الحكومة مجبرة على تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الرئيس
بإعلانه لسلسلة من إجراءات التهدئة الإضافية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي يكون الرئيس بوتفليقة، قد شرع في استعادة المبادرة من الحكومات المتعاقبة التي أظهرت محدوديتها في إنجاح رزمة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي حاول تطبيقها على مدار العشرية الأولى من القرن الجاري، والأخطر أن بعض الإجراءات التي أقبلت على سنها الحكومة هي أول معرقل للإصلاحات والانفتاح الاقتصادي موقعة البلاد في فخ التناقض الذي كان ضحيته الأولى الفئات الهشة من المجتمع ثم الاقتصاد الوطني، كانت نتيجته تسريع الانفجار.
-
غير أن أكثر المراقبين تفاؤلا، يتساءلون عن الطريق الذي سينتهجه الرئيس بوتفليقة في تنفيذ محاولته السيطرة على الوضع مجددا منعا لأي انفجار على الطريقتين التونسية والمصرية، بنفس الفريق الذي أثبت إفلاسه ومحدوديته في التحولات التي حصلت في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، وكيف سيتم تطبيق إصلاح أو سياسة مغايرة بوزراء استنفدت قواهم ووجودهم وأثبتوا محدوديتهم رغم تدويرهم على عدة حقائب وزارية، حيث شاخ أغلبهم في مناصبهم منذ قدوم الرئيس على الحكم نهاية القرن الماضي.
-
ويقول الوزير السابق عبد العزيز رحابي، إنه لا يرى جديدا في كل الإجراءات التي أقرها الرئيس، مشيرا إلى أنها جاءت في الوقت بدل الضائع، على أساس أن رزمة الإجراءات التي اتخذت، هي بمثابة معاينة للوضع الراهن، واعتراف بالفشل متأخر جدا، بحسب المتحدث، مضيفا أن الموضوع الأهم الذي لم يتطرق إليه الرئيس هو موضوع العهدات والقيام بإصلاحات دستورية تعيد الجزائر إلى وضعها المتقدم جدا في الوطن العربي عندما كانت متمسكة بنظام العهدتين، مشددا على أن الإصلاحات الحقيقية التي يتحدث عنها الرئيس هي بمثابة الهدية المسمومة للرئيس القادم، لأنها جاءت متأخرة جدا، حيث اعترف الوزير الأول أمام نواب البرلمان بغرفتيه أن ما تم تنفيذه من مشروع تعزيز النمو للعهدة الثانية للرئيس بوتفليقة بين 2005 و2009 لم يتجاوز 20 مليار دولار من غلاف إجمالي 150 مليار دولار.
-
وحتى قبل النجاح في التوظيف الجيد للغلاف المخصص للعهدة الثانية، سارع الرئيس لتقرير غلاف إضافي بقيمة 156 مليار دولار إضافية بنفس الحكومة تقريبا مع بعض الجراحات التجميلية الطفيفة، مما أجل مرة أخرى تنفيذ الملفات الأكثر إلحاحا على غرار تخفيض البطالة والتوظيف الفعال للموارد ورسم سياسة تنموية فعلية وتحجيم القطاع الموازي ومكافحة الفساد والرشوة وإصلاح المدرسة ورفع جودة التكوين العالي والحد من تهريب المال إلى الخارج ووضع سياسة طاقوية فعلية بعيدا عن تعظيم مداخيل الدولة دون أن تجد الدولة أين تنفقها، والغريب أن أخطاء التسيير التي أصبحت أفعالا يجرمها القانون الجزائري من بين أهم العقبات أمام باب الاجتهاد الذي يقوم رؤساء المؤسسات والهيئات العمومية، مما يتطلب وبسرعة الشروع في تطبيق التعديل الذي أقره الرئيس يوم الخميس الماضي، بالإضافة إلى إعادة النظر في الآليات التي تحكم عمل البنوك والمؤسسات المالية والبنك المركزي الذي أصبحت مهمته شبه مقتصرة على مراقبة التوازنات الخارجية للبلاد، على حساب التنمية الوطنية.
-
ولم يتوقف عجز الحكومة عند هذا الحد، بل وصل إلى الحد من الارتفاع الخطير لحجم القطاع الموازي، وأصبحت غير قادرة على تطبيق القوانين التي سنتها لتطهير القطاع، وفشلت أيضا في تخفيض فعلي وحقيقي لمعدلات البطالة والتضخم ورفع معدلات النمو خارج قطاع المحروقات، كما فشلت في وضع خطة تنموية حقيقية قادرة على محاكاة النموذج التركي الذي تمكن من تحويل الاقتصاد التركي إلى ثاني أسرع اقتصاد نمو في العالم نهاية 2010، بعد 8 سنوات من شروع حكومة العدالة والتنمية في تطبيق خطة إصلاحات اقتصادية شاملة بدأتها سنة 2002 .