الجزائر
هل جسرت الهوة بين السلطة والمعارضة؟

الحزمة الثانية من الإصلاحات السياسية تدرك نهايتها

محمد مسلم
  • 1175
  • 3
أرشيف

تدرك حزمة الإصلاحات السياسية الثانية، التي طرحها الرئيس بوتفليقة في دستور 2016، آخر مشاريعها القانونية، ممثلة في “مشروع القانون العضوي المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية”، الذي سيشرع نواب الشعب في مناقشته نهاية الأسبوع الجاري.
ويعتبر هذا المشروع بمثابة النص التطبيقي الذي يوّسع جهات الإخطار للرقابة على دستورية القوانين، إلى ست بعد ما كانت محصورة في ثلاث جهات فقط قبل التعديل الدستوري الأخير، وهي رئاسة الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني.
محور هذا المشروع القانوني يدور حول المادة 188 من الدستور المعدل في 2016، التي حتمت استصدار قانون عضوي، أضاف ثلاث جهات أخرى إضافة إلى الثلاث السابقة، ويتعلق الأمر بكل من الوزير الأول، وخمسين نائبا من المجلس الشعبي الوطني وثلاثين عضوا من مجلس الأمة، فضلا عن المواطن العادي، الذي بات بإمكانه ممارسة حقه على هذا الصعيد، إذا ما استشعر تعرض حقوقه المكفولة دستوريا للانتهاك.
وتنص المادة 188 من دستور 2016 على أنه: “يمكن إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية، بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور”.
أما الهدف من المشروع فهو تكريس مسار “دمقرطة” الحياة العامة وفق التزامات رئاسة الجمهورية، من خلال تعزيز الرقابة الدستورية على القوانين، حيث يتم إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن النص التشريعي قيد الطعن ينتهك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور.
المشروع قيد الدراسة يستهدف أيضا، تفعيل دور المجلس الدستوري، الذي بات عمله يطبعه الكثير من الجمود بسبب محدودية مجالات تدخله في الرقابة على دستورية القوانين، إذ بات من غير المعقول أن يطعن من يسن القوانين فيما هو محسوب عليه، ولذلك تم توسيع جهات الإخطار إلى أطراف أخرى لم تشارك في صياغة القوانين، حيث بات ممكنا أمام المتقاضين الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم المضمونة دستوريا من خلال الولوج غير المباشر للقضاء الدستوري مما يشكل نقلة نوعية لتحقيق العدالة ورقابة بعدية على القوانين”، حسب ما جاء على لسان وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح.
هذا المشروع تأخر إلى نحو أقل من سنة على نهاية العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، وقد سبق قرار العودة إلى العمل بنظام العهدتين في انتخابات الرئاسة، واستحداث هيئة مستقلة عليا لمراقبة الانتخابات، لكنها لم تساهم في القضاء على التشكيك في نزاهة الانتخابات، من قبل المعارضة.
وكانت الحزمة الأولى من الإصلاحات السياسية أطلقت في أعقاب ما عرف بـ”أحداث الزيت والسكر” في جانفي 2011، وقد دخلت حيز التنفيذ في العام الموالي، ويتعلق الأمر بالقانون العضوي 12 / 01 المتعلق بالانتخابات، والذي كان محل انتقادات واسعة من قبل الطبقة السياسية، ما اضطر الحكومة لمراجعته في العام 2016، وكذا القانون العضوي للإعلام 12/ 05، وقانون الأحزاب والجمعيات.. وهي القوانين التي “أفرغت من محتواها” على مستوى البرلمان، مثل ما قالت المعارضة على لسان رموزها.

مقالات ذات صلة