحيي جميع حفلات وأمسيات القصبة.. ومن القصبة، ذاع صيته، وصار حديث الناس في البليدة وشرشال.. وهما مدينتان يتذوق أهلهما الحوزي والأندلسي، وغيرهما من الطبوع العريقة. وشاع فنه في الميزاب، حيث كان يحيي العديد من الحفلات.

في 1937، سافر الشيخ مريزق لأداء مناسك الحج، ليطلق عليه بعدها لقب الحاج مريزق، بعد الحاج محمد العنقى والحاج منور. وكان لهذه الرحلة الروحية أثر كبير عليه، فبدأ يقدم في حفلاته المديح الديني، ابتداء من سنة 1940.

ورغم انشغاله بالفن، وجد الحاج مريزق من الوقت ما يكفي ليساعد نادي مولودية الجزائر، وقد كان نائب رئيسها، في سنة 1937، وأشرف بعد ذلك، على فرع السباحة.

في سنة 1951، قدم عرضا بقاعة ابن خلدون، (بيار بورد سابقا)، مع ليلى بونيش، حيث أدى “الفراجية” لسيدي قدور العلمي و”روحي تحاسبك يا عذرا” لبن دباح. شارك في 1952 في حفل كبير، نظم لفائدة عائلة الشيخ خليفة بلقاسم، المتوفى في 4 نوفمبر 1951. سجل في نفس السنة أغنية في شركة “باسفيك”، لقيت نجاحا جماهيريا كبيرا، هي “المولودية”.. وهي من كلمات الشيخ نور الدين، و”يا راسي نوصيك” للشاعر إدريس العلمي، و”قهوة ولاتاي” للشاعر سيد ثامي المدغري.

غادر الحاج مريزق في نهاية الحرب العالمية الثانية، الدار العائلية القديمة بالقصبة، ليسكن حيا راقيا في شارع بيتولي، في سانت أوجين بولوغين حاليا.

كانت مواهبه الفنية لا تعد ولا تحصى، ولم يكتف بالعزف والغناء، بل تدرب على المهنة الشاقة، المتمثلة في كتابة الشعر، غير أن المرض لم يسعفه. ورغم لزومه سرير المرض، فقد كان يسأل عن أخبار الثورة، التي اندلعت في أول نوفمبر.

توفي عميد الأغنية العروبية في ليلة 12 فيفري 1955 بالجزائر، بعد مرض طال أمده، ودفن في مقبرة القطار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!