-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحج VIP!

عمار يزلي
  • 2859
  • 0
الحج VIP!

العمل الذي تقوم به المملكة العربية في مجال توسعة الحرم، عمل ضخم ومشكور، لأنه سيفسح المجال أمام التزايد على أداء فريضة الحج وأيضا العمرة التي، صارت تضاهي عددا عدد الحجيج. هذه التوسعات الكبرى، رغم ما لها، لها ما عليها، كما يقول كثير ممن يرون في الحج وفي العمرة، مناسك مقدسة تربطنا بالفضاء الأصلي التي ولد فيه الوحي وفيه نشأ ومنه انتقلت الرسالة المحمدية لكل أرجاء المعمورة، بل إنها سنة سيدنا إبراهيم الخليل الذي وضع أسس الحج. هذا الفضاء وهذه التربة المباركة، تفقد الآن شيئا فشيئا رائحتها المعتقة بدماء شهداء الرسالة والتوحيد مع “التحديث” و”العصرنة” التي حولت التربة والأرض إلى رخام مستورد ومبان شاهقة وفنادق خمس نجوم وتحول معها الحج إلى “سياحة دينية” وترك الحديث الشريف “اخشوشنوا، فإن الحضارة لا تدوم”. دخلت الهواتف الذكية وآلات التصوير وتقنية “السيلفي” واختفى التراب الذي سار عليه سيد المرسلين إلا قليلا مما يحصنون.

آخر ما تحدث عنه الإعلام، وضع قطار للطواف بين الصفا والمروة لكبار السن! هذا الأمر، بقدر ما أثارني، أثار في حفيظة أخرى: هل نحن على عتبة غزو التكنولوجيا حتى في المناسك والعبادات؟

نمت على هذا التساؤل البريء، لأجد نفسي في سنة 2050   وقد تكلفت بعصرنة الحج! لقد تكلفت عدة مكاتب دراسات أمريكية ويابانية من أجل السهر على راحة الحجاج الذين صاروا يتدفقون بالملايين. نفس المؤسسات التي بنت “ديزني لاند”! صار الحاج لا يجد عناء في الحج (مع أن العناء جزء من الحج!). كل شيء صار يقوم به الحاج من مناسك يتم من داخل مقصورة سينمائية 7D!: الطواف حول الكعبة، صار يتم بطائرات مثل طارئات “المانيج” إنما أسرع وأفخم!! يركب فيها الحاج أو المعتمر لتطير به وتطوف به 7 أشواط، ثم تحط به الطائرة عند مطار..أو..”مقام” إبراهيم الذي نقل إلى مكان أبعد. من هناك تنقله قطارات كهربائية آلية لتطوف به بين الصفا والمروة. بينما تتكلف آلة أوتوماتيكية بتحليق أو تقصير الشعر في نهاية الطواف. بالنسبة للحج: الرمي صار يتم من خلال جهاز كمبيوتر! هو من يتولى الرجم بطريقة رقمية افتراضية. أنت ما عليك كحاج من حاجة سوى أن تضغط على زر من مقعدك في الفندق ويكون الكمبيوتر هو الراجم لك! الوقوف بعرفة ومزدلفة ومنى! التليفيرك ينقلك حيث تشاء! الوقوف بعرفة صار “وقوفا تحته” بعد أن حفرت خنادق كجحور الفأر وفتحت صالات تحت الأرض تحت عرفة في الظل، يستمتع الحجاج بكل “الكونفور” وهم يستمعون إلى خطبة عرفة من خلال شاشات عملاقة تحت الأرض وفوقها. أما الذبح، فصار لعبة إلكترونية.. وفقط!

وأفيق وأنا أدعو الله أن أحج قبل هذا العصر!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • yazid

    premierement je suis vraiment disolé si j ecrit en francais
    merci et mille merci cher amar toujours je lis vos articles et toujours j ai le grand plaisir
    vraiment vous etes un ecrivain progressiste qui voie les choses de loin
    je tire chapeau pour mon ecrivain preferer siii amar

  • بن دحان

    وأزيدك من الشعر بيتاً، فقد رأينا-من خلال اليوتيوب-رجلا يطوف بـ"السكوتير"..!.تخيَّل !!
    كثير من العلماء لا يجيزون حتى زخرفة المساجد،فالإكثار من مظاهر البذخ والترف لا تخدم جوهر الدين الذي أسُّه التواضع، والبساطة والترفع عن الدنيا..إن بيوت الله هي المكان الوحيد الذي يتساوى فيه المقتر والغني، الأمير والفقير، وإذا كان هذا شأن دور العبادة العادية، فكيف ببيت الله الحرام..
    ثم إن هدم بيوتات المسلمين، وبعض الآثار النبوية في مكة، وبناء الساعة العملاقة!! من شأنه أن يذهب بعبق النبوة، وعطر السيرة العطرة ..

  • محمد

    يا أستاذي عمار السلام عليكم وشكرا على ما تتفضل به علينا فقط أردت أن أنبه أستاذي إلى أن الحديث الذي اشتهر على الألسنة "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم " هو حديث ضعيف ولك أن ترجع إلى كتب الحديث للتحقيق ، تحياتي

  • فتح الله

    حقا لقد راودني شئ من الاستغراب وانا أودي مناسك العمرة ، فالعصرنة المفرطة امست تهدد روح المناسك و مغزاها. فالسعي مثلا ليس إلا تنقلا فوق الزليج لا تدرك معه إن كنت على الصفا أو المروى. إن التحديث أمر مطلوب لكن دون إفراط أو تفريط.